منتدى التوحيد والجهاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإخوان"؛ من تغيير العالم إلى التمتع به!

اذهب الى الأسفل

الإخوان"؛ من تغيير العالم إلى التمتع به! Empty الإخوان"؛ من تغيير العالم إلى التمتع به!

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي الثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:41 am

"الإخوان"؛ من تغيير العالم إلى التمتع به!
تحولات مشروع "الإخوان"
التحولات التي عاشتها حركة "الإخوان المسلمين" على مستوى الرؤية والمشروع والتنظيم وطبيعة الكوادر والقواعد؛ تعكس تحولا في "الروح الإخوانية"، التي عرفناها قبل عقدين من الزمان، بما يوشك أن يجعلنا بإزاء "إخوان" غير الذي كنا نعرفهم.

لقد أدى خروج "الإخوان" من الرؤية الكلية أو الرواية الكبرى للعالم والدخول في الواقع والآني والاشتباك مع تفاصيله وأجزائه الصغرى واندماج الجماعة اجتماعيا في النسيج الاجتماعي المصري إلى خفوت النفس النضالي الثوري الذي يطمح إلى تغيير العالم، وهو ما كان ملمحا بارزا للجماعة في مدها الثاني إبان حقبة السبعينيات.

كان "الحلم" أبرز سمات جيل السبعينيات الذي قام بالتأسيس الثاني للجماعة، كان التغيير الجذري هو أساس "المشروع الإخواني"؛ يبدأ بتغيير الفرد ولا يتوقف عند تغيير النظام، وهو العمل الذي لا يعدو مجرد خطوة بسيطة في عمل لا تنتهي خطواته إلا بإعلان "دولة الخلافة الإسلامية العالمية"، وكان الطريق إلى الخلافة أقصر من الانتظار، بل هو من القصر بما يغري بالانتقال إلى ما بعده؛ ما شكل الخلافة؟ وأين سيكون مقرها؟ بل وما الشعار المفترض لها؟!... وكلها أسئلة كانت تطرح للنقاش ليس في اللقاءات الخاصة فقط، بل وفي الدروس العامة، وكانت مبشرات تحقق الحلم جزءا من معاش يومي ونقاشات لا تتوقف بين "الأخوة".

كان طموح هؤلاء الشباب من طلاب الجماعة ليس أقل من "التغيير الشامل" لوجه الأرض، العالم الذي يجب أن يرحب بهم وبما ينتظره منهم... كان شعارهم الأثير؛ "صُمّت أذن الدنيا إن لم تسمع لنا"! كان لدي إخوان هذا الجيل رغبة عارمة في التغيير الجذري لبناء مستقبل وعالم آخر صاغته رؤية مثالية قد تبدو حالمة لكنها قادرة على أن تشحذ همهم للفعل.

لقد تراجع "الحلم" بتغيير العالم حتى لدي جيل الشباب - الحالم بطبعه - فضلا عن الكبار، فطموحات "شباب الإخوان" في الجامعة لم تعد تتجاوز السماح لها بالترشح في الانتخابات الطلابية، وأقصى مطالبهم صارت إصلاح اللائحة الطلابية والعودة إلى لائحة 1979! وإلى قبيل اندلاع مظاهرات الإصلاح في ربيع العام الماضي كان أهم نشاط أقامه "شباب الإخوان" في الجامعة في العام الماضي [2004 - 2005م] هو مظاهرة نظموها في جامعة الإسكندرية للتنديد بالعري والابتذال في أغاني الفيديو كليب! أما أقرانهم في جامعة القاهرة فكان قمة فعالياتهم تنظيم يوم طلابي بمناسبة عيد الحب أطلقوا عليه اسم "يوم محمد" [Mohamed Day]! لتقديم رؤية إسلامية في الحب!

لقد أفلت الروح الثورية النضالية بين "الإخوان" حتى في الأناشيد - صارت تسمى أغاني - فصارت تحفل بالمتعة وتحتفي بالترفيه والبهجة بعدما كانت تمجد الشهادة والتضحية في سبيل العقيدة والأوطان، وبعدما كانت تستمد كلماتها من أشعار هاشم الرفاعى والشهيد سيد قطب التي تفيض ثورة وتمرداً، صار يكتبها مؤلفو الأغاني الجدد الذين تغلب عليهم روح "الشعبية" والفكاهة وبعضها من رومانسيات الراحل سيد درويش في الغرام والغزل!

في "حقبة الحلم" كانت الكوادر تستغرقها روح زهد وتقشف وانصراف عن زينة الدنيا ومتاعها، فكان أقل القليل يكفي للعيش والزواج، وكان التزام القصد في النفقة وفي الملبس أصلا في السلوك، وكانت روح الجد حد الصرامة والتجهّم؛ سمتا به يعرفون، حتى في أوقات الفرح والسرور كانت تستغرقهم حالة الصرامة والجد، فيستحضرون وصية الأمام الشهيد حسن البنا التي تقول: (لا تكثر من الضحك فإن الأمة المجاهدة لا تعرف المزاح).

أما الآن فعكس ذلك هو ما يسود، النموذج الذي يلهب "الشاب الإخواني" ليس نموذج "رهبان الليل فرسان النهار" الذين كانت تتغنى لهم الأنشودة الإخوانية؛ "إذا جن المساء فلا تراهم من الإشفاق إلا ساجدينا"! بل هو نموذج "الجنتلمان الإسلامي" الذي يرتدي أبهي الحلل ويقتني أفخم السيارات ويعتلي أهم المناصب ولكنه يسخّر ذلك كله في سبيل الله!

تغيرت "حقبة الحلم"، فلم تعد الدنيا دار الابتلاء والشرور، ولم تعد "جحيم المؤمن" أو مجرد "شجرة" يستظل بها ثم يغادرها إلى الآخرة، بل صارت مرغوبة ومقصودة، والنجاح فيها معيار للإيمان الديني ومؤشرا على النجاح في الآخرة ... أقبل "الإخوان" على الدنيا وأعاد "الوعي الإخواني" توجيه بوصلته فصارت محاضن التربية والتكوين والتثقيف تخرّج نوعا جديدا من الكوادر، إنه كادر راغب في الدنيا بعد أن كان راغبا عنها، همّه أن يبني ذاته ويتعلم إدارتها ليستعد لمواجهة متطلبات الحياة أكثر مما يستعد لسؤال الآخرة، فحظه في الدنيا هو عنوان لحظه من الآخرة! ولديه من التراث ما يدعم رؤيته الجديدة فالمشروع الإسلامي يقوم به أمثال عثمان بن عفان والزبير بن العوام - رمزا لليسر والغني - وليس أهل الصُفّة من فقراء المهاجرين!

"الروح الإخوانية" الجديدة هي روح التعايش والتكيف مع الواقع كما هو دون السعي إلى تغييره، فقط إعطاؤه مسحة أخلاقية تحت لافتة الأسلمة!...إنها روح جديدة لا ترى أفقا آخر غير الذي نعيشه... فهي تريد الواقع نفسه ولكن بمزيد من التحسينات... وهذا ما سنجده في أدبياتهم الحديثة؛ ليس هناك دعوة إلي تغيير جذري وإنما تعديلات أو تحسينات على الواقع... ومن يقرأ "البرنامج السياسي للإخوان" في الانتخابات الأخيرة لن يجد فيه فروقا كبيرة عن غيره، وربما ظنه برنامج الحزب الوطني الحاكم!

تغيرت رؤية الإخوان للعالم وللآخر المختلف سياسيا أو دينيا، فالعالم - في الرؤية الجديدة - ليس غابة بلا قانون، وأهله ليس كلهم صليبيين وصهاينة، بل هناك شعوب صديقة وأمم متحدة ومؤسسات دولية يرجع إليها ويطلب منها أن تقيم العدل وأن تكف - فقط - عن الكيل بمكيالين! ولا حديث عن صورية هذه المؤسسات أو كونها مؤسسات بيد الامبريالية العالمية والصهيونية وقوى الكفر المعادية للإسلام - كما كان الحديث من قبل -

حين وقعت أزمة الإساءة إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم؛ تأخر التعاطي "الإخواني" مع الحدث عن معظم بل ربما كل القوى الإسلامية، بل وغير الإسلامية الأخرى في مصر والعالم الإسلامي، ثم صدر في مجرد بيان قصير مختزل فيما لا يزيد عن ثلاثة أسطر، يتحدث فيه "المرشد" كما لو كان رئيسا لواحدة من جمعيات النفع العام، فيستنكر الإساءة إلى النبي الذي هو "رمز الأمة العربية والإسلامية"، مؤكدا على أن الإساءة إليه؛ "لا يقبلها أصحاب الأديان السماوية"!

من يقرأ البيان سيختلط عليه الأمر فيما إذا كان "بيانا للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين" أم لأحد الشيوخ الرسميين، خاصة وأنه يتكلم عن النبي كرمز للأمة العربية والإسلامية، ثم هو يحمي ظهره في موقفه هذا بأصحاب الأديان السماوية!

لهجة البيان أقرب إلى البيانات الرسمية، تلتزم الهدوء والروية وتبتعد تماما عن الإثارة والتحريض، مكتفية بتسجيل موقف أكثر منها متطلبة لعمل يرد الإساءة، ثم هي تخلو تماما من أي إشارة إلى "المؤامرات" أو عداء "القوى الصليبية" أو "الصهيونية" و"الكفار" أعداء الإسلام ورسوله، بل وهي تستدعي أيضا تعاطف نصرة غير المسلمين.

إن التغيرات التي طالت "الروح الإخوانية" تقول؛ إننا بإزاء حالة تحول عامة وشاملة تطاول "المشهد الإخواني" برمته، وهي - على اختلاف درجة ونوع التحول - نتيجة للمشاركة الكثيفة والموسعة في العمل السياسي والعمل العام طوال الثلاثة عقود الأخيرة التي تلت التأسيس الثاني لـ "جماعة الإخوان المسلمين".

بقلم؛ حسام تمام
18/11/2006م

avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى