منتدى التوحيد والجهاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحب في الله مفتاح النصر

اذهب الى الأسفل

الحب في الله مفتاح النصر Empty الحب في الله مفتاح النصر

مُساهمة من طرف الانصاري السبت نوفمبر 03, 2007 11:57 am

علامات فارقة على الطريق


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الصادق الأمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحابته الطيبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد...

فقد قال الباري جل وعلا: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}، وقال تعالى: {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [رواه مسلم].

وقال عليه صلوات ربي وسلامه: (والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) [سنن أبي داود].

ففي الآيتين الكريمتين؛ بيَّن الله عز وجل أن الأنبياء والرسل والمؤمنين من بعدهم هم الموعودون بنصر الله.

وفي الحديث الأول؛ يبين الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن المؤمنين كالجسد، وأن الود والتراحم هما الرابط الذي يربط بين أعضائه، فإذا ما غاب الود وعُدِمت الرحمة تقطعت أوصال ذلك الجسد وتزلزلت أركانه.

وأما الحديث الثاني؛ فأشار فيه صلى الله عليه وسلم إلى أن الإيمان هو مفتاح الجنة، وأن الحب في الله هو مفتاح الإيمان.

فإذا كان الحب في الله هو مفتاح الإيمان، وإذا كان كما أخبر أصدق القائلين سبحانه وتعالى؛ أنه تكفل بالنصر للمؤمنين، إذاً فلا غرو إذا قلنا؛ إنَّ الحب في الله هو طريق النصر ومفتاحه، ولا غرابة إن تأخَّر النصر عن الأمة المجاهدة فيما لو ابتعدت عن معاني الحب وفقدت بذلك سبباً من أهم أسباب نصرها! ولا عجب أن تتوالى المصائب عليها فيما لو فقدت روح الأخوة بينها، أو فيما لو خبت جذوة المودة وضعفت أواصرها.

فالرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن انتفاء المحبة يؤدي إلى انتفاء كمال الإيمان، وبالتالي عدم استكمال أسباب النصر والفلاح.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (وهل الإيمان إلا الحب في الله والبغض في الله؟!).

وهناك مقولة لإمام المجاهدين في هذا العصر الشيخ عبد الله عزام رحمه الله، قال فيها: (والحب هو الذي يدفع النفس للطاعة والتضحية، ويحفزها للتنفيذ والعمل).

وقال رحمه الله: (الحب في الله؛ هو عنوان فلاح الجماعات).

وإنَّ أجدر من نبدؤه الحب؛ هو الله الخالق الرازق الباري المعطي الواهب الحافظ الودود القريب المجيب الناصر القادر، تبارك وتعالى، ثم نبيه ورسوله الهادي إليه بإذنه صلى الله عليه وسلم، النبي الكريم والسراج المنير، الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم.

الذي قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) [رواه البخاري].

ومحبة الله تبارك وتعالى؛ ليست ادعاء في مقال، بل هي عمل وامتثال، طاعة وإجلال، اجتنابٌ للحرام وعملٌ بالحلال، التزام بما أمر الله به وقال، ومراقبته في كل حال، وتأدية ما فرض من أعمال، فالمحبُّ لا يغضب من يحب، بل يسعى لسروره ورضاه خصوصاً إذا كان المحبوب هو الله تبارك في جلاله وعلاه!

كذلك فإن حب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، يقتضي طاعته واحترامه، واتباع هديه والتزامه، والعمل بأمره ونهيه، والتقيد بسنته ونهجه، والتشبه بخلقه، وحب المؤمنين من أمته.

فلنصغ إلى قول ربنا جل وعلا: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}، وقوله عز وجل: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ}، وإلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء}، وقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.

وممَّّا تستوجبه موالاة المؤمنين ومحبتهم من تبعات:


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصر المؤمن ظالماً أو مظلوماً، فتعينه على من ظلمه، وتأخذ على يده عن غيه وظلمه إن ظلم.


ومما تستوجبه هذه المحبة إنزال الناس منازلهم، ومعرفة الفضل لأهل السابقة، فقد قال الله عز وجل: {وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم) [سنن أبي داود].

وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: (ما أكرم شاب شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه ثم سنه) [سنن الترمذي].

فإنزال الناس منازلهم وإكرامهم؛ عنوان محبة ومودة ومدعاة لترسيخهما.

وهكذا كان دأب السلف الصالح رضي الله عنهم.

فقد قال الإمام الشافعي في الإمام أحمد رحمهما الله: (لقد خرجت من بغداد وما خلَّفت فيها رجلاً أورع ولا أزهد ولا أعلم من أحمد بن حنبل).

وقال رحمه الله:

قالوا يزورك أحمد قلت المكارم لا تفارق أحمدا

إن زارني فبفضله أو زرته فبفضله فالفضل في الحالين له


وقال أحمد في الشافعي رحمهما الله: (ما دعوت الله منذ ثلاثين عاماً إلا دعوت للشافعي، كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للبدن، فهل عن هذين من غنى؟!).

ويقول الشيخ عبد الله عزام رحمه الله معلقاً على ذلك: (بمثل هؤلاء تقوم الأمم وتنتصر الجماعات، وعلى أمثالهم تتآلف القلوب وتلتقي الأفئدة).


وكذا احترام الكبير، والعطف على الصغير.

فالرسول صلوات ربي وسلامه عليه يقول: (ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) [مسند الإمام أحمد].

وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) [مسند الإمام أحمد].

والتوقير والعطف؛ مؤشران على الحب، فإن المرء إذا أحب امرءاً خاف من حزنه، وخاف من غضبه، وراعى مشاعره فاحترمه ووقره إن كان كبيراً، وعطف عليه وترأف به إن كان صغيراً، والمُبْغِض - مهما تجمَّل وتصنَّع - لا يمكنه احترام كبير ولا تلطف بصغير، وهذا لا يُحمل على ترك واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فخلاصة القول:

أن حبَّّ الله ورسوله وحبَّ من يحبه من عباده وحبَّ عملٍ يقرِّب من حبه جل جلاله؛ مطلب شرعي، وعلامة إيمان، وباب نصر، ومفتاح جنة.

اللهم أسألك حبك وحب من يحبك، وحب عمل يقربني إلى حبك.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل


بقلم؛ أسد الله الحسني
مجلة طلائع خرسان، العدد السادس
ربيع الأول/1427 هـ
avatar
الانصاري

المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 03/11/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى