الدهر ذو دولٍ
صفحة 1 من اصل 1
الدهر ذو دولٍ
الدَّهْرُ ذو دُولٍ والموتُ ذو عِلَلٍ | والمرءُ ذو أملٍ والناسُ أشباهُ | |
ولم تزل عِبَرٌ فِيهنَّ مُعْتَبرٌ | يجري بها قدرٌ والله أجراهُ | |
يبكي ويضحكُ ذو نفسٍ مُصَرَّفَةٍ | والله أضحكهُ والله أبكاهُ | |
والمُبتلى فهوَ المهجور جانبهُ | والناسُ حيثُ يكونُ المالُ والجاهُ | |
والخَلْقُ مِنْ خَلْقِ ربي قد يُدَبِّرُهُ | كُلٌّ فمستعبدٌ والله مولاهُ | |
طُوبى لعبدٍ لِمولاهُ إنابتهُ | قد فاز عبدٌ مُنيبُ القلبِ أواهُ | |
يا بائع الدين بالدنيا وباطِلها | ترضى بِدينك شيئاً ليس يَسْواهُ | |
حتى متى أنت في لهوٍ وفي لعبِ | والموتُ نحوك يهوي فاغراً فاهُ | |
ما كلُ ما يتمنى المرءُ يدرِكهُ | رُبَّ امرىءٍ حَتفُهُ فيما تمناهُ | |
إن المنى لَغُرورٌ ضِلةً وَهَوىً | لعل حتفَ امرىءٍ في الشيءِ يَهواهُ | |
تَغْتَرُّ لِلجهل بالدنيا وَزُخرفها | إن الشقيَّ لَمَنْ غرته دنياهُ | |
كأنَّ حَيًّا وقد طالتْ سلامتُهُ | قد صار في سكراتِ الموت تغشاهُ | |
والناسُ في رَقْدَةٍ عما يُرادُ بهم | ولِلحوادثِ تَحْريكٌ وإنباهُ | |
أنصفْ هُدِيتَ إذا ما كنتَ مُنتصفاً | لا ترضَ لِلناس شيئاً لستَ ترضاهُ | |
يارُبَّ يوْمٍ أتت بُشراهُ مُقْبِلةً | ثم استحالت بصوتِ النَّعيِ بُشْراهُ | |
لا تحقرنَّ من المعروف أصغرهُ | أحسنْ فعاقِبَةُ الإحسانِ حُسناهُ | |
وكُلُّ أمرٍ لهُ لابُدَّ عاقِبةٌ | وخيرُ أمركَ ما أحمدتَ عَقباهُ | |
تلهو وللموت مُمسانا ومُصبحنا | من لم يُصبِّحْهُ وَجْهُ الموتِ مَسَّاهُ | |
كم من فتىً قد دنت للموت رِحلتُهُ | وخيرُ زاد الفتى للموت تقواهُ | |
ما أقرب الموتَ في الدنيا وأفظَعَهُ | وما أمَرَّ جنى الدنيا وأحلاهُ | |
كم نافسَ المرءُ في شيءٍ وكايدَ فِيـ | ــهِ الناسَ ثُم مضى عنهُ وخلاهُ | |
بينا الشفيقُ على إلْفٍ يُسّرُّ بهِ | إذ صار أغمضهُ يوماً وسجاهُ | |
يبكي عليه قليلاً ثم يخرجهُ | فَيُمْكِنُ الأرضَ مِنهُ ثم ينساهُ | |
وكلُ ذِي أجلٍ يوماً سيبلغهُ | وكُلُّ ذِي عملٍ يوماً سيلقاهُ |
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى