لك المجد أخا الفُرس؛ "لولانا ما سقطت كابول وبغداد"
صفحة 1 من اصل 1
لك المجد أخا الفُرس؛ "لولانا ما سقطت كابول وبغداد"
كان لدى ابن العلقمي ونصير الله الطوسي قدرًا محدودًا من الحياء نأى بهما أن يعلنا مسئوليتهما بتبجح عن مساندة التتر في عدوانهم الهمجي على ديار المسلمين الآمنة، لا ندري هل ضن علينا التاريخ بذكر ذلك أم أنهما لم يفعلا، وأيا كان الأمر ؛ فإن أحدا منهما لم تتملكه الجراءة ليقف مزهوا بأمارات الخيانة المرتسمة على محياه ليعلن على الملأ - في مؤتمر صحفي أو غيره - أنه قد خان الدين والأرض والعرض. لكن الأمس القريب قد حمل لنا في جعبته إعلانا هو أغرب من الخيال إلا أنه حقيقة ؛ ساقها محمد على أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية الذي وقف - بفخر يحسده عليه العلمانيون العرب المتأمركون - في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية سنويا بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 15/1/2004م ليعلن أن بلاده: "قدمت الكثير من العون للأمريكيين في حربيهم ضد أفغانستان والعراق"، ومؤكدا انه "لولا التعاون الإيراني لما سقطت كابول وبغداد بهذه السهولة"!! والرجل - كما ترون - قد كفانا عناء البحث من ورائه عن "الدور الخفي للإيرانيين في العدوان على ديار الإسلام في العصر الحديث"، فالاعتراف - والرجل من جهابذة القانون - سيد الأدلة . وليس بعد هذا الاعتراف من سبيل لدعاة التنويم والتخدير لمساكين المسلمين البسطاء، سيما إذا أخذنا بالاعتبار أن أبطحي القيادي الإصلاحي الشاب الذي يفاخر دوما بـ"مراعاة التيار الإصلاحي لحقوق الأقليات [من السنة الإيرانيين الذين يبلغون 15 مليون مسلم أو يزيدون، وسواهم من اليهود والنصارى والصابئة]"، ويقدم نفسه كأحد معتدلي الساسة الإيرانيين، هو عينه الذي يجاهر بما سلف. أبطحي عبر من جهته عن أساه لأن من كانت الدولة الإيرانية تدعوهم بـ"الشيطان الأكبر" لم يثمنوا الخدمة الإيرانية لهم، فأردف قائلا :"..لكننا بعد أفغانستان حصلنا على مكافأة وأصبحنا ضمن محور الشر، وبعد العراق نتعرض لهجمة إعلامية أمريكية شرسة". وحقيقة، فإن هذا التصريح المشين لم يجنح بعيدا عن سياق السياسة الإيرانية التي ارتأت أن تكون في صف يقابل تطلعات الأمة الإسلامية المهيضة، فقبل ذلك نقلت جريدة الشرق الأوسط في 9/2/2002م عن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام [أحد الأجهزة الثيوقراطية الإيرانية المتنفذة] الرئيس الإيراني السابق ؛ علي أكبر هاشم رفسنجاني قوله في يوم 8 فبراير في خطبته بجامعة طهران : إنّ "القوات الإيرانية قاتلت طالبان، وساهمت في دحرها، وأنّه لو لم تُساعد قوّاتهم في قتال طالبان لغرق الأمريكيون في المستنقع الأفغاني". وتابع قائلاً : "يجب على أمريكا أن تعلم أنّه لولا الجيش الإيراني الشعبيّ ما استطاعت أمريكا أنْ تُسْقط طالبان". وقبل أن يتسرع أحدنا بالهجوم على الرجلين كونهما باءا بمغبة "تعكير العلاقات السنية/الشيعية"، نعيد إلى الذاكرة ما وصى به مرشد الثورة الإيرانية السابق ؛ نائب "الإمام العسكري/المهدي/المختفي بالسرداب عجل الله خروجه!!" [آية الله] الخميني عقب خروج الروس من أفغانستان مدحورين ؛ حزب الوحدة الشيعي: "يا.. يا حزب الوحدة، يا شيعة أفغانستان، جهادكم يبدأ بعد خروج الروس". وإذن، فالحلقة لدينا متكاملة، نضيف إليها ما يلي ليزداد الأمر جلاءً : <LI>أنه خلافا لما اعترفت به المنظمات الدولية [التي لا تحمل حقيقة أي ود للنظام الأفغاني السابق] أن طالبان هي التي حاربت زراعة الأفيون في أفغانستان للحد الذي جعل إنتاج الأفيون في أفغانستان في آخر أعوام حكم الملا عمر يتدنى إلى 158 طن من 4800 طن قبل حكمه، و4900 طن في السنة الأولى لحكم قرضاي [وثيقة منظمة الأمم المتحدة لعام 2002م]، فإن النظام الإيراني وقبل الحرب على أفغانستان - بل قبل 11 سبتمبر أيضا - وبالتنسيق مع الولايات المتحدة الأمريكية قد أطلق أحد مسئوليه، وهو سعيد رسول موسوى سفير إيران فوق العادة لدى طاجكستان اتهاما حركة الطالبان بأنها حولت أفغانستان إلى قاعدة لإنتاج المخدرات، ومن ثم صوَّت البرلمان الإيراني في مايو 2001م [قبل الحرب بأربعة أشهر] على إغلاق حدود إيران مع أفغانستان من حيث المبدأ، لمنع تهريب المخدرات كما هو مفترض [تقرير منظمة العفو الدولية 2001م]، ومن ثم فرض حصار على أفغانستان من هذه الجهة قبيل الحرب بشهور قليلة .[فتحت إيران حدودها الآن لتنعم بحدود "لا أفيونية" هادئة!!]. <LI>أنه وقبل ذلك بفترة طويلة، صرح الدكتور علي ولاياتي: بأننا "لن نسمح أن تكون هناك دولة وهابية في أفغانستان" [أي دولة سنية وفقا للتعبير الشيعي الشائع الآن]. <LI>أنه إبان الحرب، أفاد عديد من الخبراء العسكريين بأن الطائرات التي انطلقت من قواعد أمريكية في الدول العربية لا يمكن أن تعبر لأفغانستان إلا عن طريق الأجواء الإيرانية في وقت كان المسؤولون الإيرانيون يشددون على "حرمة الأجواء الإيرانية" إلا على "الطائرات المضطرة للهبوط اضطراريا في إيران"! وأشارت مصادر عسكرية في الاستخبارات الأميركية في الوقت ذاته أن عناصر من القوات الخاصة الأميركية الموجودة في مدينة هرات غربي أفغانستان قرب الحدود الإيرانية أفادت بأن عملاء إيرانيين يتسللون إلى المنطقة ويهددون زعماء القبائل. <LI>أنه قد أفاد العديد من المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين عن وجود اتصالات وتعاون بين الطرفين الأمريكي والإيراني بشأن الحرب في أفغانستان، نذكر من ذلك : 1) ما أكده نائب رئيس مجلس الشورى الإيراني الإصلاحي محسن أرمين عن وجود اتصالات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران على الرغم من الأزمة التي تشهدها العلاقات بين البلدين [في وقت كانت تخايل الولايات المتحدة العالم بحديثها عن محور الشر الذي يضم إيران "تقية" وتدليسا] . ونقلت صحيفة "نوروز" عن أرمين قوله "إن ثمة اتصالات تجرى لاحتواء الأزمة والحصول على معلومات دون وسطاء، هذا أمر طبيعي.. لا يمكننا القول إن هناك مفاوضات، وهذه الاتصالات لطالما كانت قائمة في السنوات الماضية". وبحسب مصادر سياسية في إيران تمت مثل هذه "الاتصالات" في الأشهر الماضية في أنقرة ونيقوسيا وتناولت خصوصا مسألة أفغانستان [الوطن السعودية 15 مارس 2002]. 2) ما ذكرته صحيفة "يو إس إيه توداي" في 24 مايو 2004 من أن إيران مهتمة بإعادة العلاقات الدبلوماسية بينها وبين الولايات المتحدة. وما قالته مستشارة الأمن القومي الصهيونية، كوندوليزا رايس، في مقابلة مع إحدى وكالات الأنباء أن الأمم المتحدة قد قامت بتيسير اتصالات بين الولايات المتحدة وإيران بصورة منتظمة عبر ما يطلق عليه اسم عملية جنيف، لمناقشة مسائل عملية كانت تتعلق أصلاً بأفغانستان، ثم اتسع نطاقها لتشمل العراق. وقد أشارت رايس قبل فترة وجيزة إلى أن مبعوث الرئيس الأفغاني الخاص زلماي خليل زاد قد شارك في محادثات مع مسؤولين من إيران التي انبثقت مباشرة، كما قالت رايس، "من الحاجة إلى معالجة أمر بعض المسائل العملية المتعلقة بأفغانستان ثم وسعنا ذلك ليشمل العراق". 3) ما قاله نائب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيلب ريكر :"نعرف كلنا بالطبع تاريخ جهود التحالف في أفغانستان التي أدت إلى تحرير ذلك البلد من طالبان واجتثاث الخلايا الإرهابية، بما فيها بالطبع القاعدة، التي كانت تتخذ من أفغانستان قاعدة لها. وكانت تلك عملية تمكنا بها من التباحث مع إيران أيضاً حول قضايا تتعلق بأفغانستان" [موقع وزارة الخارجية الأمريكية على شبكة الإنترنت]. 4) ما أكدته منظمة حقوق الإنسان الأمريكية هيومان رايتس وتش في أكتوبر 2001م من أن ثمة تقارير صحفية تفيد أن الحكومة الإيرانية وضعت أعداداً إضافية من الجنود على حدودها بعد بدء الضربات العسكرية، وأنها بدأت في ترحيل مئات اللاجئين إلى أفغانستان. 5) ما أعلنه الناطق باسم الخارجية الإيرانية وكذلك وزير الاستخبارات الإيراني علي يونسي [في حديث أدلى به الأخير في المدرسة الفيضية الدينية في قم] أثناء العدوان من أن هناك شكلاً من أشكال الدعم تقدمه إيران أو اتفقت إيران على تقديمه للولايات المتحدة. وما نص عليه د. محسن رضائي الأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران خلال حديثه لبرنامج "بلا حدود" في فضائية الجزيرة أثناء العدوان أيضا ؛ حين قال :" إن الخلاص منه [المستنقع الأفغاني] يجب أن يمر عبر إيران، أي إزالة طالبان والتيار السياسي الموجود في أفغانستان، وإذا وصلت أميركا إلى طريق مسدود في أفغانستان لابد وأن تحصل على طريق للخلاص من هذا الطريق المسدود، فإيران طريق جيد، وإيران يمكن بشتى الطرق أن تحل هذا الطريق، وتخلص المنطقة من الأزمة الحالية، وتنتهي هذه الأزمة." [بلا حدود 25/7/2001]. <LI>أنه بعد الحرب بأسابيع تعهدت إيران بتقديم 500 مليون دولار للمساهمة فيما دعته بـ" إعادة إعمار أفغانستان" أثناء زيارة قام بها الرئيس الأفغاني المفروض حميد قرضاي لإيران، أشاد فيها بالدعم الإيراني في إسقاط طالبان، وقال "لإيران دور مهم فلديها الكثير من الموارد مع توفر حسن النية لمساعدتنا على إعادة إعمار أفغانستان، ونريد من دول العالم كافة أن تساعدنا كما ساعدتنا إيران" [صحيفة الشعب الصينية 25/2/2002]. وقد جاء ذلك الدعم في ظل معاناة يعيشها الإيرانيون جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران وحدت بكثير من المتشددين الإيرانيين إلى إدانة هذا البذخ من الإصلاحيين في وقت يطوق العاصمة الإيرانية طهران حزام فقر مدقع من سكان عشش الصفيح، ما يعكس الأهمية الاستراتيجية التي أولتها إيران لدعم الأمريكي قرضاي في أفغانستان للحؤول دون عودة حكم طالبان من جديد. <LI>أن وزير الدفاع الإيراني علي شمخاني قد اقترح في 11/12/2001م بأن تقوم إيران بمساعدة حكومة أفغانستان في بناء جيشها "الوطني من أجل تعزيز الوحدة الوطنية في هذه الدولة الممزقة بفعل سنوات طويلة من الحرب" . وهذا لعمري ما قامت به إيران في العراق عندما آلت على نفسها أن تشكل جيش العراق من محازبيها سواء من العراقيين أو الإيرانيين المهاجرين إلى العراق، وبدعم مباشر من ضباط وعناصر الاستخبارات الإيرانية والباستيج الذين تدفقوا - وما زالوا يتدفقون لا سيما تحت جنح ظلام طقوس عاشوراء الجارية هذه الأيام - دونما رقابة، وبطرف مغمض من المحتلين الأمريكيين والبريطانيين ؛ الذين يدينون لهؤلاء بالفضل فيما اعترفوا به بأنفسهم بأنهم، لولاهم ما سقطت بغداد الرشيد ولا سقطت كابول قتيبة، ولما كان للصهيونية العالمية أن تغلبنا في هذه الجولة. وللحق فلسنا نعني أن طالبان كانت مثالية ولا أن النظام العراقي كان إسلاميا، وإنما نقول بأن الفخر بمساندة الصهيونية العالمية في إسقاط عواصمنا الإسلامية الواحدة تلو الأخرى في قبضة اليهود وأشياعهم من اليمين البروتستانتي لا يمكن أن يصدر عن قوم يحملون لهذه الأمة ودا ولا يشاركونها أحلامها وتطلعاتها. {فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}. [مفكرة الإسلام | الخميس 6 محرم 1425هـ] </LI> |
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى