حضارة الوحوش
صفحة 1 من اصل 1
حضارة الوحوش
بسم الله الرحمن الرحيم لقد آلمتني كما آلمت كل مسلم، وكل صاحب ضمير حي، تلك المناظر البشعة المؤلمة لأسرى العراق المسلم في سجن " أبو غريب " - ويعلم الله كم من أبي غريب في أرض الرافدين - امتهان فظيع لكرامة الإنسان، امتهان تغني فيه الصورة عن التعليق.. هذه المعاملة البربرية أسالت الكثير من الحبر في الساحة الإعلامية والسياسية، وأثارت في نفسي حقائق أحببت النصح والتذكير بها، والله تعالى يقول: (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) . أولا: بالنسبة إلينا نحن المسلمين الحديث عن التعذيب وصوره البشعة ليس جديدا، لأننا عرفناه وذقناه، يوم قررنا أن نكفر بكل سلطان طاغية.. ليس غريبا عنا أن يتفنن الجلاد في تعذيب فريسته، لكن أن تراه يأخذ صورا تذكارية أمام الضحية فإن ذلك له أكثر من معنى، أحدها معنى الهمجية والحيوانية، وصدق من قال: الشيء من معدنه لا يستغرب. ثانيا: أمريكا راعية الديمقراطية المدافعة عن حقوق الإنسان.. جاءت رغم أنف العالم والشرائع الدولية لتحرر - زعمت - شعب العراق من الديكتاتور "صدام حسين " بقنابل تأتي على الأخضر واليابس، لكن قالوا: الضرورة تبيح المحظورة!!.. فرح المغفلون بمقدم الفاتحين ـ المفسدين ـ.. وها هي الأيام تمر والعراق من سيئ لأسوأ.. تمر وتكشف لنا عن هذه الجرائم التي تؤكد أن قنابل الفتح لم تكن ضرورة حربية وإنما نفس من فيح الحقد القديم.. كيف نجمع بين الشعار والواقع.. أظن أن صاحب المبدأ المحرر للإنسانية مهما كانت عقبات المقاومة لا ينبغي أن يتخلى عن مبادئه ويتحول من وسيم إلى وحش مفترس.. إنه الطبع يغلب التطبع.. ثم لنا أن نسأل: ما الفرق بين صدام وبوش ما دامت الجرائم واحدة؟؟ ولشعب العراق أن يراجع التاريخ ليرى الفرق بين فتح الإسلام وفتح بوش.. وقديما قالت العرب "إنك لا تجني من الشوك العنب". ثالثا: قد يقول ساسة أمريكا وأذنابها: إن هذا تصرف فردي لم تأمر به الإدارة الأمريكية - راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان - وهنا ينبغي ذكر ما يلي: <LI>ليس جديدا في أخلاقيات أمريكا مخالفة القوانين والأعراف، فقد سبق وأن ضربت بالقنابل النووية.. وغزت العراق رغم المعارضة الدولية الواسعة.. فتعذيب جزء من شعب ليس غريبا عن المنطق الأمريكي. هب أن هذا تصرف فردي: كيف غاب عن مخابرات أمريكا هذا الجرم، وهي التي تدعي أنها تعلم خفايا الزوايا؟ وإذا كانت تعلم، لماذا سكتت حتى ظهر الغبن والفحش في وسائل إعلامها؟ وكيف يجرؤ المعذب أن يلتقط صورا تذكارية بفعل فردي يخالف قانون حكامه؟ أيها الناس: إن أمريكا ليست بلدا جديد التكوين تغفر له هذه الأخطاء - الجرائم - إنها قديمة تقول عن نفسها ويقال عنها أنها متحضرة - حضارة الوحوش - ومثل هذا السلوك من جنودها - الفاتحين للشر والفساد - يدل على أنه سلوك قديم متجذر في نفوسهم.. و هنا لنا أن نقف متسائلين: من هم البرابرة الهمجيون نحن أم أنتم؟ وأي الفتوحات رحمة؛ فتوحات الإسلام أم فتوحات أبناء سام؟ <LI>إقدام الجندي على هذا الفعل في دولة القانون.. جندي؛ المفترض أنه يلتزم القانون حرفيا يدل على أنه لم يخالف القانون.. أو أنه لم يتحرج من مخالفته في حال وجوده، أو أن القانون الملعون لا يسري على المسلم والعربي.. <LI>إذا ادعى مدع أن العملية مفبركة للإطاحة بإدارة بوش، قلنا رب عذر أقبح من ذنب.. كيف يبيح الساسة المتحضرون لأنفسهم هذه الجرائم لأغراض سياسية داخلية.. هل عقمت ديمقراطيتهم عن إنجاب الحلول النظيفة.. ولماذا يدفع العراق ثمن صراع الحمائم والصقور.. بصراحة قد أصدق أن إخراجها للإعلام مقصود، لكن الفعل لا أسلّم أنه طارئ ومقصود.. رابعا: إذا كانت وسائل الإعلام الأمريكية تفضلت بإطلاعنا على غرائب سجن أبي غريب، متى ستطلعنا على أسرار قوانتانامو.. و متى ستتجرأ وسائل الإعلام العربية وتحذو حذو سيداتها الأمريكية في إطلاعنا عما يجري في مراكز التحقيق والسجون العربية؟.. هذه الحكومات العميلة التي تفخر بتعاونها الأمني مع أمريكا.. وتسليطها للكفار الأنجاس على أحفاد الأطهار يسومونهم سوء العذاب، تحت مظلة مكافحة الإرهاب.. جزائرنا تبارك مساعي أمريكا في مكافحة الإرهاب وتتعاون معها.. صحافتنا نشرت صور العراقيين المعذبين وعلقت.. وما أظن أنها كانت ستجرؤ على ذلك لولا أن الإعلام الأمريكي سبق.. لكن هل عميت صحافتنا - الحرة - على كشف انتهاك حقوق الإنسان - المسلم - في مراكز التعذيب والسجون الجزائرية، وتكشف للجزائريين مأساة أبنائهم وجرائم حكامهم؟ أم أنه الكيل بمكيالين؟ و(ويل للمطففين).. خامسا: كشفت هذه الأحداث عن قيمة المسلم والعربي في الميزان الغربي.. لو عُذب يهودي أو نصراني لتحركت الجيوش، ولو كان المعذِّب مسلما لسنت قوانين المقاطعة والحصار.. لكن الأمر مختلف؛ المعذَّب عربي مسلم والمعذِّب أمريكا القوية.. إن المسلم والعربي لا يساوي شيئا في عين الكفار.. الكفار حين يعاملوننا يرمون بقوانينهم وراء الظهور.. نحن عندهم في خانة الحيوانات.. لكن رب ضارة نافعة.. عسى أن يستيقظ قومي النائمون وينتبه إخواني الغافلون.. سادسا: لقد أكد الحدث أن الدول بحكوماتها وسياسييها، وأن الهيئات الدولية والمحلية وقوانينها.. كلها أقزام.. غزي العراق بدون شرعية دولية على حد زعمهم.. وشاركت دول في الجريمة وبعد إتمامها، إلتحق المعارضون لإقتسام الغنيمة ـ إعادة إعمار العراق فأين المبادئ والمواقف؟.. الجامعة العربية البائدة المنسلخة عن الإسلام والعروبة الحقة.. هذه الجامعة - الفاجعة - أصبحت لا تقوى على الإجتماع.. لقد تعين على المسلمين نفض أيديهم من حكامهم - عملاء الغرب - الذين جروا على الأمة العار والنار وأن يرموا بهم في مزبلة التاريخ.. الحقيقة مرة؛ عالم يسبح في الإجرام والأقوياء يأكلون الضعفاء.. لكن سينتفض الضعيف يوما وحينها يقال للكبراء ولات حين مناص. سابعا: لله في خلقه شؤون.. اغتر الكثير بعدالة أمريكا.. فأراد الله لها أن تفضح وتبغض بهذه الجرائم المسفرة عن وجهها الكالح.. وجه عجوز شمطاء نمامة جساسة.. تفضح لتذهب غير مأسوف عنها.. إذا كان العدل أساس العمران فإن الظلم أساس الخراب.. حين رأيت الصور، قلت في نفسي: بدأت نهاية أمريكا.. ولكل فرعونٍ موسى.. ستسقط وتذهب إلى الجحيم. ثامنا: المحن منبهات.. أرجو أن تكون هذه الحقائق ـ العلقمية ـ منبهات للمسلمين ليدركوا حقيقة المؤامرة على دينهم القيم وأرضهم الغنية وشعوبهم الأبية.. أرجو أن يستيقظوا فيدركوا أن الديمقراطية أكذوبة حقيقتها تنصيب العملاء على المسلمين.. وحقوق الإنسان معناها؛ حرية الفساد والكفر، والحق كما قال تعالى: (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا). هذه بعض المعاني التي جالت في خاطري حين علمت الخبر ورأيت الصور.. وكم هي كثيرة محن أمتي وجروحها.. ولا أظن - كما علمني ديني - أن الكفار سيكفون عنا.. سيبقون في غيهم وظلمهم.. لن يوقفهم إلا الجهاد ولن يحسم شرهم إلا السلاح.. ومن هاب ورود المنايا، عاش أبد الدهر حياة السبايا. هذه تذكرتي وخواطري.. فهل أنتم عاقلون؟ [بقلم؛ أبو الحسن غريب عضو الهيئة الشرعية في الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائر | 25 ربيع الأول 1425 هـ] </LI> |
function bookmarksite(title, url){
if (document.all)
window.external.AddFavorite(url, title);
else if (window.sidebar)
window.sidebar.addPanel(title, url, "")
}
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى