ورقات في الردة وصورها في العراق
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ورقات في الردة وصورها في العراق
ورقات في الردة وحكمها وصورها في العراق
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحَمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديه , ونعوذ بالله من شُرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، مَن يهدِه اللهُ فهوَ المُهتدِ ومَن يُضلل فلن تَجدَ لهُ ولياً مُرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وَحده لا شريك له وأشهد أن مُحمداُ عَبدهُ وَرَسوله , والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين مُحمد وعلى آلهِ صَحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ((الأحزاب( 70/71) ..
أما بعد..
رزقنا الله وإياكم الفهم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهما.
نستعرض مستجدات واقعنا وما آل إليه الناس من أصناف شتى في ظل هذه المحن التي يمر بها المسلمون في بقاع المعمورة مع عدو الله عدوهم, حَيْثُ تَحَزَّبَتْ النَّاسُ ثَلاَثَةَ أَحْزَابٍ : حِزْبٌ مُجْتَهِدٌ فِي نَصْرِ الدِّينِ ، وَآخَرُ خَاذِلٌ لَهُ ، وَآخَرُ خَارِجٌ عَنْ شَرِيعَةِ الإسلام ، وَانْقَسَمَ النَّاسُ مَا بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَعْذُورٍ ، وَآخَرُ قَدْ غَرَّهُ بِاَللَّهِ الْغَرُورُ ، وَكَانَ هَذَا الِامْتِحَانُ تَمْيِيزًا مِنْ اللَّهِ وَتَقْسِيمًا : ﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب : 24] .
ولقد ذكرهم الله سبحانه في كتابه العزيز في غير موطن فقال عزّ من قائل واصفا لنا الصنف الأول ﴿ إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات : 15]
قَالَ تَعَالَى (﴿ إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ﴾) [ التوبة : 111 ]
إما الصنف الثاني فقال تَعَالَى : (﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً . مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً . سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾) [ الأحزاب : 60 – 62 ]
وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ . لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾)[ التوبة :56- 57]
وأما الصنف الثالث فقال عنهم : (﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ ﴾ [ الحشر : 2 ]
وقال تعالى :﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا . سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ [ الأحزاب : 60 – 62 ] .
وفي هذه الورقات نستعرض صنف من الناس كانوا مؤمنين ثم أصبحوا كافرين ارتدوا عن الدين. فما هو حكمهم في شريعة الله تعالى ؟ وما هي صورهم في العراق ؟لكي يتبصر المؤمنون الصابرون بهم ، ويتبصرون هم بأنفسهم ليعودوا عما هم عليه للصواب ولدين الله الحق.
يقول الله تعالى: ((ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [البقرة:217]
الردة: لغة الرجوع في الطريق الذي جاء منه.
اصطلاحا: رجوع المسلم البالغ العاقل عن الإسلام إلى الكفر باختياره دون إكراه من أحد.
جاء في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي (ت587هـ):
(أما ركن الردة فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان؛ إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان) [7/134].
ويقول البـهــوتي الحنبلي في كشاف القناع:
(المرتد شرعاً الذي يكفر بعد إسلامه نطقاً أو اعتقاداً، أو شكاً، أو فعلاً) [6/136].
ويمكن أن نخلص إلى أن الـــردة هي الرجوع عن الإسلام إما باعتقاد أو قول أو فعل، ولا يخفى أن هذا التعريف يقابل تعريف الإيمان بأنه: اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح،
وإذا قلنا: إن الإيمان قول وعمل ـ كما في عبارات متقدمي أئمة السلف ـ أي قول القلب وعمله، وقول اللـسـان، وعمل الجوارح،
فإن الردة ـ أيضاً ـ قول وعمل،
فقد تكون الردة قولاً قلبياً كتكذيب الله ـ تعالى ـ في خبره، أو اعتقاد أن خالقاً مع الله ـ عز وجل ـ، وقد تكون عملاً قلبياً كبغض الله ـ تعالى ـ أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو الإتباع والاستكبار عن إتباع الرسول،وقد تكون مناصرة أعداء الله على عباد الله وذلك بإظهار الرضى بما يقوم به المحتل الكافر بالمسلمين
وقد تكون الردة قولاً باللسان كسبِّ الله ـ تعالى ـ أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو الاستهزاء بديـــن الله ـ تعالى ،وهذا ينطبق على أصحاب الأقلام المسمومة التي تدافع عن المحتل بالخطابات والمقالات والمقابلات على قنوات التلفاز وغيرها من وسائل الإعلام
وقد تقع الردة بعمل ظاهر من أعمال الجوارح كالسجود للصنم، أو اهانة المصحف. او بمساندة ومعاونة المحتل الكافر بكل ما أتوا من قوة ومد حتى بالمعلومات عن المسلمين او كشف عورات المسلمين لهم .
يقول الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين . فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم …" إلى قوله " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اله يقوم يحبهم ويحبونه …" الآيات ، [المائدة 51-57].
وقال تعالى: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ".[آل عمرن:28]
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى ، المؤكدة له ، تأكيدا يمنع تأويل الجاهلين ، وتحريف المبطلين.
فاتخاذ الكفار أولياء من دون المؤمنين ، أي مناصرتهم ومظاهرتهم ومعاونتهم على أهل الإسلام كفر صريح ، وردة سافرة ، وعلى هذا انعقد إجماع أهل العلم.
وقد جمعت هنا شيئا من كلامهم ، رغبة في تذكير الغافل ، وتعليم الجاهل ، وإرغام المعاند " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 18/300 ،
بعد ذكر قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " إلى قوله " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه …" : (فالمخاطبون بالنهى عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة ، ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة، وهو لما نهى عن موالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم، بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئا، بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ، كما قال في أول الأمر "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها كافرين" ، فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه لا يضرون الإسلام شيئا بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة
فتوى العلامة محمد بن مصطفى الطرابلسي رحمه الله:
جاء في النوازل الكبرى (3/78-81) :
(وسئل أيضا عن بلدة استولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إليهم بعض القبائل والعشائر ، وصاروا يقاتلون معهم المسلمين وينهبون مالهم ، وينصحون الكفار ويعينونهم على أذى المسلمين ، فكانوا أشد ضررا على المسلمين من الكفار ، فما الحكم فيهم وهذا حالهم؟
فأجاب : إني لم أقف على حكم هؤلاء في كتب مذهبنا معشر الحنفية ولكن وقفت على حكمهم في كتب بعض السادات المالكية، قال في فتح الثغر الوهراني:
لما دعا الناس سلطان الجزائر إلى جهاد الكفار الذين استولوا على ثغر وهران ، جاءوا إليه من كل فج عميق ، وكان هذا غير حال القبائل العامرية ، وأما بنو عامر فإنهم كانوا في ذلك على فرق، منهم من نجا بحصون العدو مدافعا عن نفسه ومعينا للعدو بسيفه وفلسه ، فكانوا يقاتلون المسلمين مع عدوهم ويدفعون عنه ، ويغزون على الحجلة المنصورة بالله تعالى، حتى إنهم كانوا على المسلمين أشد ضررا من الكافرين ، وهكذا كان بعض القبائل ؛ والظاهر أن حكم هؤلاء حكم أهل دار الحرب في قتلهم وأخذ مالهم …)
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
( اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة … الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين".) . الدرر السنية 10/92 ، الطبعة الخامسة ، مجموعة التوحيد ص 23 ، الطبعة الرابعة.
وقال الشيخ أيضا ، في شرح ستة مواضع من السيرة :
(فإذا عرفت هذه عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض ، كما قال تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله"). مجموعة التوحيد ص 19
وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله :
(الأمر الثالث : مما يصير المسلم به مرتدا : موالاة المشركين ، والدليل قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" وقوله تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء" فذكر في الآية الأولى أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، وظاهرها أن من تولاهم فهو كافر مثلهم ، ذكر معناه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) سبيل النجاة والفكاك ص 77 ، مجموعة التوحيد ص 242
وقال أحمد شاكر رحمه الله في "كلمة الحق":
(أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس.
وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون).
وقال ( ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم [ أي الفرنسيين] حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز :
(أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء ، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقص الإسلام لقول الله عز وجل "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"). فتاوى إسلامية 0 جمع محمد بن عبد العزيز المسند ج4 السؤال الخامس من الفتوى رقم 6901 .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
(ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة نعوذ بالله من ذلك). الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص 351 .
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله :
(وأما الوقوف مع دول الكفر على المسلمين ومعاونتهم عليهم فإنه يجعل فاعل ذلك منهم ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " والآيات في هذا كثيرة .)
وقال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله :
(أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يعتد بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا …)
وما إلى ذلك من إجماع علماء الأمة سلفا وخلفا على إن تولي الكفار والمشركين كفر مخرج من الملة.
وأفتى الشيخ عبد العزيز الراحجي حفظه الله
ما حكم موالاة الكفار والمشركين ؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرج من الملة ؟
الجواب :
موالاة الكفار والمشركين إذا كان ذلك تولياً لهم فهو كفر وردة وهي محبتهم بالقلب وينشأ عنه النُصرة والمساعدة بالمال أو بالسلاح أو بالرأي قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال الله تعالى : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وقال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ...) الآية ، فتولي الكفار كفر وردة ؛ لأن أصل التولي المحبة في القلب ثم ينشأ عنها النُصرة والمساعدة.
حكمهم
أما حكمه في الدنيا ؛ فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه))، رواه البخاري ومسلم،وأجمع العلماء على ذلك ، وما يتبع ذلك من عزل زوجته عنه ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله .
وان الأحكام الشرعية المترتـبــــة على المرتد من: القتل، وعدم الصلاة عليه، وحل ماله،
إنهاء العلاقة الزوجية: إذا ارتد الزوج أو الزوجة انقطعت علاقة كل منها بالآخر وهذه الفرقة تعتبر فسخا
والمرتد لا يرث أحدا من أقاربه المسلمين، لأن المرتد لا دين له، فإن قتل المرتد ولم يرجع إلى الإسلام، انتقل ماله هو إلى ورثته المسلمين للحديث: ((لا يرث الكافر المسلم))رواه الأربعة
وأما حكمه في الآخرة . فقد بينه الله تعالى بقوله : ((وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون )).
صور الردة في العراق المحتل
أما في وقتنا الحاضر وما يمر به أهل السنة والجماعة في العراق من تحديات عدة تضاف إلى التحدي الأكبر ألا وهو مقاومة العدو المحتل لأرضه وانتهاك عرضه واغتصاب ثرواته ، نجد أن كثير من الناس قد حالفوا هذا العدو وكانوا معه على صور عدة .فمنها
• كل من انتسب إلى المؤسسات الأمنية ( الشرطة والجيش والأمن والمخابرات ) إلا من كان مغمسا بينهم فهذا لا يقع عليه حكم المنتسب المرتد بل هو حكمه كالاستشهادي بينهم إن علموا به قتلوه .
• كل من تسلم سلطة من المحتل او من حكومة الاحتلال وفيها نصرة وإعانة للمحتل و تنفيذا لأوامره و تخذيل وإضعاف و اهانة للمسلمين سواء كانت مدنية او عسكرية .
• كل من وضع يده مع المحتل مجتهد بدخوله او متأولا بذلك . لا الوقت ولا الحال يصلحان للاجتهاد فعليهم بعد أن تبين الحال الرجوع إلى الحق المبين.
• كل من وضع يده مع المحتل لمقاتلة المجاهدين الذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله ووعدهم الله بإحدى الحسنين . وان صدر منهم الأخطاء في القتال او في التأويل، فكل هذا لا يعطي مبررا لوضع اليد وقتالهم مع المحتل الكافر وأعوانهم و أمثال ذلك ما يسمى بالصحوات او مجالس الإسناد او الإنقاذ ، فكل هؤلاء تبع للكافر ومنفذة لأوامره في قتل المسلمين.
• كل من سخر قلمه او جريدته او قناته لخدمة هؤلاء الكفار المحتلين و أعوانهم وحكومتهم التي تغتصب ارض المسلمين.فهم وبهذا الفعل يكونون قتل تولوا الكافر كلا حسبما يتيسر له من جهد.
هذه هي الصور الظاهرة للأعيان في وقتنا الحاضر على ارض الرباط والجهاد بلاد الرافدين
ونلخص إلى القول الأتي :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
في هذا المقام: (فإنه لو لم يقتل ذلك [المرتد] لكان الداخل في الدين يخرج منه؛ فقتله حفظ لأهل الدين وللدين؛ فإن ذلك يمنع مـن الــنـقــص ويمـنـعـهـم من الخـروج عنه) الفتاوى 20/102.
ونقول وبالله التوفيق:
نقاتل كل من تولى الكافر وحكومته وعمل فيها على الصور آنفة الذكر جملة واحدة وأينما نجدهم لقوله تعالى: (( ودُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً )) [النساء : 89]
الحمد لله ناصر المؤمنين على القوم الكافرين
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدنا
اللهم إن كان فيه من الخطأ فمني ومن الشيطان فاني ابرأ إليك منه وأتوب إليك
وان كان فيه من الصواب فمنك وحدك
إعداد
أبو هاجر الخالدي
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحَمدَ للهِ نحمَدُهُ ونستعينهُ ونستغفرهُ ونستهديه , ونعوذ بالله من شُرورِ أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، مَن يهدِه اللهُ فهوَ المُهتدِ ومَن يُضلل فلن تَجدَ لهُ ولياً مُرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وَحده لا شريك له وأشهد أن مُحمداُ عَبدهُ وَرَسوله , والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين مُحمد وعلى آلهِ صَحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ((الأحزاب( 70/71) ..
أما بعد..
رزقنا الله وإياكم الفهم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهما.
نستعرض مستجدات واقعنا وما آل إليه الناس من أصناف شتى في ظل هذه المحن التي يمر بها المسلمون في بقاع المعمورة مع عدو الله عدوهم, حَيْثُ تَحَزَّبَتْ النَّاسُ ثَلاَثَةَ أَحْزَابٍ : حِزْبٌ مُجْتَهِدٌ فِي نَصْرِ الدِّينِ ، وَآخَرُ خَاذِلٌ لَهُ ، وَآخَرُ خَارِجٌ عَنْ شَرِيعَةِ الإسلام ، وَانْقَسَمَ النَّاسُ مَا بَيْنَ مَأْجُورٍ وَمَعْذُورٍ ، وَآخَرُ قَدْ غَرَّهُ بِاَللَّهِ الْغَرُورُ ، وَكَانَ هَذَا الِامْتِحَانُ تَمْيِيزًا مِنْ اللَّهِ وَتَقْسِيمًا : ﴿ لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب : 24] .
ولقد ذكرهم الله سبحانه في كتابه العزيز في غير موطن فقال عزّ من قائل واصفا لنا الصنف الأول ﴿ إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات : 15]
قَالَ تَعَالَى (﴿ إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ﴾) [ التوبة : 111 ]
إما الصنف الثاني فقال تَعَالَى : (﴿ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إلاَّ قَلِيلاً . مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً . سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾) [ الأحزاب : 60 – 62 ]
وَقَالَ تَعَالَى ﴿ وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ . لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ ﴾)[ التوبة :56- 57]
وأما الصنف الثالث فقال عنهم : (﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ ﴾ [ الحشر : 2 ]
وقال تعالى :﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الأدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا . سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ [ الأحزاب : 60 – 62 ] .
وفي هذه الورقات نستعرض صنف من الناس كانوا مؤمنين ثم أصبحوا كافرين ارتدوا عن الدين. فما هو حكمهم في شريعة الله تعالى ؟ وما هي صورهم في العراق ؟لكي يتبصر المؤمنون الصابرون بهم ، ويتبصرون هم بأنفسهم ليعودوا عما هم عليه للصواب ولدين الله الحق.
يقول الله تعالى: ((ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ) [البقرة:217]
الردة: لغة الرجوع في الطريق الذي جاء منه.
اصطلاحا: رجوع المسلم البالغ العاقل عن الإسلام إلى الكفر باختياره دون إكراه من أحد.
جاء في بدائع الصنائع للكاساني الحنفي (ت587هـ):
(أما ركن الردة فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان؛ إذ الردة عبارة عن الرجوع عن الإيمان) [7/134].
ويقول البـهــوتي الحنبلي في كشاف القناع:
(المرتد شرعاً الذي يكفر بعد إسلامه نطقاً أو اعتقاداً، أو شكاً، أو فعلاً) [6/136].
ويمكن أن نخلص إلى أن الـــردة هي الرجوع عن الإسلام إما باعتقاد أو قول أو فعل، ولا يخفى أن هذا التعريف يقابل تعريف الإيمان بأنه: اعتقاد بالجنان وقول باللسان وعمل بالجوارح،
وإذا قلنا: إن الإيمان قول وعمل ـ كما في عبارات متقدمي أئمة السلف ـ أي قول القلب وعمله، وقول اللـسـان، وعمل الجوارح،
فإن الردة ـ أيضاً ـ قول وعمل،
فقد تكون الردة قولاً قلبياً كتكذيب الله ـ تعالى ـ في خبره، أو اعتقاد أن خالقاً مع الله ـ عز وجل ـ، وقد تكون عملاً قلبياً كبغض الله ـ تعالى ـ أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو الإتباع والاستكبار عن إتباع الرسول،وقد تكون مناصرة أعداء الله على عباد الله وذلك بإظهار الرضى بما يقوم به المحتل الكافر بالمسلمين
وقد تكون الردة قولاً باللسان كسبِّ الله ـ تعالى ـ أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أو الاستهزاء بديـــن الله ـ تعالى ،وهذا ينطبق على أصحاب الأقلام المسمومة التي تدافع عن المحتل بالخطابات والمقالات والمقابلات على قنوات التلفاز وغيرها من وسائل الإعلام
وقد تقع الردة بعمل ظاهر من أعمال الجوارح كالسجود للصنم، أو اهانة المصحف. او بمساندة ومعاونة المحتل الكافر بكل ما أتوا من قوة ومد حتى بالمعلومات عن المسلمين او كشف عورات المسلمين لهم .
يقول الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين . فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم …" إلى قوله " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي اله يقوم يحبهم ويحبونه …" الآيات ، [المائدة 51-57].
وقال تعالى: " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ".[آل عمرن:28]
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على هذا المعنى ، المؤكدة له ، تأكيدا يمنع تأويل الجاهلين ، وتحريف المبطلين.
فاتخاذ الكفار أولياء من دون المؤمنين ، أي مناصرتهم ومظاهرتهم ومعاونتهم على أهل الإسلام كفر صريح ، وردة سافرة ، وعلى هذا انعقد إجماع أهل العلم.
وقد جمعت هنا شيئا من كلامهم ، رغبة في تذكير الغافل ، وتعليم الجاهل ، وإرغام المعاند " ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ".
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى 18/300 ،
بعد ذكر قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء " إلى قوله " يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه …" : (فالمخاطبون بالنهى عن موالاة اليهود والنصارى هم المخاطبون بآية الردة ، ومعلوم أن هذا يتناول جميع قرون الأمة، وهو لما نهى عن موالاة الكفار وبين أن من تولاهم من المخاطبين فإنه منهم، بين أن من تولاهم وارتد عن دين الإسلام لا يضر الإسلام شيئا، بل سيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه فيتولون المؤمنين دون الكفار ويجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ، كما قال في أول الأمر "فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها كافرين" ، فهؤلاء الذين لم يدخلوا في الإسلام وأولئك الذين خرجوا منه بعد الدخول فيه لا يضرون الإسلام شيئا بل يقيم الله من يؤمن بما جاء به رسوله وينصر دينه إلى قيام الساعة
فتوى العلامة محمد بن مصطفى الطرابلسي رحمه الله:
جاء في النوازل الكبرى (3/78-81) :
(وسئل أيضا عن بلدة استولى عليها الكفار وتمكنوا منها فانضم إليهم بعض القبائل والعشائر ، وصاروا يقاتلون معهم المسلمين وينهبون مالهم ، وينصحون الكفار ويعينونهم على أذى المسلمين ، فكانوا أشد ضررا على المسلمين من الكفار ، فما الحكم فيهم وهذا حالهم؟
فأجاب : إني لم أقف على حكم هؤلاء في كتب مذهبنا معشر الحنفية ولكن وقفت على حكمهم في كتب بعض السادات المالكية، قال في فتح الثغر الوهراني:
لما دعا الناس سلطان الجزائر إلى جهاد الكفار الذين استولوا على ثغر وهران ، جاءوا إليه من كل فج عميق ، وكان هذا غير حال القبائل العامرية ، وأما بنو عامر فإنهم كانوا في ذلك على فرق، منهم من نجا بحصون العدو مدافعا عن نفسه ومعينا للعدو بسيفه وفلسه ، فكانوا يقاتلون المسلمين مع عدوهم ويدفعون عنه ، ويغزون على الحجلة المنصورة بالله تعالى، حتى إنهم كانوا على المسلمين أشد ضررا من الكافرين ، وهكذا كان بعض القبائل ؛ والظاهر أن حكم هؤلاء حكم أهل دار الحرب في قتلهم وأخذ مالهم …)
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
( اعلم أن من أعظم نواقض الإسلام عشرة … الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ، والدليل قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين".) . الدرر السنية 10/92 ، الطبعة الخامسة ، مجموعة التوحيد ص 23 ، الطبعة الرابعة.
وقال الشيخ أيضا ، في شرح ستة مواضع من السيرة :
(فإذا عرفت هذه عرفت أن الإنسان لا يستقيم له إسلام ولو وحد الله وترك الشرك إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض ، كما قال تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله"). مجموعة التوحيد ص 19
وقال الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله :
(الأمر الثالث : مما يصير المسلم به مرتدا : موالاة المشركين ، والدليل قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" وقوله تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء" فذكر في الآية الأولى أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، وظاهرها أن من تولاهم فهو كافر مثلهم ، ذكر معناه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى) سبيل النجاة والفكاك ص 77 ، مجموعة التوحيد ص 242
وقال أحمد شاكر رحمه الله في "كلمة الحق":
(أما التعاون مع الإنجليز بأي نوع من أنواع التعاون، قلّ أو كثر، فهو الردّة الجامحة، والكفر الصّراح، لا يقبل فيه اعتذار، ولا ينفع معه تأول، ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء، ولا سياسة خرقاء، ولا مجاملة هي النفاق، سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء، إلا من جهل وأخطأ، ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين، فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم، إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس.
وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة، حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية، من أي طبقات الناس كان، وفي أي بقعة من الأرض يكون).
وقال ( ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون، وإن التعاون معهم [ أي الفرنسيين] حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة، أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز :
(أما الكفار الحربيون فلا تجوز مساعدتهم بشيء ، بل مساعدتهم على المسلمين من نواقص الإسلام لقول الله عز وجل "ومن يتولهم منكم فإنه منهم"). فتاوى إسلامية 0 جمع محمد بن عبد العزيز المسند ج4 السؤال الخامس من الفتوى رقم 6901 .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله:
(ومن مظاهر موالاة الكفار إعانتهم ومناصرتهم على المسلمين ومدحهم والذب عنهم وهذا من نواقض الإسلام وأسباب الردة نعوذ بالله من ذلك). الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد ص 351 .
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله :
(وأما الوقوف مع دول الكفر على المسلمين ومعاونتهم عليهم فإنه يجعل فاعل ذلك منهم ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم " والآيات في هذا كثيرة .)
وقال الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي رحمه الله :
(أما مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم عليهم فهي كفر ناقل عن ملة الإسلام عند كل من يعتد بقوله من علماء الأمة قديما وحديثا …)
وما إلى ذلك من إجماع علماء الأمة سلفا وخلفا على إن تولي الكفار والمشركين كفر مخرج من الملة.
وأفتى الشيخ عبد العزيز الراحجي حفظه الله
ما حكم موالاة الكفار والمشركين ؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرج من الملة ؟
الجواب :
موالاة الكفار والمشركين إذا كان ذلك تولياً لهم فهو كفر وردة وهي محبتهم بالقلب وينشأ عنه النُصرة والمساعدة بالمال أو بالسلاح أو بالرأي قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وقال الله تعالى : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) وقال تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ...) الآية ، فتولي الكفار كفر وردة ؛ لأن أصل التولي المحبة في القلب ثم ينشأ عنها النُصرة والمساعدة.
حكمهم
أما حكمه في الدنيا ؛ فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم ((من بدل دينه فاقتلوه))، رواه البخاري ومسلم،وأجمع العلماء على ذلك ، وما يتبع ذلك من عزل زوجته عنه ومنعه من التصرف في ماله قبل قتله .
وان الأحكام الشرعية المترتـبــــة على المرتد من: القتل، وعدم الصلاة عليه، وحل ماله،
إنهاء العلاقة الزوجية: إذا ارتد الزوج أو الزوجة انقطعت علاقة كل منها بالآخر وهذه الفرقة تعتبر فسخا
والمرتد لا يرث أحدا من أقاربه المسلمين، لأن المرتد لا دين له، فإن قتل المرتد ولم يرجع إلى الإسلام، انتقل ماله هو إلى ورثته المسلمين للحديث: ((لا يرث الكافر المسلم))رواه الأربعة
وأما حكمه في الآخرة . فقد بينه الله تعالى بقوله : ((وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون )).
صور الردة في العراق المحتل
أما في وقتنا الحاضر وما يمر به أهل السنة والجماعة في العراق من تحديات عدة تضاف إلى التحدي الأكبر ألا وهو مقاومة العدو المحتل لأرضه وانتهاك عرضه واغتصاب ثرواته ، نجد أن كثير من الناس قد حالفوا هذا العدو وكانوا معه على صور عدة .فمنها
• كل من انتسب إلى المؤسسات الأمنية ( الشرطة والجيش والأمن والمخابرات ) إلا من كان مغمسا بينهم فهذا لا يقع عليه حكم المنتسب المرتد بل هو حكمه كالاستشهادي بينهم إن علموا به قتلوه .
• كل من تسلم سلطة من المحتل او من حكومة الاحتلال وفيها نصرة وإعانة للمحتل و تنفيذا لأوامره و تخذيل وإضعاف و اهانة للمسلمين سواء كانت مدنية او عسكرية .
• كل من وضع يده مع المحتل مجتهد بدخوله او متأولا بذلك . لا الوقت ولا الحال يصلحان للاجتهاد فعليهم بعد أن تبين الحال الرجوع إلى الحق المبين.
• كل من وضع يده مع المحتل لمقاتلة المجاهدين الذين باعوا أنفسهم وأموالهم لله ووعدهم الله بإحدى الحسنين . وان صدر منهم الأخطاء في القتال او في التأويل، فكل هذا لا يعطي مبررا لوضع اليد وقتالهم مع المحتل الكافر وأعوانهم و أمثال ذلك ما يسمى بالصحوات او مجالس الإسناد او الإنقاذ ، فكل هؤلاء تبع للكافر ومنفذة لأوامره في قتل المسلمين.
• كل من سخر قلمه او جريدته او قناته لخدمة هؤلاء الكفار المحتلين و أعوانهم وحكومتهم التي تغتصب ارض المسلمين.فهم وبهذا الفعل يكونون قتل تولوا الكافر كلا حسبما يتيسر له من جهد.
هذه هي الصور الظاهرة للأعيان في وقتنا الحاضر على ارض الرباط والجهاد بلاد الرافدين
ونلخص إلى القول الأتي :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ
في هذا المقام: (فإنه لو لم يقتل ذلك [المرتد] لكان الداخل في الدين يخرج منه؛ فقتله حفظ لأهل الدين وللدين؛ فإن ذلك يمنع مـن الــنـقــص ويمـنـعـهـم من الخـروج عنه) الفتاوى 20/102.
ونقول وبالله التوفيق:
نقاتل كل من تولى الكافر وحكومته وعمل فيها على الصور آنفة الذكر جملة واحدة وأينما نجدهم لقوله تعالى: (( ودُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً )) [النساء : 89]
الحمد لله ناصر المؤمنين على القوم الكافرين
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدنا
اللهم إن كان فيه من الخطأ فمني ومن الشيطان فاني ابرأ إليك منه وأتوب إليك
وان كان فيه من الصواب فمنك وحدك
إعداد
أبو هاجر الخالدي
ابو هاجر الخالدي- المساهمات : 19
تاريخ التسجيل : 30/11/2007
رد: ورقات في الردة وصورها في العراق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي ابو هاجر بارك الله فيك على الموضوع وجزاك الله خيرا
اخي احببت لو تساعدني في اكمال المنتدى فانا لدي بعض المشاغل التي تحول بيني وبين اكماله
وسأكون شاكرا لك
اخي ابو هاجر بارك الله فيك على الموضوع وجزاك الله خيرا
اخي احببت لو تساعدني في اكمال المنتدى فانا لدي بعض المشاغل التي تحول بيني وبين اكماله
وسأكون شاكرا لك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى