من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد
صفحة 1 من اصل 1
من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد
مقدمة
الحمد لله الذي أمر عباده المؤمنين بالجهاد في سبيله، والإعداد لذلك لإرهاب أعدائه، والصلاة والسلام على الضحوك القتال الذي حث أمته على الأخذ بأسباب القوة فقال: (ألا إن القوة الرمي)، ورضي الله عن صحابته الكرام الذين كانوا نماذج عملية لما أمرهم الله به في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد:
فقد روى الإمام أحمد وأبو داود بسندهما عن ثوبان رضي الله عنه قال: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟، قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
وصدق النبي الكريم فيما أخبر عن حال المسلمين في هذا الزمان خصوصاً، حيث تكالبت علينا الأمم من كل حدب وصوب، كل منهم يصوب سهامه إلى الإسلام وأهله، بدءاً من اليهود والنصارى، ومروراً بعباد البقر والحجر، وانتهاءً بالعملاء المرتدين المتسلطين على رقاب عباد الله المؤمنين.
فالأمة اليوم تنحدر من ذلة إلى ذلة، ومن نكبة إلى نكبة، من سقوط الخلافة إلى ضياع فلسطين، ثم أفغانستان، فالبوسنة والهرسك، فالشيشان، ثم كوسوفو، وها نحن نعيش مأساة الشيشان مرة أخرى.
ومن المعلوم لكل ذي بصيرة من المسلمين بأن لا حل ولا مخرج للأمة مما تعانيه من نكبات وأزمات إلا بالتوبة والإقلاع عن المعاصي، مع جهاد الكافرين والمرتدين وأعوانهم.
وقد أصبح الجهاد في هذا الزمان فرض عين على كل مسلم لاسترداد ما ضاع من ديار المسلمين، وللتخلص من الطواغيت العملاء الذين لم تسلم بلاد المسلمين من شرهم وكيدهم للإسلام وأهله، ولما كان الجهاد لا يتأتى إلا بالإعداد على مختلف صوره، لذا فقد أمر الله عباده به فقال سبحانه: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} [سورة الأنفال:60].
وحديثنا في هذا العدد عن فريضة "الإعداد" وذلك من خلال نوعيه الاثنين: الإعداد الإيماني والإعداد المادي، ولا يتحقق النصر إلا باستكمال هذين النوعين.
والله أعلم
الحمد لله الذي أمر عباده المؤمنين بالجهاد في سبيله، والإعداد لذلك لإرهاب أعدائه، والصلاة والسلام على الضحوك القتال الذي حث أمته على الأخذ بأسباب القوة فقال: (ألا إن القوة الرمي)، ورضي الله عن صحابته الكرام الذين كانوا نماذج عملية لما أمرهم الله به في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
وبعد:
فقد روى الإمام أحمد وأبو داود بسندهما عن ثوبان رضي الله عنه قال: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟، قال: حب الدنيا وكراهية الموت).
وصدق النبي الكريم فيما أخبر عن حال المسلمين في هذا الزمان خصوصاً، حيث تكالبت علينا الأمم من كل حدب وصوب، كل منهم يصوب سهامه إلى الإسلام وأهله، بدءاً من اليهود والنصارى، ومروراً بعباد البقر والحجر، وانتهاءً بالعملاء المرتدين المتسلطين على رقاب عباد الله المؤمنين.
فالأمة اليوم تنحدر من ذلة إلى ذلة، ومن نكبة إلى نكبة، من سقوط الخلافة إلى ضياع فلسطين، ثم أفغانستان، فالبوسنة والهرسك، فالشيشان، ثم كوسوفو، وها نحن نعيش مأساة الشيشان مرة أخرى.
ومن المعلوم لكل ذي بصيرة من المسلمين بأن لا حل ولا مخرج للأمة مما تعانيه من نكبات وأزمات إلا بالتوبة والإقلاع عن المعاصي، مع جهاد الكافرين والمرتدين وأعوانهم.
وقد أصبح الجهاد في هذا الزمان فرض عين على كل مسلم لاسترداد ما ضاع من ديار المسلمين، وللتخلص من الطواغيت العملاء الذين لم تسلم بلاد المسلمين من شرهم وكيدهم للإسلام وأهله، ولما كان الجهاد لا يتأتى إلا بالإعداد على مختلف صوره، لذا فقد أمر الله عباده به فقال سبحانه: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون} [سورة الأنفال:60].
وحديثنا في هذا العدد عن فريضة "الإعداد" وذلك من خلال نوعيه الاثنين: الإعداد الإيماني والإعداد المادي، ولا يتحقق النصر إلا باستكمال هذين النوعين.
والله أعلم
رد: من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد
من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد "
أولا؛ الإعداد الإيماني
والمراد به تعليم الفرد والجماعة الحق، وتربيتها على التخلق والعمل به.
أهميته:
وتتضح أهمية الإعداد الإيماني في النقاط التالية:
1) هو المحور الذي تقوم عليه الجماعة المسلمة؛ ويرتكز عليه أي كيان يريد القيام بفريضة الجهاد في سبيل الله، ويتأتى ذلك بتطبيق الحقائق الإيمانية من المودة والأخوة والإيثار والتراحم ونحو ذلك داخل الصف المسلم ليكون كما أراد الله "بنياناً مرصوصاً".
2) أنه أساس لازم لجميع التكاليف الشاقة كالجهاد ونحوه؛ فإذا أتم المرء أو الجماعة هذا الإعداد صارت مؤهلة لأداء هذه الفريضة وصارت أهلاً للتأييد والتثبيت الإلهي، ولذا فقد خاطب الله نبيه: {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً} إلى قوله {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} [سورة المزمل:1 - 5].
3) به تتقوى صلة المرء بربه، ويستمد منه العون؛ ويأتيه الفرج بعد الكرب، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} [سورة الطلاق:2،3].
4) به يجبر النقص والضعف في العدد والعدة لدى المسلمين أمام أعدائهم؛ قال تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين} [سورة البقرة: 249]، فإن اتصاف هذه الفئة القليلة بالصبر وتحليها به عوضها النقص العددي لديها فنصرها الله تعالى.
5) هو من الأسباب الهامة في توحيد المسلمين ولمّ شملهم؛ قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103].
فالإيمان بالله والاعتصام بكتابه وسنة رسوله أسباب لتأليف القلوب واجتماعها، بينما البغضاء والحسد وغيرها من أسباب التفرق والضعف والهزيمة، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [سورة الأنفال:46].
ونختم هذه الفقرة في بيان أهمية الإعداد الإيماني لأداء فريضة الجهاد ببيان صفات المجاهدين المشتملة على فضائل الأعمال الظاهرة والباطنة وذلك في قوله تعالى بعد آية البيعة: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} [سورة التوبة: 112].
صوره:
وصور الإعداد الإيماني كثيرة ومتعددة بتعدد شعب الإيمان القلبية والظاهرة، العلمية والعملية، وبذكرها يطول المقام، ولكن جماع هذه الصور في أمرين عظيمين هما:
1) العلم الشرعي.
2) التزكية.
قال تعالى: {يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} [سورة البقرة: 129].
وسنقتصر على ذكر بعض هذه الصور خشية الإطالة، ومن هذه الصور:
أولاً؛ الإخلاص:
وهو إفراد الله جل وعلا بالعبادة وحده لا شريك له، وتنقية النفس من شوائب الشك والشرك، وذلك بإصلاح النية لله تبارك وتعالى، ففي الصحيحين عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمته فعرفها، قال فما عملت فيها؟، قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكن قاتلت ليقال جرئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) [رواه مسلم، وهو جزء من حديث طويل].
واعلم رحمك الله؛ أن الثواب الذي أعده الله لعباده المؤمنين موقوف على شرطين أولهما الإخلاص والثاني المتابعة، وإن من العجب كل العجب أن يجني المرء على نفسه بأن يوردها المهالك لأجل أن يقال جريء أو شجاع أو شهيد، أو يخرج اسمه على صفحات الجرائد والمجلات، أو يحظى بمقابلة صحفية أو تلفزيونية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) [رواه أحمد والترمذي من حديث كعب بن مالك].
فالحرص على الرياسة والمال يفسدان دين المرء أشد من إفساد الذئبين الجائعين إذا أرسلا في زريبة الغنم، فتأمل عافاك الله!
وكفى بالإخلاص بشرىً وفضلاً قول الله تعالى في شأن الصحابة المخلصين: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا} [سورة الفتح:18]، وهذا بسبب إخلاصهم وصدق نيتهم مع أنهم لم يقوموا بما عزموا عليه لكن هذا فضل الله على عباده المخلصين، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة).
ثانياً؛ الثقة بالله:
على العبد الصالح والمجاهد الصادق أن يعلم؛ أن النصر من عند الله، قال تعالى: {وما النصر إلا من عند الله} [سورة الأنفال:10]، وأن القوة المادية لا قيمة لها إذا لم يوفق الله القدير أهلها، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده} [سورة آل عمران: 160].
وأن النصر والإيمان لا يفترقان، وأن التناسب بينهما طردي، فعلى قدر قوة الإيمان تكون سرعة النصر، وإذا تخلف النصر فلابد أن يفتش المرء في نفسه، وأن يصلح عيوبها بدلاً من تعليق الفشل على الآخرين، مع الأخذ في الاعتبار كافة الأسباب، قال تعالى: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم: 47].
وأن يعلم أن نصر الله للفئة المؤمنة يكون في الدنيا والآخرة، ولكن ربما لا يلحق النصر فئة معينة عاملة أو يتأخر بعض الشئ فلا ينبغي أن يلحق العبد شك في وعد الله ووعيده، فإنما نحن عمالٌ في هذه الدنيا وللعامل الأجر وليس له أن يسأل متى تخرج الثمرة ولا إلى أين {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [سورة آل عمران: 171]، قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} [سورة غافر:51]، وقال تعالى {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} [سورة النور:55].
ثالثاً؛ الأخوة الإيمانية:
قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} [سورة الحجرات: 10] فينبغي على العبد المجاهد أن يعلم أن كل من قال لا إله إلا الله موقناً بها قلبه عاملا بمقتضاها هو أخ له في الله، فالأخوة الإيمانية رابطة راسخة ومتينة تكسب الفرد قوة في نفسه، وتزيد الجماعة المسلمة عزة وكرامة، وهي منة من الله تعالى، قال تعالى: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} [سورة الأنفال:62،63].
وفي الحديث الذي رواه البخاري: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، والأخوة ليست شعاراً يرفع ولا لافتة توضع على الجبين، وإنما هي سلوك يتحلى به المسلم ويظهر أثره بين إخوانه، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
رابعاً؛ التميّز:
إن الله تبارك وتعالى أوجب تميز المؤمنين عن الكفار والمنافقين وأهل الأهواء، فقال تعالى: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد} [سورة الكافرون:1 - 3]، أي فاصلهم يا محمد في عبادتك ومنهجك وعقيدتك، فلابد للعبد المجاهد أن يتميز عن بقية المجتمع الجاهلي من حوله في المخبر والمظهر، وفي المقاصد والأهداف وفي المقاييس والموازيين تماماً كما يتميز في الملبس والمأكل والمشرب.
ومن أوضح صور المفاصلة والتميز الجهاد في سبيل الله، قال صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) [رواه مسلم عن أبي هريرة].
أولا؛ الإعداد الإيماني
والمراد به تعليم الفرد والجماعة الحق، وتربيتها على التخلق والعمل به.
أهميته:
وتتضح أهمية الإعداد الإيماني في النقاط التالية:
1) هو المحور الذي تقوم عليه الجماعة المسلمة؛ ويرتكز عليه أي كيان يريد القيام بفريضة الجهاد في سبيل الله، ويتأتى ذلك بتطبيق الحقائق الإيمانية من المودة والأخوة والإيثار والتراحم ونحو ذلك داخل الصف المسلم ليكون كما أراد الله "بنياناً مرصوصاً".
2) أنه أساس لازم لجميع التكاليف الشاقة كالجهاد ونحوه؛ فإذا أتم المرء أو الجماعة هذا الإعداد صارت مؤهلة لأداء هذه الفريضة وصارت أهلاً للتأييد والتثبيت الإلهي، ولذا فقد خاطب الله نبيه: {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً} إلى قوله {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} [سورة المزمل:1 - 5].
3) به تتقوى صلة المرء بربه، ويستمد منه العون؛ ويأتيه الفرج بعد الكرب، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب} [سورة الطلاق:2،3].
4) به يجبر النقص والضعف في العدد والعدة لدى المسلمين أمام أعدائهم؛ قال تعالى: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين} [سورة البقرة: 249]، فإن اتصاف هذه الفئة القليلة بالصبر وتحليها به عوضها النقص العددي لديها فنصرها الله تعالى.
5) هو من الأسباب الهامة في توحيد المسلمين ولمّ شملهم؛ قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا} [سورة آل عمران: 103].
فالإيمان بالله والاعتصام بكتابه وسنة رسوله أسباب لتأليف القلوب واجتماعها، بينما البغضاء والحسد وغيرها من أسباب التفرق والضعف والهزيمة، قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [سورة الأنفال:46].
ونختم هذه الفقرة في بيان أهمية الإعداد الإيماني لأداء فريضة الجهاد ببيان صفات المجاهدين المشتملة على فضائل الأعمال الظاهرة والباطنة وذلك في قوله تعالى بعد آية البيعة: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين} [سورة التوبة: 112].
صوره:
وصور الإعداد الإيماني كثيرة ومتعددة بتعدد شعب الإيمان القلبية والظاهرة، العلمية والعملية، وبذكرها يطول المقام، ولكن جماع هذه الصور في أمرين عظيمين هما:
1) العلم الشرعي.
2) التزكية.
قال تعالى: {يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} [سورة البقرة: 129].
وسنقتصر على ذكر بعض هذه الصور خشية الإطالة، ومن هذه الصور:
أولاً؛ الإخلاص:
وهو إفراد الله جل وعلا بالعبادة وحده لا شريك له، وتنقية النفس من شوائب الشك والشرك، وذلك بإصلاح النية لله تبارك وتعالى، ففي الصحيحين عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن أعرابياً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمته فعرفها، قال فما عملت فيها؟، قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكن قاتلت ليقال جرئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار) [رواه مسلم، وهو جزء من حديث طويل].
واعلم رحمك الله؛ أن الثواب الذي أعده الله لعباده المؤمنين موقوف على شرطين أولهما الإخلاص والثاني المتابعة، وإن من العجب كل العجب أن يجني المرء على نفسه بأن يوردها المهالك لأجل أن يقال جريء أو شجاع أو شهيد، أو يخرج اسمه على صفحات الجرائد والمجلات، أو يحظى بمقابلة صحفية أو تلفزيونية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) [رواه أحمد والترمذي من حديث كعب بن مالك].
فالحرص على الرياسة والمال يفسدان دين المرء أشد من إفساد الذئبين الجائعين إذا أرسلا في زريبة الغنم، فتأمل عافاك الله!
وكفى بالإخلاص بشرىً وفضلاً قول الله تعالى في شأن الصحابة المخلصين: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريبا} [سورة الفتح:18]، وهذا بسبب إخلاصهم وصدق نيتهم مع أنهم لم يقوموا بما عزموا عليه لكن هذا فضل الله على عباده المخلصين، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي فهو عليّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة).
ثانياً؛ الثقة بالله:
على العبد الصالح والمجاهد الصادق أن يعلم؛ أن النصر من عند الله، قال تعالى: {وما النصر إلا من عند الله} [سورة الأنفال:10]، وأن القوة المادية لا قيمة لها إذا لم يوفق الله القدير أهلها، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده} [سورة آل عمران: 160].
وأن النصر والإيمان لا يفترقان، وأن التناسب بينهما طردي، فعلى قدر قوة الإيمان تكون سرعة النصر، وإذا تخلف النصر فلابد أن يفتش المرء في نفسه، وأن يصلح عيوبها بدلاً من تعليق الفشل على الآخرين، مع الأخذ في الاعتبار كافة الأسباب، قال تعالى: {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} [سورة الروم: 47].
وأن يعلم أن نصر الله للفئة المؤمنة يكون في الدنيا والآخرة، ولكن ربما لا يلحق النصر فئة معينة عاملة أو يتأخر بعض الشئ فلا ينبغي أن يلحق العبد شك في وعد الله ووعيده، فإنما نحن عمالٌ في هذه الدنيا وللعامل الأجر وليس له أن يسأل متى تخرج الثمرة ولا إلى أين {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} [سورة آل عمران: 171]، قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} [سورة غافر:51]، وقال تعالى {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم} [سورة النور:55].
ثالثاً؛ الأخوة الإيمانية:
قال تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} [سورة الحجرات: 10] فينبغي على العبد المجاهد أن يعلم أن كل من قال لا إله إلا الله موقناً بها قلبه عاملا بمقتضاها هو أخ له في الله، فالأخوة الإيمانية رابطة راسخة ومتينة تكسب الفرد قوة في نفسه، وتزيد الجماعة المسلمة عزة وكرامة، وهي منة من الله تعالى، قال تعالى: {هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم} [سورة الأنفال:62،63].
وفي الحديث الذي رواه البخاري: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً)، والأخوة ليست شعاراً يرفع ولا لافتة توضع على الجبين، وإنما هي سلوك يتحلى به المسلم ويظهر أثره بين إخوانه، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
رابعاً؛ التميّز:
إن الله تبارك وتعالى أوجب تميز المؤمنين عن الكفار والمنافقين وأهل الأهواء، فقال تعالى: {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد} [سورة الكافرون:1 - 3]، أي فاصلهم يا محمد في عبادتك ومنهجك وعقيدتك، فلابد للعبد المجاهد أن يتميز عن بقية المجتمع الجاهلي من حوله في المخبر والمظهر، وفي المقاصد والأهداف وفي المقاييس والموازيين تماماً كما يتميز في الملبس والمأكل والمشرب.
ومن أوضح صور المفاصلة والتميز الجهاد في سبيل الله، قال صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق) [رواه مسلم عن أبي هريرة].
رد: من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد
ثانياً؛ الإعداد المادي
والمراد به إعداد القوة اللازمة للتمكن من مواجهة الأعداء، وصوره كذلك عديدة ومتنوعة، وجماعها في أمرين أساسيين هما:
1) إعداد القوة
2) والتدرب عليها.
قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم} [سورة الأنفال:60].
قال ابن كثير رحمه الله: (أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال: {وأعدوا لهم ما استطعتم} أي مهما أمكنكم {من قوة ومن رباط الخيل}... إلى قوله {ترهبون} أي تخوفون {به عدو الله وعدوكم} أي الكفار). اهـ [ج2/294].
والغرض من هذا الإعداد هو إرهاب الأعداء من الكافرين والمرتدين كما صرحت الآية بذلك.
ومن صور الإعداد المادي:
1) تعلم الرماية:
وردت النصوص الشرعية في بيان أهمية تعلم الرمي كسلاح فعّال يقاتل به الأعداء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في تفسير آية الأنفال فيما رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة …} فقال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ثلاثاً).
وهو أسلوب من أساليب الحصر (حصر المبتدأ في الخبر) كقوله صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، و (الدين النصيحة)، ويستفاد من ذلك عدة أمور منها؛ أهمية الرمي كوسيلة من وسائل الجهاد، وأن لفظ "الرمي" جاء عاماً ليشمل جميع أنواع الرمي وأشكاله من قذف بالمدافع أو رمي بالطائرات أو قنص بالبنادق، وإن لم يكن كل ذلك معروفاً في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاء في كتاب "الجهاد والحقوق الدولية": «فالواجب على المسلمين في هذا العصر بنص القرآن صنع المدافع بأنواعها والبنادق والدبابات والطيارات والمناطيد وإنشاء السفن الحربية بأنواعها، ومنها الغواصات التي تغوص في البحر، ويجب عليهم تعلم الفنون والصناعات التي يتوقف عليها صنع هذه الأشياء وغيرها من قوى الحرب، بدليل: (ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب)» [الجهاد والحقوق الدولية العامة في الإسلام: ص238].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الأطهار يعدون العدة ويجتهدون في ذلك، وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسهام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً وأنا مع فلان)، قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لكم لا ترمون)، فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارموا وأنا معكم كلكم). زاد الحاكم في رواية: (فلقد رموا عامة يومهم ذاك، ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضاً).
وروى البخاري عن على رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله يفدي رجلاً بعد سعد، سمعته يقول: (ارم فداك أبي وأمي).
وروى الترمذي وأبو داود والنسائي عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، - وفي رواية والممد به - فارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، ليس من اللهو ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها).
وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفروسية: قال مصعب بن سعد: كان سعد يقول: (أي بني تعلموا الرماية فإنها خير لعبكم)، ذكره الطبراني في كتاب فضل الرمي وذكر فيه أيضاً عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح: (أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي) [الفروسية، ص9].
2) الرياضة البدنية:
وتشتمل على عدة صور كالجري والتسابق والمصارعة، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (بينما نحن نسير وكان رجل من الأنصار لا يسبق أبداً فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟، هل من مسابق؟، فقلت أما تكرم كريما وتهاب شريفاً؟، قال: لا إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني أسابق الرجل، فقال: إن شئت، فسبقته إلى المدينة) [رواه مسلم]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصارع وكذلك الصحابة من باب الإعداد، ففي سنن أبي داود عن محمد بن علي بن ركانة أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم.
3) إعداد الراحلة وتفقدها:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق بين الإبل، ويسابق بين الخيل، روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت العضباء لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها الأعرابي، وكأن ذلك شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (حق على الله أن لا يرتفع شئ إلا وضعه)، وفي رواية: (حقٌ على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)، وأما مسابقته للخيل ففي الصحيح من حديث ابن عمر قال: سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فأرسلت التي أضمرت منها وأمَدَهُا الحصباء إلى ثنية الوداع، والتي لم تضمر أمَدَهُا ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق).
بل بلغ تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم للإعداد أن راهن على ذلك، ففي المسند من حديث أنس أنه قيل له: أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: نعم والله، لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس له يقال له "سبحة" فسبق الناس فبش لذلك وأعجبه.
وهذا من الرهان الذي فيه منفعة للدين وظهور الإسلام وإعلاء له.
والمراد به إعداد القوة اللازمة للتمكن من مواجهة الأعداء، وصوره كذلك عديدة ومتنوعة، وجماعها في أمرين أساسيين هما:
1) إعداد القوة
2) والتدرب عليها.
قال تعالى: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم} [سورة الأنفال:60].
قال ابن كثير رحمه الله: (أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة فقال: {وأعدوا لهم ما استطعتم} أي مهما أمكنكم {من قوة ومن رباط الخيل}... إلى قوله {ترهبون} أي تخوفون {به عدو الله وعدوكم} أي الكفار). اهـ [ج2/294].
والغرض من هذا الإعداد هو إرهاب الأعداء من الكافرين والمرتدين كما صرحت الآية بذلك.
ومن صور الإعداد المادي:
1) تعلم الرماية:
وردت النصوص الشرعية في بيان أهمية تعلم الرمي كسلاح فعّال يقاتل به الأعداء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في تفسير آية الأنفال فيما رواه مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة …} فقال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ثلاثاً).
وهو أسلوب من أساليب الحصر (حصر المبتدأ في الخبر) كقوله صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة)، و (الدين النصيحة)، ويستفاد من ذلك عدة أمور منها؛ أهمية الرمي كوسيلة من وسائل الجهاد، وأن لفظ "الرمي" جاء عاماً ليشمل جميع أنواع الرمي وأشكاله من قذف بالمدافع أو رمي بالطائرات أو قنص بالبنادق، وإن لم يكن كل ذلك معروفاً في عصر النبي صلى الله عليه وسلم.
وجاء في كتاب "الجهاد والحقوق الدولية": «فالواجب على المسلمين في هذا العصر بنص القرآن صنع المدافع بأنواعها والبنادق والدبابات والطيارات والمناطيد وإنشاء السفن الحربية بأنواعها، ومنها الغواصات التي تغوص في البحر، ويجب عليهم تعلم الفنون والصناعات التي يتوقف عليها صنع هذه الأشياء وغيرها من قوى الحرب، بدليل: (ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب)» [الجهاد والحقوق الدولية العامة في الإسلام: ص238].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الأطهار يعدون العدة ويجتهدون في ذلك، وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون بالسهام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً وأنا مع فلان)، قال فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما لكم لا ترمون)، فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ارموا وأنا معكم كلكم). زاد الحاكم في رواية: (فلقد رموا عامة يومهم ذاك، ثم تفرقوا على السواء ما نضل بعضهم بعضاً).
وروى البخاري عن على رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله يفدي رجلاً بعد سعد، سمعته يقول: (ارم فداك أبي وأمي).
وروى الترمذي وأبو داود والنسائي عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة، صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، - وفي رواية والممد به - فارموا واركبوا، وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، ليس من اللهو ثلاث: تأديب الرجل فرسه وملاعبته أهله ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها).
وقال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفروسية: قال مصعب بن سعد: كان سعد يقول: (أي بني تعلموا الرماية فإنها خير لعبكم)، ذكره الطبراني في كتاب فضل الرمي وذكر فيه أيضاً عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح: (أن علموا غلمانكم العوم ومقاتلتكم الرمي) [الفروسية، ص9].
2) الرياضة البدنية:
وتشتمل على عدة صور كالجري والتسابق والمصارعة، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (بينما نحن نسير وكان رجل من الأنصار لا يسبق أبداً فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة؟، هل من مسابق؟، فقلت أما تكرم كريما وتهاب شريفاً؟، قال: لا إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي ذرني أسابق الرجل، فقال: إن شئت، فسبقته إلى المدينة) [رواه مسلم]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصارع وكذلك الصحابة من باب الإعداد، ففي سنن أبي داود عن محمد بن علي بن ركانة أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم.
3) إعداد الراحلة وتفقدها:
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق بين الإبل، ويسابق بين الخيل، روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت العضباء لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها الأعرابي، وكأن ذلك شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (حق على الله أن لا يرتفع شئ إلا وضعه)، وفي رواية: (حقٌ على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)، وأما مسابقته للخيل ففي الصحيح من حديث ابن عمر قال: سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فأرسلت التي أضمرت منها وأمَدَهُا الحصباء إلى ثنية الوداع، والتي لم تضمر أمَدَهُا ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق).
بل بلغ تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم للإعداد أن راهن على ذلك، ففي المسند من حديث أنس أنه قيل له: أكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟، قال: نعم والله، لقد راهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس له يقال له "سبحة" فسبق الناس فبش لذلك وأعجبه.
وهذا من الرهان الذي فيه منفعة للدين وظهور الإسلام وإعلاء له.
رد: من أحكام الجهاد ؛ " الإعداد
وبعد...
فهذه بعض صور الإعداد المادي قصدنا التمثيل بها والتنبيه على سائرها، وبيان أهمية هذا النوع للمجاهد في سبيل الله.
واعلم أخي المجاهد؛ أن إعداد العدة ليست حالة طارئة في حياة المجاهد أو حياة الجماعة المجاهدة بل هي حالة ملازمة دائمة لا يجوز أن تنقطع أو تتوقف في وقت من الأوقات إلا عند العجز.
قال ابن تيمية رحمه الله: (يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وذلك هو مقتضى الأمر في قوله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} وذلك لتحصيل أسباب القوة التي هي عماد الجهاد القائم إلى قيام الساعة.
والحمد لله أولاً وآخراً
فهذه بعض صور الإعداد المادي قصدنا التمثيل بها والتنبيه على سائرها، وبيان أهمية هذا النوع للمجاهد في سبيل الله.
واعلم أخي المجاهد؛ أن إعداد العدة ليست حالة طارئة في حياة المجاهد أو حياة الجماعة المجاهدة بل هي حالة ملازمة دائمة لا يجوز أن تنقطع أو تتوقف في وقت من الأوقات إلا عند العجز.
قال ابن تيمية رحمه الله: (يجب الاستعداد للجهاد بإعداد القوة ورباط الخيل في وقت سقوطه للعجز، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
وذلك هو مقتضى الأمر في قوله تعالى {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} وذلك لتحصيل أسباب القوة التي هي عماد الجهاد القائم إلى قيام الساعة.
والحمد لله أولاً وآخراً
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى