منتدى التوحيد والجهاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة إلى الأهل

اذهب الى الأسفل

رسالة إلى الأهل Empty رسالة إلى الأهل

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي السبت نوفمبر 03, 2007 7:45 am

رسالة إلى الأهل
أوراق من دفتر سجين
[الكاتب: أبو محمد المقدسي]

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

قال الله تعالى ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير )

وفي الآية الأخرى ( وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم)

إلى الوالد الكريم والوالدة العزيزة والأهل والأولاد أسأل الله تعالى أن يحفظهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله

ترددت في كتابة رسالة إليكم يوم سنحت أول فرصة ، كوني أوقن بقرب فرج الله ، وخشيت أن تفهموا من المراسلة يأسي واستبعادي للفرج ، كلا ..فوالله إنه عند الله بين الكاف والنون وأتوقعه في أي لحظة فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ..

ولكن وجدتها فرصة أكتب لكم بين يدي عيد الأضحى أذكركم بمعانيه العظيمة ،و أذكر نفسي في هذه الخلوة التي من الله بها علي في العشر من ذي الحجة فأكرمني بذكره وشكره وعبادته ما لم أكن لأحصله خارج هذه الخلوة ، فإن قدر الله أن أمضي العيد معكم فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وسأكلمكم بهذه المعاني مشافهة إن شاء الله تعالى ، وإن تكن الأخرى فالحمد لله على كل حال وقضاؤه كله للمؤمن خير ولا يشاك شوكة إلا كان له بها أجر وليس ذلك إلا للمؤمن وحده ..

نحن نستقبل يوما عظيما ، تذكروا في هذا اليوم العظيم - الذي اعتاد المسلمون أن يضحوا فيه - إبراهيم عليه السلام وملته العظيمة التي امرنا باتباعها ؛ وكيف نال تلك المرتبة العلية فصار خليل الرحمن حقا .. إنه لم ينلها إلا بعد أن حقق معنى ( الله أكبر ) تحقيقا عظيما ..

عندما تكبروا ونكبر جميعا صباح العيد .. الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد..

هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كوته تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى . أما حين يحقق معانيه ويعيشها ويستحضرها فيكون الله سبحانه حقا وفعلا أكبر عنده من كل شيء؛ أكبر من الوالد والولد والزوجة والأهل والعشيرة والدنيا كلها ؛ فهذه هي ملة إبراهيم التي صار بها إماما للناس فكان الله أكبر عنده من والده وعشيرته لما رفضوا ملته ودينه فقال لهم : ( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ) وإذ قال هو ومن معه من المؤمنين لقومهم : ( إنا برؤاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) . وكان الله حقا أكبر عنده من الزوجة والولد لما تركها هي وصغيرها في واد غير ذي زرع وأقفى مدبرا وهي تناديه : يا إبراهيم ! يا إبراهيم ! ..... وهو لا يلتفت لأن ذلك أمر الله وأمر الله أكبر عنده من العواطف وأكبر من كل شيء ، فلما أيست من رجوعه قالت : من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها ضرع ولا زرع ولا ماء ولا زاد ولا أنيس ؟ فقال : ربي أمرني .قالت :إذن لا يضيعنا .

تأملوا كيف حققت زوجته أيضا أن الله أكبر فلم تأبه بوجودها في تلك البقعة المقفرة التي لا أنيس بها ولا ماء وصغيرها يبكي في ذلك الواد لما علمت أن ذلك أمر الله ؛ لأنها توقن أن الله أكبر من كل شيء وما دامت تحقق أمره فلن يضيعها أو يضيع صغيرها ..

وكان الله حقا أكبر عند إبراهيم وابنه اسماعيل لما قال له : ( يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى . قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) ولا أدري من أيهما أعجب !! أمن صبر إبراهيم على طاعة ربه في ذبح ابنه أم من صبر اسماعيل واستسلامه وانقياده لأمر ربه حتى إنه ليقول لأبيه حين عزم على ذبحه : إذا أضجعتني فكبني على وجهي كي لا تدركك رحمة إن نظرت الى وجهي فتحول بينك وبين أمر الله ..

وتأملوا إيمان هاجر وتحقيقها لمعاني الله أكبر لما أتاها ابليس فقال لها إن إبراهيم يريد ذبح ابنك يزعم أن الله أمره بذلك .. فقالت : إن كان ربه أمره بذلك فتسليما لأمر الله .. فرده الله بغيظه ..

فلله درهم من أهل بيت مبارك من والد وزوج وولد فقد كان الله حقا عندهم أكبر من كل شيء ؛ ولذلك خلد الله ذكراهم العطرة هذه فيتذكرها المسلمون كل عام في الحج وفي الأضحى ويضحون كما ضحى إمامهم حين فدى الله ابنه بكبش عظيم .. لا أريد أن أسترسل فمعاني هذا اليوم معان عظيمة ؛ والذي أريد التذكير به من ذلك أن نحقق تكبير الله في حياتنا وأن نستعلي على حطامها .. ونصبر على بلائها ، فإذا كان أبونا إبراهيم قد عزم على ذبح ابنه في سبيل الله وطاعة له ، فأولى بنا أن نتقبل بصدر رحب فراقنا لأبنائنا حين يفارقوننا أو نفارقهم لسجن أو جهاد أو غيره ؛ ما دام ذلك لله وفي سبيل الله..وأنتم تعلمون أنني لم أدخل هذا المكان ولله الحمد لدنيا أو لمعصية وإنما أحتسب دوما أنني لم أدخله إلا لأجل ديني ودعوتي وملة إبراهيم التي أكتب فيها وأدعو إليها فأذكركم بالصبر واحتساب الأجر إن قدر الله أن أمضي العيد ها هنا ، فقضاء الله كله خير للمسلم..

ولا تفهموا من كلامي هذا حصر استحضار معاني التكبير العظيمة والجليلة فقط بعيد الأضحى ؛ بل يجب أن يصحبها المسلم على كل حال وفي كل آن ، أليس يردده المؤذن على مسامعنا مرارا كل يوم ونفتتح به صلاتنا ، وجميع أركانها تؤدى بالتكبير ، وبعد السلام نكبر الله ونسبحه ونحمده في أذكارنا ؟ فافتتاح الصلاة بهذا التكبير يذكر المسلم دوما بتلك المعاني العظيمة كي يستحضر تلك المعاني بين يدي صلاته فيكون من أهل الحضور كما يقول ابن القيم رحمه الله فيكون من المصلين بقلوبهم وأبدانهم فإن العبد إذا وقف بين يدي الله عز وجل وقد علم أن لا شيء أكبر منه سبحانه ومن أمره وأن الأمر كله لله ، وتحقق قلبه ذلك استحيى من الله ومنعته كبرياؤه وعظمته أن يشتغل بغيره أو يتعلق ويستعين بسواه أو يلجأ إلى الذين من دونه (والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء ) وما لم يستحضر المرء معاني التكبير هذه فهو واقف بين يدي ربه بجسمه ، وقلبه يهيم في أودية الوسواس والخطرات ويتعلق بمن هم دونه ، ولو كان الله أكبر من كل شيء في قلبه فعلا وحقا لما اشتغل عنه وصرف كلية قلبه إلى غيره ..

ولعل من الحكمة أن التكبير جُعل ملازما لجميع أركان الصلاة حتى إذا ما غفل المصلي عن هذه المعاني في ركن ؛ تذكرها بمجرد الانتقال إلى ركن آخر بالتكبير ، وهكذا سائر حياته أيضا .. فعليكم بتربية قلوبكم على ذلك حتى نحقق التكبير في كل أوقاتنا وحياتنا .. والله أكبر ولله الحمد ..

أخيرا سلا مي للوالد العزيز والوالدة العزيزة والأهل أجمعين وأذكرهم بقوله تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) فوالله إني لفي نعمة عظيمة في هذه الخلوة مع كتاب الله والمهم أن لا تنسوني بالدعاء وأن تسلموا لي على سائر الأحبة والإخوان ..ولا تغفلوا عن قوله تعالى : ( وإن يمسسك الله بضرّ فلا كاشف له الا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم ) فاسألوا الله من فضله .. هو مولانا نعم المولى وتعم النصير .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أبو محمد
الثلاثاء 15 ربيع الأول 1423هـ الموافق 28/5/ 2002م
زنزانة 64- سجن المخابرات العامة
avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى