منتدى التوحيد والجهاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الإخوان"؛ من الخلافة إلى الدولة الوطنية

اذهب الى الأسفل

الإخوان"؛ من الخلافة إلى الدولة الوطنية Empty الإخوان"؛ من الخلافة إلى الدولة الوطنية

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي الثلاثاء ديسمبر 04, 2007 8:39 am

"الإخوان"؛ من الخلافة إلى الدولة الوطنية
تحولات مشروع "الإخوان"
من يتابع "المشروع الإخواني" في السنوات الأخيرة؛ سيكتشف أنه شهد تحولا بالغ الأهمية، انتقل به من أفق الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية العالمية إلى الاستيعاب كاملا في مشروع الدولة الوطنية القطرية الحديثة، التي بدا أنها استوعبت "المشروع الإخواني"، بعد أن ظل زمنا طويلا يسعى إلى تجاوزها.

لن يجد الباحث - بالضرورة - مراجعة واضحة صريحة من قبل الجماعة لقضية الخلافة والدولة الإسلامية العالمية، أو موقفا واضحا صريحا في الشكل النهائي للدولة "الإسلامية" التي يطمح إليها "الإخوان".

لكن مراجعة لتفاصيل العمل اليومي والآني وكثير من التصريحات المتناثرة لقادة الجماعة هنا وهناك؛ تقول - بلا لبس - أن "الرواية الكبرى" التي كانت تعيشها الجماعة وترفعها هدفا نهائيا لمشروعها؛ تفككت وتم تجاوزها تلقائيا ومن دون توقف للمراجعة أو حتى إعلان عن هذا التحول.

ومن يتابع الخطاب و "المسلكية الإخوانية" سيلحظ بسهولة أن خطاب إقامة الدولة الإسلامية واستعادة الخلافة قد توارى تماما في السنوات الأخيرة، حتى صار لا يكاد يبين!

يكفينا القول في هذا المقام؛ أن أهم الأدبيات "الإخوانية" التي صدرت في المسألة السياسية في السنوات الأخيرة أغفلت تماما - أو سقط منها - أي حديث أو إشارة لقضية إقامة دولة الخلافة الإسلامية، فالبيانات الرسمية للجماعة في السنوات الأخيرة - بدءا من ولاية المأمون الهضيبي تقريبا - كانت أقرب إلى بيانات لحزب سياسي محلي منه إلى جماعة دينية عالمية، خاصة بعد احتدام جدل الإصلاح السياسي في البلاد.

ومن يتابع حفلات الإفطار الرمضانية التي تنظمها الجماعة سنويا سيجد أن "المرشد" يبدو فيها أقرب إلى رجل الدولة منه إلى قيادة إسلامية عالمية، وأنها دائما ما تحلق في الأفق المحلي حضورا وجدلا ولا تبعد عنه إلى الشأن العربي الإسلامي إلا بشكل عام غير محدد، لا يختلف كثيرا عن مقاربة الأحزاب القومية.

وإذا نظرنا إلى مبادرة الإصلاح التي أصدرتها الجماعة في شهر مارس من عام 2004، والتي يمكن النظر إليها باعتبارها أهم ورقة متكاملة طرحتها الحركة في السنوات الخمس الأخيرة، سنجد أنها خلت تماما من قضية الخلافة، وجاءت محلية بحتة، غارقة في قضايا وهموم الشأن المصري البحث.

بل كانت المفارقة؛ أن أبرز التعديلات التي طالت المبادرة التي كانت تطويرا للبرنامج الانتخابي للجماعة عام 2000 هو إسقاط البعد الخارجي تماما، بما فيه القضيتين المركزيتين في العالم الإسلامي؛ فلسطين والعراق!

وفي الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ 2005، أسقطت الجماعة تماما كل ما تعلق بقضية الخلافة، ليس على مستوى البرنامج السياسي فقط، بل وحتى على مستوى "الرمزية"، إذ خلت الدعاية الانتخابية من أي إشارة إلى دولة "الخلافة الإسلامية" أو حتى "الدولة الإسلامية".

وكانت مفارقة مدهشة أن قارب النجاة أو السفينة التي كانت محور الدعاية "الإخوانية" في انتخابات 1987، التي كانت ترمز لـ "جماعة الإخوان" كقبطان يقود الأمة في معممات البحار، طرأ على شراعها التعديل، فلم يعد سداسيا كما كان يرمز إلى مراحل "المشروع الإخواني" الست، كما صاغها المرشد المؤسس الإمام حسن البنا - وهي؛ بناء الفرد المسلم، فالأسرة المسلمة، فالمجتمع المسلم، فالحكومة الإسلامية، فالدولة الإسلامية، فالخلافة الإسلامية وأستاذية العالم -

لقد جرى تعديلها لتصبح رباعية، وأسقطت منها خطوتا إقامة الدولة الإسلامية وإعادة الخلافة الإسلامية!

لقد أدى الدخول الكثيف حد الاستغراق في العمل السياسي وما يتعلق به من عمل عام إلى تماهي "المشروع الإخواني" في حدود الدولة الوطنية التي صارت منتهى سعي "المشروع الإخواني" الذي بدأ منذ تأسيسه عالميا.

وقد أدى الاستغراق في العمل السياسي وتفصيلاته إلى أن يغلب على "المشروع الإخواني" الاهتمام بالقضايا الداخلية المحلية، وأن تصير مفرداته وموضوعاته محلية بحتة في الأكثر الأعم، وصار الخطاب الإخواني أقرب إلى خطاب الأحزاب أو الجماعات الوطنية المحلية منه إلى الجماعات ذات المشروعات العالمية، ومن ثم توارت بهدوء قضايا الخلافة الإسلامية وكل ما يتصل بالمشروع العالمي.

لم يعد هناك حديث "إخواني" عن الدولة الإسلامية، بل صارت تظهر تسميات جديدة بعضها مراوغ - أحيانا - في حسن التخلص من "أزمة" الدولة الإسلامية، فصارت هناك مقاربات جديدة عن "دولة المسلمين" ثم "الدولة الآذنة بالإسلام" إلى "الدولة الديمقراطية ذات المرجعية الإسلامية" التي يطرحها جيل الوسط داخل الجماعة على لسان أبرز رموزه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح - عضو "مكتب الإرشاد" -!

لقد قطع "الإخوان" شوطا كبيرا في قضية الانتقال من التصور الديني لشكل الدولة إلى تصور مدني، وتجاوزوا في هذا الانتقال خطاب الأزهر الشريف والمؤسسة الدينية الرسمية.

وما قدمه "الإخوان" في قضية المواطنة يبدو بالغ الدلالة، إذ تبنوا التأسيس الشرعي لها متقدمين على الخطاب الديني الرسمي السائد حتى في الأزهر الشريف - رمز الاعتدال والوسطية -

وشهدت السنة الأخيرة التي احتدم فيها جدل الإصلاح في مصر؛ تصريحات من قيادات إخوانية نافذة - خاصة من جيل الوسط - تعلن القبول بالمواطنة الكاملة حتى لو انتهت برئيس غير مسلم، إذا ما جاءت بها صناديق الانتخابات.

وهو تصريح يصعب أن يصدر عن الحزب الحاكم - الحزب الوطني الديمقراطي - أو المؤسسات الدينية الرسمية - الأزهر الشريف - بل ولم يجد بعض قادة "الإخوان" - مثل الدكتور عصام العريان - حرجا في القبول بتأسيس حزب مسيحي، وهو إعلان لم يسبق إليه تيار سياسي أو ديني معتبر في الحياة السياسية بمصر، حتى داخل الكنيسة نفسها، بل وهو أقرب إلى أن يكون خروجا عن المستقر والسائد في مصر.

إن مراجعة سريعة في مواقف "الإخوان" من القضايا السياسية والاقتصادية الاجتماعية في مصر تقول؛ إن الجماعة صارت أقرب إلى حزب وطني قطري، بل وحزب يميني ذي توجهات ليبرالية في المسالة الاجتماعية الاقتصادية، حيث القبول أو عدم الممانعة للتحولات التي طالت البلاد باتجاه إقرار سياسيات التحول الاقتصادي نحو تبني اقتصاد السوق القائم على الخصخصة وإعادة الهيكلة وحرية التجارة وانسحاب الدولة.

وربما اقتصر اختلاف الطرح "الإخواني" في هذه القضايا على الإضافات الأخلاقية دون أي اختلافات جذرية، حيث ما زالت المسألة الأخلاقية تلقى اهتماما "إخوانيا"، دائما ما نراه في التشديد على محاربة العري والتحلل الأخلاقي والتأكيد على ضرورة التزام وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية والفنية والنخبة المثقفة بأخلاق المجتمع وتقاليده.

إنه التزام بأخلاقية لا تضمر بالضرورة طرحا مغايرا عن السائد، بل هي أخلاقية لم يعد يختلف فيها "الإخوان" كثيرا عن المجتمع المصري الذي تكونت لديه - في السنوات الأخيرة خاصة - حساسية في المسائل الأخلاقية، لا يكاد يستثني منها شريحة من شرائحه، بل صارت موضوعا للمزايدة حتى من قطاعات كانت بعيدة تقليديا عن هذه المساحة.

سنلحظ ذلك في أزمة مصادرة الروايات الثلاث التي تتضمن "خروجا" أخلاقيا التي صدرت عن وزارة الثقافة، فبالرغم من أن أحد نواب "الإخوان" في البرلمان هو من فجر القضية إلا أنه لم يطالب بالمصادرة، بل بألا تصدر بأموال دافعي الضرائب، فإذا بقيادة الحزب الحاكم تصعد القضية إلى الدعوة للمصادرة، فتفاجئ وزارة الثقافة الجميع بسحب الروايات وإقالة المسؤولين عن نشرها دفاعا عن الأخلاق والقيم والدين الإسلامي!

بقلم؛ حسام تمام
25/10/2006م

avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى