منتدى التوحيد والجهاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أين تطلب العزة

اذهب الى الأسفل

أين تطلب العزة Empty أين تطلب العزة

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي الخميس نوفمبر 01, 2007 10:36 am

أين تطلب العزة

[الكاتب: حمد بن ريس الريس]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل العزة لمن أطاعة واتقاه وجعل الذل لمن خالف أمره وعصاه.

والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الصغار على من خالف أمري) ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه الذين بذلوا دمائهم وأموالهم لإعلاء كلمة الله وعلى من سار على هداهم واقتفى آثارهم في رفع راية لا إله إلا الله.

وبعد:

فلطالما طفقت الأمة الإسلامية تبحث عن عزها ومجدها الذي فقدته خلال عقود من الزمن وحتى يومنا هذا متغافلين عن السبيل الموصلة إليه يتذكرون ذلك المجد وما جرى لهم من عز وسؤدد كلما قلبوا صفحات الماضي وتذكروا سير الآباء والأجداد وما كان لهم من مجد تليد ومكانه عظيمة بين الأمم يخشاها ويخافها كل من سمع بها.

ولعلي أتحدث في هذه الرسالة عن هذا السبيل الذي نالت به الأمة هذا الشرف من بين سائر الأمم الذي هو ذروة سنام الإسلام وهو الجهاد في سبيل الله الذي به يرتفع علم التوحيد وتنكس به رايات الكفر ويعز به أهل الإيمان ويذل به الطغيان.

فأقول مستعينا ً بالواحد الأحد متوكلا ً على الفرد الصمد:

إن الأمة مهما بحثت عن سعادتها وإعادة مكانتها فلن تجد ذلك بدون الجهاد في سبيل الله فقد جعله الله سببا ً لتمكين الدين في الأرض وتحطيم عروش الطغاة من البشر وإذلال المنافقين وكسر شوكتهم وإرهابا ً للأعداء مهما اتسعت ممالكهم وعظمت قوتهم ومن ظن غير ذلك فقد افترى على الله الكذب وسلك طريقا ً غير طريق المؤمنين وبقي يراوح في مكانه حتى يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيله ولا يخافون لومة لائم ولم يُعلم في تاريخ هذه الأمة أنها عظمت بين الأمم بدون الجهاد في سبيل الله.

ثم اعلم وفقك الله: أن الجهاد هو استفراغ الوسع والطاقة وتحمل المشقة والصبر عليها في الدعوة إلى الله تعالى حسب ما يقتضيه حال المدعو من الحجة والبيان وبذل الأموال أو المحاربة بالسيف والسنان وبكل ما يمكن أن يجاهد به في كل مكان وزمان.

وهو نوعان: جهاد طلب وابتداء، وجهاد دفع.

فالأول: هو غزو الكفار في بلادهم، فدعوتهم إلى الإسلام، فإن أبو أخذت منهم الجزية، فإن امتنعوا وجب قتالهم.

وهذا ما درج عليه سلف هذه الأمة حيث وصلت الجيوش الإسلامية إلى شتى بقاع الأرض وانتشر الإسلام في أرجائها وتوزعت أشلاء المجاهدين في أنحائها جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.

والثاني: جهاد الدفع، وذلك حينما يدخل العدو في بلاد المسلمين فيستولي عليها أو تجهز لقتالهم فإنه والحالة هذه يجب على المسلمين قتالهم حتى يندفع شرهم ويرد كيدهم.

وفي كلتا الحالتين هو فرض من فروض الدين وواجب من واجباته شرعة الله سبحانه وتعالى لمصا رمة العدو وإدخاله في دين الإسلام.

قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم}، وقال تعالى: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد}، وقال سبحانه وتعالى: {واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين}، وقال عز من قائل: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوما ً مؤمنين}.

وفي الحديث عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) رواه أبو داود وأخرجه أحمد والدارمي والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم.

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى).

وروى أبو داود عن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا ً كان أو فاجرا ً... الحديث).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟ أغزوا في سبيل الله) رواه الترمذي.

وروى ابن أبي شيبه في مصنفه عن زيد بن أسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغزوا تصحوا وتغنموا).

وخرج ابن المبارك عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة؟)، قالوا: بلى، قال: (فاغزوا).

وعن سليمان بن بريده عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله) رواه مسلم.

وقال مكحول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أغزوا تصحوا) حديث مرسل.

وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا في سبيل الله ، فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ينجي الله تعالى به من الهم والغم) رواه عبد الرزاق في مصنفه وأحمد بإسناد جيد والطبراني والحاكم.

وخرجه ابن عساكر، إلا أنه قال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا في الله القريب والبعيد في الحضر والسفر، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة وأنه ينجي صاحبه من الهم والغم).

وعن حذيفة بن اليمان أنه قال: (كان الناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر...)، قال: قلت: يا رسول الله أرأيت هذا الخير الذي كنا فيه هل كائن بعده شر؟ قال: (نعم)، قلت: فما العصمة منه؟ قال: (السيف.... الحديث) رواه ابن أبي شيبه في مصنفه وأبو داود وحسنة الألباني.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة) رواه الترمذي.


ومع هذه النصوص القطعية في الأمر بالجهاد في سبيل الله يخرج علينا أقوام يزعمون أن هذا الوقت لا يصلح فيه تطبيق مثل تلك النصوص ، ويرون الاكتفاء بالدعوة إلى الله عن طريق حلقات العلم وإقامة المناشط الدعوية ظنا ً منهم أن هذا الوقت أشبه ما يكون بالزمن المكي، بل يرون أن هذا العمل هو الجهاد الحقيقي الذي يجب على كافة المصلحين أن يهتموا به غاية الاهتمام... إلى غير ذلك من التوهمات التي لا تمت إلى الدين بصلة، حيث أن التربية لا تكون بدون الجهاد، فقد ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على ذلك في وقت وجيز ثم أمرهم بحمل الرايات لقتال العدو.

ولست أختلف مع هؤلاء في أن الدعوة إلى الله من الجهاد، إلا أن مسلكهم هذا يجب أن يكون مطابقا ً للعهد المكي، حيث أن دعوته صلى الله عليه وسلم قائمة بين الكفار وعبدة الأصنام ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يعيش بين المسلمين كما هي حالنا اليوم، ولهذا وجب على العلماء والدعاة من المصلحين أن يجمعوا بين الأمرين الدعوة والجهاد.


وأما ما يستدل به هؤلاء على طريقتهم تلك فإنما هو مجرد اجتهاد غير مبني على أصل شرعي، وقد يعتقد بعضهم أن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال حينما رجع من عزوة تبوك: (رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر) يدل على وجوب الدعوة إلى الله، وأنها أهم من الجهاد بالسيف، مع أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال عنه ابن تيمية رحمه الله: (وأما الحديث الذي يرويه بعضهم أنه قال في غزوة تبوك: "رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر"، فلا أصل له ولم يروه أحد من أهل المعرفة بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله، وجهاد الكفار من أعظم الأعمال بل هو من أفضل ما تطوع به الإنسان) أهـ.

ولا يشك عاقل أن جهاد النفس وتربيتها على الإيمان أنه من أعظم مقومات النصر، إذ أن الهزيمة سببها الوقوع في المعصية لكن ليس معنى ذلك أن يترك الجهاد لهذه الحجة.

قال ابن القيم رحمه الله على قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا...}: (علق سبحانه الهداية بالجهاد فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا ً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا ، فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته ، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل به من الجهاد. قال الجنيد: والذين جاهدوا أهواءهم فينا بالتوبة لنهدينهم سبل الإخلاص ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا ً فمن نصر عليها نصر على عدوه ومن نصرت عليه نصر عليه عدوه...)، إلى أن قال: (ولأهل الجهاد في هذا من الهداية والكشف ما ليس لأهل المجاهده، ولهذا قال الأوزاعي وابن المبارك: "إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما عليه أهل الثغر - يعني أهل الجهاد - فإن الله يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}") أهـ.

فعلى القائلين بعدم وجوب الجهاد أن يتقوا الله في أنفسهم وأن لا يقولوا على الله إلا الحق ، فإن القول بعدمه ليس له أصل.
avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أين تطلب العزة Empty رد: أين تطلب العزة

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي الخميس نوفمبر 01, 2007 10:37 am

وسأذكر بعض الأدلة الواردة في الوعيد الشديد على من لا يرى الجهاد، تذكرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد:

قال تعالى: {قل إن كان آبائكم وأبنائكم.. إلى قوله.. أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}، وقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا ً أليما ً ويستبدل قوما ً غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قديرا ً}.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من غزا عزوة ً في سبيل الله فقد أدى إلى الله جميع طاعته، {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا})، قال: قيل: يا رسول الله وبعد هذا الحديث الذي سمعنا منك من يدع الجهاد ويقعد؟ قال: (من لعنه الله وغضب عليه وأعد له عذابا ً أليما، قوم يكونون في آخر الزمان لا يرون الجهاد ، وقد أتخذ ربي عنده عهدا ً لا يخلفه؛ أيما عبد لقيه وهو يرى ذلك أن يعذبه عذابا ًلا يعذبه أحد من العالمين) خرجه ابن عساكر في باب التغليظ في ترك الجهاد بتمامه.

وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الجهاد حلوا ً خضرا ً ما قطر القطر من السماء ، وسيأتي على الناس زمان يقول فيه قراء منهم؛ "ليس هذا بزمان جهاد" ، فمن أدرك ذلك الزمان فنعم زمان الجهاد)، قالوا: يا رسول الله أو أحد يقول ذلك؟! قال: نعم، من لعنه الله والملائكة والناس أجمعون) رواه ابن زمنين في أصول السنة مرسلا ورواه ابن عساكر مرفوعا ً عن أنس رضي الله عنه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ليأتين على الناس زمان قلوبهم قلوب الأعاجم)، قيل: ما قلوب الأعاجم؟ قال: (حب الدنيا ، سنتهم سنة العرب، وما آتاهم الله من رزق جعلوه في الحيوان ، يرون الجهاد ضررا ً والصدقة مغرما ً) رواه أبو يعلى مرفوعا ً والحارث بن أبي أسامه موقوفا.

وروى النسائي عن سلمه بن نفيل الكندي رضي الله عنه قال: كنت جالسا ً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل: يا رسول الله أذال الناس الخيل ووضعوا السلاح وقالوا؛ لا جهاد قد وضعت الحرب أوزارها! فأقبل رسول الله بوجهه وقال: (كذبوا الآن جاء القتال، ولا تزال من أمتي أمه يقاتلون على الحق ويزيغ الله لهم قلوب أقوام ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة وحتى يأتي وعد الله ، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة... الحديث).

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل ، والإيمان بالأقدار) أخرجه أبو داود في سننه.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا ً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم) رواه أبو داود بإسناد حسن.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغزوا ولم يحدث به نفسه؛ مات على شبعه من النفاق) رواه مسلم.

وروى أبو داود وابن ماجه بإسناد حسن عن أبي أمامه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يغز أو يجهز غازيا ً أو يخلف عازيا ً في أهله بخير أصابه الله بقارعه قبل يوم القيامة).

وعن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أهل بيت لا يخرج منهم غاز أو يجهزوا غازيا ً أو يخلفونه في أهله إلا أصابهم الله بقارعه قبل الموت) وهو مرسل من رواية عبد الرزاق عن سعيد بن عبد العزيز.

وما ذكرته هنا من النصوص في هذا المعنى إنما هو قليل من كثير ، ولكن أين من ينتفع بما جاء عن الله وعن رسوله؟ وأين من يقتدي بسلف هذه الأمة في رفع لواء التوحيد وإعلاء كلمه الله؟ ومن الذي يؤثر الباقي على الفاني ويبيع دنياه بأخراه؟


فاحذروا أيها القاعدون المتقاعسون المخذلون المرجفون من مقت الله لكم وسخطه عليكم ، فإن الجهاد في سبيل الله شريعة ماضيه إلى يوم القيامة.

فعليكم بالتوبه إلى الله والإنابه إليه قبل العرض عليه والحساب بين يديه.

ومع الأسف أن الأمر لم يتوقف على القول بترك الجهاد فحسب، بل تعدى ذلك إلى إذاء المؤمنين المجاهدين والنيل منهم ووصفهم بأنهم إرهابيون ، حسب ما يراه اليهود والنصارى وأعداء الدين أو أنهم لا يفقهون حقيقة الإسلام، أو أنهم خارجون على ولاتهم ومجتمعاتهم، فنصبوا لهم العدى وجعلوا يتتبعونهم في كل مكان لأجل تسليمهم إلى العدالة المزعومة ، فيصبون عليهم جام غضبهم من سجن وتعذيب نكاية لهم ولما قاموا به من نصرة لدين الله عز وجل، أما يعلم هؤلاء أن الله عز وجل لهم بالمرصاد لما يتعاملون به مع حزبه وجنده الذين قال الله فيهم: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}.

أما يفيق هؤلاء مما هم سادرون فيه من إيذاء وتنكيل بالمؤمنين أم إنهم قد استبطئوا العذاب والانتقام للمظلومين فويل لهم ثم ويل لهم يوم يجمع الله الأولين والآخرين فيقتص للمظلوم من الظالم ، أليس الله عز وجل قد تولى محاربه من حارب المؤمنين وتعذيبهم بالعذاب المهين؟ أين هؤلاء من كتاب الله وسنة رسوله وما فيهما من الوعيد الشديد على من تعرض المؤمنين وقام بإيذائهم؟

وهذه جملة من نصوص الكتاب والسنة أوردها تحذيرا ً لهؤلاء من الاستمرار فيما هم فيه وتنبيها ً لغافلهم:

قال تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا ًَ وإثما ً مبينا).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره لهذه الآية: (وإن كان أذيه المؤمنين عظيمة وإثمها عظيما ً ولهذا قال فيها {والذين يؤذون المؤمنون والمؤمنات بغير ما اكتسبوا} أي بغير جناية منهم موجبة للأذى {فقد احتملوا} على ظهورهم {بهتانا} حيث آذوهم بغير سبب {وإثما ً مبينا} حيث تعدوا عليهم وانتهكوا حرمة الله باحترامها).

وقال الغزالي خليل في تفسيره لهذه الآية: (أن من طعن المؤمنين رجالا ً أو نساء بالقذف الكاذب أو بالشتم والسب أو بالضرب والقتل أو بالعدوان عليهم من غير مقتضى يقتضي ذلك أو ذنب ارتكبوه فقد أضر نفسه وحملها وزرا ً ثقيلا ً وافتراءً كاذبا ً وجرما ً واضح القبح وواضح التحريم) أهـ.

وقال عز وجل: {إن الذين فتنوا لمؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق}.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عادى لي وليا ً فقد آذنته بالحرب) رواه البخاري.

وعن جابر بن عبد الله وأبي طلحه رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته ، وما من أحد ينصر مؤمنا في موطن ينتقص فيه من عرضة وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يجب فيه نصرته) رواه أبو داود وأحمد.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) متفق عليه.

ففي هذين الحديثين دليل على وجوب احترام المسلم وعدم خذلانه وإيذاءه.

وقال عليه الصلاة والسلام: (من ضيق منزلا ً أو قطع طريقا ً أو آذى مؤمنا ً فلا جهاد له) الصحيح الجامع 6378.

وعن حذيفة بن اليمان أنه كان كثيرا ً ما يسأل الرسول عما ستكون عليه الأحوال في أمر هذه الأمة ، يقول: (سيكون أمراء يعذبونكم ويعذبهم الله) البخاري ومسلم.

وعن يوسف بن يعقوب عن أشياخة قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتقوا أذى المجاهدين فإن الله يغضب للمجاهدين كما يغضب للأنبياء والرسل ، ويستجيب لهم كما يستجيب للأنبياء والرسل، ولا طلعت شمس ولا غربت على أحد أكرم على الله من مجاهد) رواه ابن عساكر مسندا ً من حديث علي بنحوه.

فبهذه النصوص وغيرها يتبين عظم جرم المعتدي على عباد الله المؤمنين وأن مصيره إلى العذاب الأليم ، فاحذروا يا من نذرتم أنفسكم لمطاردة أولياء الله وتعذيبهم والزج بهم في غياهب السجون فإن الله يمهل ولا يهمل.

فقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته) ، ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد}.

وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة... الحديث) رواه مسلم.

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له حينما أرسله إلى اليمن: (واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) متفق عليه.

وما أرى هذه الجيوش الصليبية التي قد كشرت عن أنيابها وجاءت لتعلن حقدها الدفين إلا من جراء ما هو حاصل من الظلم والبطش بالمؤمنين والتلبس بكثير من المعاصي التي هي سبب في انتقام الله وسطوته على من تعدى حدوده وارتكب محارمه، قال تعالى {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوء فلا مرد له ومالهم من دونه من وال}، وقال عز وجل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير}.

فاحذروا أن تجروا الأمة إلى الدمار وإشعال الفتن التي ربما عز إطفائها وفقدت القدرة على إخمادها.
avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

أين تطلب العزة Empty رد: أين تطلب العزة

مُساهمة من طرف محمد-المقديسي الخميس نوفمبر 01, 2007 10:37 am

فالجهاد ليس جريمة يحاسب عليها المرء ويدان بها، بل الجريمة أن يترك الجهاد ويتعقب المجاهدون لا لشيء إلا لما قاموا به من هذا الأمر العظيم الذي تحدث عنه القرآن في أكثر من خمس مائه آية وجاءت الأحاديث التي لا تحصى تبين حكمه وفضله وما للمجاهدين عند الله من المنزلة العظيمة، بل توعد الله من ترك الجهاد بالذل والهوان وتسليط العدو والعذاب في الآخرة، كما قال تعالى عن المنافقين: {فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حر لو كانوا يفقهون}.

فتأمل قوله تعالى {قل نار جهنم أشد حرا ً} لما اعتذروا له صلى الله عليه وسلم من شدة الحر، كيف كان الجواب لهذا الاعتذار الذي لا يغني عنهم من الله شيئا؟ وقد نهى الله عز وجل عن تقديم محبه الآباء والأبناء وغيرهم على محبه الجهاد وأن من فعل ذلك يحكم عليه بالفسق، وأن من تقاعس عن الجهاد والنفرة في سبيل الله يعذبه الله العذاب الأليم ، تأمل ذلك في الآيتين المذكورتين في هذا المعنى.

وتأمل الأحاديث المذكورة قريبا ً يتبين لك ما توعد الله به الناكصين والمتخاذلين عنه، فضلا ً أن يتربصوا بأهلة الدوائر ويصفونهم بالأوصاف الشنيعة.

ومما ورد في هذا المعنى أيضا ً ما ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه لما خطب الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعام، فقام وقد خنقته العبرة فقال: (أيها الناس إني سمعت رسول الله عام أول في هذا الشهر على هذا المنبر وهو يقول: ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا أذلهم الله ، وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا عمهم الله بعقاب).

وروى الطبراني بإسناد حسن باختصار ولفظه: (ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب).

وخرج ابن عساكر بإسناده عن مجالد عن الشعبي قال: لما بويع أبو بكر الصديق صعد المنبر... فذكر الحديث، وقال فيه: (لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر).

وعن على رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجهاد في الله باب من أبواب الجنة ، ومن ترك الجهاد في سبيل الله البسه الله الذلة وشمله البلاء وديث بالصغار وسيم الخسف ومنع النصف).

ولعلي أختم هذه الرسالة بتنبيهين مهمين:

الأول؛ الاستشهاد في سبيل الله: وهذه منقبة عظيمة خص الله بها عبادة المؤمنين على تفاوت في درجاتهم.

إلا أنه قد خرج قوم يتلاعبون بما اختص الله بعلمه وأوحاه إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حيث جعلوا الشهادة كلمة مبتذلة يصفون بها كل من شاءوا حسب أهوائهم وكأنهم يستدركون على النبي صلى الله عليه وسلم ما فاته من ذلك ، وهم يعلمون أنهم كاذبون فيما يدعونه ، إذ أن الشهادة إنما هي تزكية الميت وهم يزكون بها من لا يستحقها ، فمن مات وهو يغني فهو "شهيد الفن"، ومن مات في خدمة وطنه فهو "شهيد الوطن"، ولم يتوقف الأمر على ذلك حتى زعموا أن كل من هلك ممن تربطهم معه مصلحه فهو "شهيد" ولو كان ملحدا ً أو رافضيا ً أو فاسقا ً ممن يموت أثناء اللعب وغيره.

فتوزيع الشهادة ليس إلى أحد من الناس، إنما يرجع في ذلك إلى من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بها ، فعلى من يفعل هذا أن يتقى الله وليحذر من مشابهه "الباباوات" الذين يوزعون صكوك الغفران، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

ولا شك أن مثل هذا الفعل هو إحداث في دين الله ما ليس منه.

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

فقد خص النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة من مات أو قتل في سبيل الله، والمطعون، والمبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، ومن قتل دون ماله ، ومن قتل دون دمه ، ومن قتل دون دينة ، ومن قتل دون أهلة.

ثانياً: إلى أهل الجهاد وإعلاء كلمة الله:

لاشك أنكم تواجهون من عدوكم من البلاء والمحن ما يوجب الصبر والاحتساب.

فالقتل والتشريد والاضطهاد والمداهمات والاعتقالات كل ذلك سبيل إلى نيل الدرجات العلى والنعيم المقيم، كما قال عز وجل: {فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا ً من عند الله والله عنده حسن الثواب}.

ولكم أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أوذي أشد الإيذاء من قومه وأوذي أصحابه بأنواع من الإيذاء من ضرب وإهانة وتشريد ، حتى مات بعضهم تحت التعذيب ، فكان جزاءهم على ذلك الجنة، كما هو من حال ياسر وسمية وعمار وبلال... وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين.

وأبشروا فإن الفرج آت إن شاء الله ، ولا تكترثوا بما تلقونه من سباب وشتام وإهانة، فلقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ما هو أشد وأنكى ، والنصر لا يقوم إلا على جماجم الشهداء الذين وفوا ما عاهدو الله عليه من بيع أنفسهم على الله بجنة عرضها السموات والأرض.

فهنيئا ً لكم على ما أنتم فيه من بذل للنفوس والمهج من أجل تمكين دين الله في الأرض ، وجزاكم الله على صنيعكم ذلك وفعالكم تلك الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.

فكم لله من نعمة عليكم يوم أن اختاركم من بين الناس لإحياء شعيرة الجهاد التي طالما نكست أعلامها واندرست معالمها ، فأول هذه النعم القتل في سبيل الله الذي هو من أعلى مراتب الجهاد حيث الاستشهاد في سبيله ، وقد اصطفى الله الشهداء بقوله: {وليعلم الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء}.

وبالشهادة تحصل المغفرة، ولا يحس بمرارة الموت، ويبعث يوم القيامة وجرحه يثعب لونه لون الدم وريحه ريح المسك ، ويشفع في سبعين من أهله، ويزوج اثنتين وسبعين حورية، ويجري عليه عمله وهو في قبره، ويأمن الفتان، وأرواح الشهداء في حواصل طير تطير في الجنة حيث شاءت وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش.

ولو قيل للشهيد؛ أتريد شيئا؟ لتمنى أن يعاد إلى الدنيا ليقتل مرة تلو الأخرى لما يرى من النعيم في الجنة.


فصبرا ً أخي على ما تكره ، فإن الجنة محفوفة بالمكارة ، وفقك الله لما تصبو إليه ونفع بك الإسلام والمسلمين وجمعنا بك في دار الكرامة والنعيم المقيم.

وهذه بعض الأدلة في ما أعده الله للمجاهدين من الثواب العظيم والأجر الكبير:

قال تعالى: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} ، وقال تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا ً عليه حقا ً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}.

وقد أعد الله للمجاهدين مئة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، قال الله تعالى: {وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا ً عظيما ً درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا ً رحيما}.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة مائه درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ، فإذا سألتموا الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن).

وكم للمجاهد عند الله من الخيرات العظيمة التي لا يحيط بها علم عارف ولا يأتي عليها وصف واصف.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهادا ً في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو ضامن أن أدخلة الجنة أو أرجعة إلى منزلة الذي خرج منه بما نال من أجر أو غنيمة ، والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون دم وريحه ريح مسك ، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزوا في سبيل الله أبدا ً ، ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ، ويشق عليهم أن يتخلفوا عني ، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزوا في سبيل الله فأقتل ثم أغزوا فأقتل) رواه مسلم.

وعنه رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: (لا تستطيعونه)، فأعادها عليه مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول: (لا تستطيعونه)، ثم قال: (مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع المجاهد في سبيل الله) متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم.

وفي رواية البخاري: أن رجلا ً قال: يا رسول الله دلني على عمل يعدل الجهاد؟ قال: (لا أجده)، ثم قال: (هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر؟)، فقال: (ومن يستطيع ذلك).


نسأل الله أن يبلغنا وإياك منازل الشهداء
وأن يقر عيوننا وجميع المسلمين بنصرة دينة وإذلال عدوه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه سلم


أخوكم: حمد بن ريس الريس
تم الفراغ منه في 30 / 11 / 1424 هـ
avatar
محمد-المقديسي
Admin

المساهمات : 219
تاريخ التسجيل : 01/11/2007

http://tawhed.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى