إدارة الأزمات العسكرية
صفحة 1 من اصل 1
إدارة الأزمات العسكرية
الأزمات العسكرية أو الاقتصادية أو الاجتماعية قديمة قدم التاريخ، وهي جزء من نسيج الحياة الإنسانية في أي مجتمع، وسمة من سمات الحياة المعاصرة، وقد ازدادت أهمية هذه الأزمات وخطورتها في العصر الحالي، الذي يطلق عليه البعض أحياناً "عصر الأزمات"، ولقد أصبح مصطلح الأزمة من المصطلحات الشائعة في لغتنا اليومية، مثل: الأزمة العسكرية، وأزمة الشرق الأوسط، والأزمة الاقتصادية، وأزمة التعليم، وأزمة الهوية الوطنية. وحين أضحى كل تنظيم لا ينجو من تأثير الأزمات، فقد تعاظم الاهتمام بإدارة الأزمات كأسلوب للمستقبل والتكيف مع المتغيرات المفاجئة وغير القابلة للتوقع المسبق. وإدارة الأزمات هي علم من العلوم السياسية المعاصرة التي تدرس في المعاهد الدولية والتي يؤخذ بنتائجها وتوصياتها لدى الحكومات المتقدمة. والتعامل السليم مع أي أزمة لا يتم حينما تحدث، أي أن يكون في مجال رد الفعل، ولكن يكون من خلال التصور المسبق لها والاستعداد المبكر لحدوثها. فمثلاً: أي دولة معرضة لاختطاف طائرة، أو وقوع أزمة على الحدود مع جيرانها، أو حدوث توتر في العلاقات مع قوى عظمى، أو مواجهة خطر إقليمي مفاجئ، أو المشاركة في أزمة إقليمية ضاغطة. وكل هذه الأزمات وغيرها أمور يمكن توقعها، ومعرفة أبعادها، وأطرافها، وطرق التعامل معها، وتوزيع الأدوار على كل طرف فيها بغرض تحديد المسؤوليات، والالتزام بجدول زمني تجاهها. والنظام المتقدم هو الأكثر استعداداً للتعامل مع القضايا والأزمات، وهو القادر دائماً على أن يسحب ملفاً جاهزاً بالحل المتكامل حينما تحدث الأزمة. أما مشكلة العديد من دول العالم الثالث فتكمن في أنها تتعامل مع الأزمة بعد اندلاعها، والكارثة بعد انتشارها، والقضية الأمنية بعد تهديدها للنظام والمجتمع. تعريف الأزمة: لقد تعددت تعريفات الأزمة، فاختلفت في بعض الجوانب، واتفقت في جوانب أخرى، وفيما يلي عرض لبعض هذه التعريفات: 1) الأزمة؛ ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن، ويمثل نقطة تحول في حياة الفرد، أو الجماعة، أو المنظمة، أو المجتمع، وغالباً ما ينتج عنه تغيير كبير. 2) الأزمة؛ حالة توتر، ونقطة تحول، تتطلب قراراً ينتج عنه مواقف جديدة - سلبية كانت أم إيجابية - تؤثر على مختلف الكيانات ذات العلاقة. 3) الأزمة؛ فترة حرجة، أو حالة غير مستقرة تنتظر حدوث تغيير حاسم. 4) الأزمة؛ موقف عصيب يمكن أن يؤدي إلى نتائج سلبية. 5 ) الأزمة؛ خبرة متعلقة بمعوق غير مألوف. تعريف إدارة الأزمات: 1) هي سلسلة الإجراءات "القرارات" الهادفة إلى السيطرة على الأزمة، والحد من تفاقمها حتى لا يفلت زمامها؛ مؤدية إلى نشوب الحرب... وبذلك تكون الإدارة الرشيدة للأزمة هي تلك التي تضمن الحفاظ على المصالح الحيوية للدولة وحمايتها. 2) هي قدرة أحد أطراف نزاع ما على إقناع خصمه أو خصومه، بصدق عزمه على تصعيد النزاع لحمله "لحملهم" على التراجع عن تصعيد الأزمة تجنباً للمساس بمصالحه.. وقد يفضل أطراف النزاع احتواء الأزمة من خلال ممارستهم لضبط النفس، ومحاولتهم إيجاد مخرج منها يحفظ لهم جميعاً ماء وجوههم، أو الوصول فيما بينهم إلى تسوية تنزع فتيل الأزمة بدون المساس بالمصالح الجوهرية لأيهم. 3) هي احتواء الأزمة والتلطيف من حدتها يستبعد معه حدوث اشتباكات عسكرية على نطاق واسع. ومن خلال التعاريف السابقة يمكن تحديد الهدف من مواجهة الأزمات بأنه "السعي بالإمكانات البشرية والمادية المتوفرة إلى إدارة الموقف وذلك عن طريق: 1) وقف التدهور والخسائر. 2) تأمين وحماية العناصر الأخرى المكونة للكيان الأزموي. 3) السيطرة على حركة الأزمة والقضاء عليها. 4) الاستفادة من الموقف الناتج عن الأزمة في الإصلاح والتطوير. 5) دراسة الأسباب والعوامل التي أدت للأزمة لاتخاذ إجراءات الوقاية لمنع تكرارها أو حدوث أزمات مشابهة لها. الأسباب الرئيسة وراء الأزمات: يمكن تحديد ثلاثة أسباب وراء الأزمات هي: 1) أسباب خارجة عن قدرات الإنسان وبالتالي لا يمكنه التحكم فيها إلا إيقافها أو إضعافها، ولا قدرة له على التنبؤ بحدوثها، وقد يمكن التنبؤ بحدوثها ولكن متى؟ وأين؟ لا نعرف. 2) أسباب ترجع إلى الإنسان مثل: سوء الفهم، سوء الإدراك، سوء التقدير، سوء التخطيط، الإهمال، الإدارة غير الرشيدة، الأخطاء البشرية، ضعف المتابعة والمراقبة. 3) ضعف الإمكانات المالية والمادية والتكنولوجية والعسكرية. 4) تعارض المصالح والأهداف، والصراع على الموارد والسلطة. |
رد: إدارة الأزمات العسكرية
أنواع الأزمات:
وتنقسم الأزمات طبقاً لمعايير مختلطة إلى الأنواع الآتية:
1) أزمات كونية، مثل: الكوارث، والأوبئة، والحرائق، والفيضانات والسيول..الخ.
2) أزمات اجتماعية مثل: الفتن الطائفية، وأعمال الشغب.
3) أزمات اقتصادية مثل: نقص الطاقة، أو المواد الغذائية.
4) أزمات سياسية مثل: الاغتيالات، واختطاف الطائرات.
5) أزمات عسكرية مثل: التمرد، والتهديد باستخدام القوة، والحروب.
وهناك تقسيم آخر للأزمات كالآتي:
1) أزمات داخلية: وهي التي تهدد كيان الدولة الداخلي وأمنها القومي.
2) أزمات خارجية: وهي الفعل أو الحدث الذي تهدف من ورائه دولة ما إلى إحداث تغيير حاد مفاجئ في الوضع الدولي الراهن.
3) أزمات الصراع المسلح: وقد ينشأ هذا النوع أثناء الحرب أو الصراع المسلح نتيجة للمتغيرات السريعة والحادة في موقف أحد الجانبين المتضادين.
4) أزمات الإرهاب الدولي.
إجراءات ومنظومة إدارة الأزمة:
تعرف إجراءات إدارة الأزمة أنها الإجراءات المتخذة من القيادات العسكرية العليا في الدولة "وذلك حسب توجيه القيادة السياسية في الدولة"، وذلك لتطوير التوصيات الزمنية، وتنفيذ القرارات المتعلقة بالحفاظ على الأمن الوطني عن طريق انتشار واستخدام القوات العسكرية لضمان الآتي:
1) التبادل السريع والمنطقي للمعلومات.
2) التحضيرات الزمنية اللازمة لإيجاد طرق الحل على ضوء فكرة العملية من القيادات العسكرية صاحبة الصلاحية على أن تتضمن خطط انتشار واستخدام القوات العسكرية.
3) مراعاة تلاؤم وتواؤم الخطط مع إمكانات وقدرات القوات المنفذة للعمليات المستقبلية.
أما عن منظومة تدعيم القرار في إدارة الأزمات ومراكزها؛ فإنها تتكون من الأفراد والمعدات والأساليب التكنولوجية اللازمة للمساعدة في عملية صنع القرار بمراحلها الثلاث كالآتي:
أولاً؛ مرحلة الاستخبار: ويتم فيها توفير البيانات المطلوبة لعملية صنع القرار، وعرضها في التوقيت السليم، وبالشكل المناسب الذي يحقق إحاطة دقيقة وكاملة لمتخذي القرار، وبأقل مجهود منهم. وهذه البيانات قبل تحليلها وصياغتها، وعرضها، تأتي من عدة مصادر هي: قواعد البيانات السابق إعدادها وتحديثها في مركز إدارة الأزمات، ومصادر المعلومات المحلية السابق الاتفاق معها على أشكال ووسائل تبليغ المعلومات، وتصوير وتوصيل ما يتم على مسرح الأزمة لحظياً، ومصادر جديدة للاستفسار والتحري والتنبؤ عن معلومات مطلوبة وغير متوفرة من المصادر الثلاثة المذكورة.
ثانياً؛ مرحلة إعداد البدائل: ويتم فيها تصميم عدد من البدائل الممكنة لمواجهة الأزمة، مع صياغة كل بديل في صورة خطة كاملة تشتمل على احتمالات النجاح، ودرجة المخاطرة، وتسلسل التأثيرات.
ثالثاً؛ مرحلة اختيار البديل الأمثل: ويتم فيها استقراء وتنظيم ووزن معايير النجاح في حل الأزمة، ومفاضلة كل بديل طبقاً لهذه المعايير من وجهتي نظر التكلفة والعائد، وتوضيح حساسية كل بديل للتغيير في وزن كل معيار، كما تشتمل منظومة تدعيم القرار في مركز إدارة الأزمات على وحدة الاستخبار، ووحدة إعداد البدائل، ووحدة اختيار البديل، ووحدة الربط والعرض.
مراحل التخطيط في إدارة الأزمة:
من مراحل إدارة الأزمة العسكرية الواحدة ما يلي:
المرحلة الأولى؛ تطور الموقف: تبدأ هذه المرحلة عندما يتطلب الموقف اتخاذ إجراء يتعلق بالأمن الوطني، وتنتهي هذه المرحلة بتبليغ القيادة السياسية للقيادة العسكرية بالحدث.
المرحلة الثانية: يتم تقييم الأزمة: من منظور سياسي، واقتصادي، وعسكري، واجتماعي، ونفسي في ضوء حجم ونمط وطبيعة الأزمة؛ لكون القرار القاضي باستخدام القوات العسكرية سوف يبنى على استخدام القوات العسكرية المتاحة في ظل الاستراتيجية العسكرية الآنية في إدارة الأزمات. وتبدأ المرحلة الثانية من تبليغ القيادة المسؤولة عن إدارة الأزمة، وتنتهي بصنع القرار، وتحديد القيادة العليا لطريقة الحل العسكرية المختارة، وتتميز هذه المرحلة بزيادة الحذر، ورفع حالة التأهب والتبليغ أولاً بأول عن الموقف وتطوره، وتدفق المعلومات عن طريق تكثيف جمعها.
المرحلة الثالثة؛ تطوير طرق الحل: تعتبر القيادة العسكرية المكلفة بإدارة الأزمة مسؤولة عن تطوير طرق الحل، وإبلاغ القيادة المنفذة، وتبدأ هذه المرحلة بقرار تطوير طرق الحل العسكرية المحتملة، وتنتهي بتقديم الحل العسكري الأمثل للقيادة السياسية كتوصية.
المرحلة الرابعة؛ اختيار طرق الحل: تبدأ هذه المرحلة عند تقديم القيادة العسكرية العليا طرق الحل المختارة للقيادة السياسية، وتنتهي بطريقة الحل المختارة، وتبقى الموافقة على طريقة الحل المختارة سواء من القيادات المنفذة أو غيرها عبارة عن توصية. أما عن اختبار طريقة الحل فهي من صلاحية القيادة العسكرية العليا، بينما تستمر بقية لجان التخطيط لإدارة ومعالجة الأزمة في أعمالها التي سبق أن حددت في المرحلتين الثانية والثالثة.
المرحلة الخامسة؛ التخطيط للتنفيذ: التخطيط التفصيلي يمثل الإطار العام لهذه المرحلة؛ وذلك لمساندة طريقة الحل المختارة. ويعتمد حجم تفصيل الخطة على كفاية الوقت المتاح للتخطيط. وفي هذه المرحلة يقوم قائد منطقة المسؤولية بترجمة طريقة الحل المختارة إلى خطة عمليات، كما يجب الأخذ بعين الاعتبار القوات المتوفرة واستمرارية العمليات والنقل.
المرحلة السادسة؛ التنفيذ: ويتم فيها الأمر بتنفيذ العملية من القيادة العليا؛ وذلك بتمويل خطة العمليات إلى أمر عمليات، وتحديث قاعدة المعلومات بكافة المستجدات مع المحافظة على استمرار تدفق التقارير أولاً بأول.
هل ما نحن بصدده هو معالجة الأزمة أو إدارة الأزمة؟
هناك اختلاف كبير بين الباحثين والمنظرين، وكل منهم له وجهة نظر، كذلك الدول تباينت في تفسيرها، فكثير من الدول النامية تنظر إلى إدارة الأزمات من منظور أن الدول العظمى تكتفي بإدارة الأزمات ولكنها لا تسعى إلى معالجة الأزمة، والحيلولة دون وصولها إلى مرحلة الصراع، كذلك تدير الأزمة أو الأزمات؛ لضمان استمرار تأججها، وضمان خلق ووجود المناخ السياسي والاقتصادي المناسب الذي من خلاله تستطيع تحقيق مصالحها الوطنية، وهذا هو السؤال الذي يطرح نفسه اليوم في ظل معايشتنا لأزمات وكوارث وصراعات لم تشهدها البشرية من قبل، في ظل ما سمي بالنظام العالمي الجديد، كان آخر هذه الأزمات الحرب الأنجلو أمريكية على العراق، هذا فضلاً عن الانحياز المستفز للدول العربية من جانب الإدارة الامريكية مع الصهيونية ضد الفلسطينيين.
من هنا أرى أنه يجب على الدول العربية والإسلامية في ظل التهديدات العسكرية لها من قبل الدول العظمى أن تراعي بعض الاعتبارات عند مواجهة التهديدات العسكرية لها "كأزمة" منها:
1) البعد عن التعقيدات في التعامل بين الدول العربية والإسلامية؛ لوضع استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه الأزمة.
2) تفويض السلطة للفريق العسكري والأمني وذات العلاقة لمواجهة الأزمات.
3) تفعيل دور العمل الفريقي في كل دولة عربية أو إسلامية في مواجهة الأزمات.
4) تبني سياسة الباب المفتوح في الاتصالات الداخلية والخارجية بين الدول العربية والإسلامية.
5) توفير المعلومات الكافية والدقيقة والحديثة بشكل سريع عند الأزمة، وأسبابها، وتطورها مع ضرورة التشخيص السليم العسكري والأمني للأزمة.
6) النظرة الشمولية أو الكلية للموقف في أقل وقت ممكن مع ضرورة طرح الحلول الواقعية والعملية والسريعة للأزمة.
7) أن تستفيد الدول العربية والإسلامية من خبرات وتجارب الآخرين في مواجهة أزمات مشابهة خاصة العسكرية والأمنية، مع التصدي للشائعات بشكل سريع وصريح وموضوعي.
استخدام بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في تهدئة النفوس، وفي التخفيف من هول الأزمة.
أمثلة: قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا}، وقال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، وقال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) [رواه البخاري].
وحتى تستطيع الدول العربية والإسلامية مواجهة الأزمات العسكرية والأمنية، أوصي بما يلي:
1) ضرورة إنشاء مراكز عسكرية وأمنية لتخطيط المستقبل، وإدارة الأزمات؛ حيث إن هذه المراكز تلعب دوراً محورياً في عملية صنع القرارات لتقديم البدائل والاختيارات المتعددة لاتخاذ القرار بدون أخطاء كبيرة، ووفق أسس عقلانية تحتمل بنسب مقبولة، وهذه المراكز العسكرية والأمنية تساعد في عملية التحذير من الأزمة قبل وقوعها، فكلما كانت الحسابات السابقة في سيناريوهات المستقبل والقدرة الصحيحة على التنبؤ أمكن التحذير من وقوع أزمة في الطريق، وبالتالي يستوجب ذلك الإعداد والاستعداد لمواجهتها.
2) يقترح تشكيل فريق عسكري وأمني لمواجهة الأزمات عن كل مكان عسكري وأمني تتولى صياغة الخطوط الحمراء اللازمة لمواجهة مختلف الأزمات العسكرية والأمنية.
3) العمل على الاستفادة الكاملة من مراكز المعلومات القائمة في المجتمع، ومن أقسام المعلومات في القواعد، والأماكن، والقيادات العسكرية والأمنية، في توفير البيانات والمعلومات اللازمة لعمل مراكز عسكرية وأمنية لتخطيط المستقبل وإدارة الأزمات، ولغرض مواجهة الأزمات في هذه القيادات.
4) ضرورة توفير أنظمة حديثة للإنذار المبكر عبر الإنترنت والكمبيوتر للتنبؤ بالأزمات والكوارث خاصة الأمنية قبل وقوعها، تكفل سرعة استجابة التعامل معها مع توفير الإمكانات المادية والبشرية التي تحقق ذلك.
5) ضرورة وضع خطة إعلامية على المستوى العسكري والأمني للجمهور الداخلي، وأخرى للجمهور الخارجي؛ لتوعية وتوجيه الجمهور قبل الأزمة وأثنائها، وبعدها، والتأثير في سلوكياتهم، وتصرفاتهم، وتحديد ما يجب عليهم اتباعه من إجراءات وتدابير؛ للتخفيف من آثار الأزمة العسكرية أو الأمنية وأضرارها إلى أقل حد ممكن.
[بقلم: محمد مرسي محمد مرسي | عن مجلة الجندي المسلم / العدد 113]
وتنقسم الأزمات طبقاً لمعايير مختلطة إلى الأنواع الآتية:
1) أزمات كونية، مثل: الكوارث، والأوبئة، والحرائق، والفيضانات والسيول..الخ.
2) أزمات اجتماعية مثل: الفتن الطائفية، وأعمال الشغب.
3) أزمات اقتصادية مثل: نقص الطاقة، أو المواد الغذائية.
4) أزمات سياسية مثل: الاغتيالات، واختطاف الطائرات.
5) أزمات عسكرية مثل: التمرد، والتهديد باستخدام القوة، والحروب.
وهناك تقسيم آخر للأزمات كالآتي:
1) أزمات داخلية: وهي التي تهدد كيان الدولة الداخلي وأمنها القومي.
2) أزمات خارجية: وهي الفعل أو الحدث الذي تهدف من ورائه دولة ما إلى إحداث تغيير حاد مفاجئ في الوضع الدولي الراهن.
3) أزمات الصراع المسلح: وقد ينشأ هذا النوع أثناء الحرب أو الصراع المسلح نتيجة للمتغيرات السريعة والحادة في موقف أحد الجانبين المتضادين.
4) أزمات الإرهاب الدولي.
إجراءات ومنظومة إدارة الأزمة:
تعرف إجراءات إدارة الأزمة أنها الإجراءات المتخذة من القيادات العسكرية العليا في الدولة "وذلك حسب توجيه القيادة السياسية في الدولة"، وذلك لتطوير التوصيات الزمنية، وتنفيذ القرارات المتعلقة بالحفاظ على الأمن الوطني عن طريق انتشار واستخدام القوات العسكرية لضمان الآتي:
1) التبادل السريع والمنطقي للمعلومات.
2) التحضيرات الزمنية اللازمة لإيجاد طرق الحل على ضوء فكرة العملية من القيادات العسكرية صاحبة الصلاحية على أن تتضمن خطط انتشار واستخدام القوات العسكرية.
3) مراعاة تلاؤم وتواؤم الخطط مع إمكانات وقدرات القوات المنفذة للعمليات المستقبلية.
أما عن منظومة تدعيم القرار في إدارة الأزمات ومراكزها؛ فإنها تتكون من الأفراد والمعدات والأساليب التكنولوجية اللازمة للمساعدة في عملية صنع القرار بمراحلها الثلاث كالآتي:
أولاً؛ مرحلة الاستخبار: ويتم فيها توفير البيانات المطلوبة لعملية صنع القرار، وعرضها في التوقيت السليم، وبالشكل المناسب الذي يحقق إحاطة دقيقة وكاملة لمتخذي القرار، وبأقل مجهود منهم. وهذه البيانات قبل تحليلها وصياغتها، وعرضها، تأتي من عدة مصادر هي: قواعد البيانات السابق إعدادها وتحديثها في مركز إدارة الأزمات، ومصادر المعلومات المحلية السابق الاتفاق معها على أشكال ووسائل تبليغ المعلومات، وتصوير وتوصيل ما يتم على مسرح الأزمة لحظياً، ومصادر جديدة للاستفسار والتحري والتنبؤ عن معلومات مطلوبة وغير متوفرة من المصادر الثلاثة المذكورة.
ثانياً؛ مرحلة إعداد البدائل: ويتم فيها تصميم عدد من البدائل الممكنة لمواجهة الأزمة، مع صياغة كل بديل في صورة خطة كاملة تشتمل على احتمالات النجاح، ودرجة المخاطرة، وتسلسل التأثيرات.
ثالثاً؛ مرحلة اختيار البديل الأمثل: ويتم فيها استقراء وتنظيم ووزن معايير النجاح في حل الأزمة، ومفاضلة كل بديل طبقاً لهذه المعايير من وجهتي نظر التكلفة والعائد، وتوضيح حساسية كل بديل للتغيير في وزن كل معيار، كما تشتمل منظومة تدعيم القرار في مركز إدارة الأزمات على وحدة الاستخبار، ووحدة إعداد البدائل، ووحدة اختيار البديل، ووحدة الربط والعرض.
مراحل التخطيط في إدارة الأزمة:
من مراحل إدارة الأزمة العسكرية الواحدة ما يلي:
المرحلة الأولى؛ تطور الموقف: تبدأ هذه المرحلة عندما يتطلب الموقف اتخاذ إجراء يتعلق بالأمن الوطني، وتنتهي هذه المرحلة بتبليغ القيادة السياسية للقيادة العسكرية بالحدث.
المرحلة الثانية: يتم تقييم الأزمة: من منظور سياسي، واقتصادي، وعسكري، واجتماعي، ونفسي في ضوء حجم ونمط وطبيعة الأزمة؛ لكون القرار القاضي باستخدام القوات العسكرية سوف يبنى على استخدام القوات العسكرية المتاحة في ظل الاستراتيجية العسكرية الآنية في إدارة الأزمات. وتبدأ المرحلة الثانية من تبليغ القيادة المسؤولة عن إدارة الأزمة، وتنتهي بصنع القرار، وتحديد القيادة العليا لطريقة الحل العسكرية المختارة، وتتميز هذه المرحلة بزيادة الحذر، ورفع حالة التأهب والتبليغ أولاً بأول عن الموقف وتطوره، وتدفق المعلومات عن طريق تكثيف جمعها.
المرحلة الثالثة؛ تطوير طرق الحل: تعتبر القيادة العسكرية المكلفة بإدارة الأزمة مسؤولة عن تطوير طرق الحل، وإبلاغ القيادة المنفذة، وتبدأ هذه المرحلة بقرار تطوير طرق الحل العسكرية المحتملة، وتنتهي بتقديم الحل العسكري الأمثل للقيادة السياسية كتوصية.
المرحلة الرابعة؛ اختيار طرق الحل: تبدأ هذه المرحلة عند تقديم القيادة العسكرية العليا طرق الحل المختارة للقيادة السياسية، وتنتهي بطريقة الحل المختارة، وتبقى الموافقة على طريقة الحل المختارة سواء من القيادات المنفذة أو غيرها عبارة عن توصية. أما عن اختبار طريقة الحل فهي من صلاحية القيادة العسكرية العليا، بينما تستمر بقية لجان التخطيط لإدارة ومعالجة الأزمة في أعمالها التي سبق أن حددت في المرحلتين الثانية والثالثة.
المرحلة الخامسة؛ التخطيط للتنفيذ: التخطيط التفصيلي يمثل الإطار العام لهذه المرحلة؛ وذلك لمساندة طريقة الحل المختارة. ويعتمد حجم تفصيل الخطة على كفاية الوقت المتاح للتخطيط. وفي هذه المرحلة يقوم قائد منطقة المسؤولية بترجمة طريقة الحل المختارة إلى خطة عمليات، كما يجب الأخذ بعين الاعتبار القوات المتوفرة واستمرارية العمليات والنقل.
المرحلة السادسة؛ التنفيذ: ويتم فيها الأمر بتنفيذ العملية من القيادة العليا؛ وذلك بتمويل خطة العمليات إلى أمر عمليات، وتحديث قاعدة المعلومات بكافة المستجدات مع المحافظة على استمرار تدفق التقارير أولاً بأول.
هل ما نحن بصدده هو معالجة الأزمة أو إدارة الأزمة؟
هناك اختلاف كبير بين الباحثين والمنظرين، وكل منهم له وجهة نظر، كذلك الدول تباينت في تفسيرها، فكثير من الدول النامية تنظر إلى إدارة الأزمات من منظور أن الدول العظمى تكتفي بإدارة الأزمات ولكنها لا تسعى إلى معالجة الأزمة، والحيلولة دون وصولها إلى مرحلة الصراع، كذلك تدير الأزمة أو الأزمات؛ لضمان استمرار تأججها، وضمان خلق ووجود المناخ السياسي والاقتصادي المناسب الذي من خلاله تستطيع تحقيق مصالحها الوطنية، وهذا هو السؤال الذي يطرح نفسه اليوم في ظل معايشتنا لأزمات وكوارث وصراعات لم تشهدها البشرية من قبل، في ظل ما سمي بالنظام العالمي الجديد، كان آخر هذه الأزمات الحرب الأنجلو أمريكية على العراق، هذا فضلاً عن الانحياز المستفز للدول العربية من جانب الإدارة الامريكية مع الصهيونية ضد الفلسطينيين.
من هنا أرى أنه يجب على الدول العربية والإسلامية في ظل التهديدات العسكرية لها من قبل الدول العظمى أن تراعي بعض الاعتبارات عند مواجهة التهديدات العسكرية لها "كأزمة" منها:
1) البعد عن التعقيدات في التعامل بين الدول العربية والإسلامية؛ لوضع استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه الأزمة.
2) تفويض السلطة للفريق العسكري والأمني وذات العلاقة لمواجهة الأزمات.
3) تفعيل دور العمل الفريقي في كل دولة عربية أو إسلامية في مواجهة الأزمات.
4) تبني سياسة الباب المفتوح في الاتصالات الداخلية والخارجية بين الدول العربية والإسلامية.
5) توفير المعلومات الكافية والدقيقة والحديثة بشكل سريع عند الأزمة، وأسبابها، وتطورها مع ضرورة التشخيص السليم العسكري والأمني للأزمة.
6) النظرة الشمولية أو الكلية للموقف في أقل وقت ممكن مع ضرورة طرح الحلول الواقعية والعملية والسريعة للأزمة.
7) أن تستفيد الدول العربية والإسلامية من خبرات وتجارب الآخرين في مواجهة أزمات مشابهة خاصة العسكرية والأمنية، مع التصدي للشائعات بشكل سريع وصريح وموضوعي.
استخدام بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في تهدئة النفوس، وفي التخفيف من هول الأزمة.
أمثلة: قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا}، وقال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، وقال تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) [متفق عليه].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) [رواه البخاري].
وحتى تستطيع الدول العربية والإسلامية مواجهة الأزمات العسكرية والأمنية، أوصي بما يلي:
1) ضرورة إنشاء مراكز عسكرية وأمنية لتخطيط المستقبل، وإدارة الأزمات؛ حيث إن هذه المراكز تلعب دوراً محورياً في عملية صنع القرارات لتقديم البدائل والاختيارات المتعددة لاتخاذ القرار بدون أخطاء كبيرة، ووفق أسس عقلانية تحتمل بنسب مقبولة، وهذه المراكز العسكرية والأمنية تساعد في عملية التحذير من الأزمة قبل وقوعها، فكلما كانت الحسابات السابقة في سيناريوهات المستقبل والقدرة الصحيحة على التنبؤ أمكن التحذير من وقوع أزمة في الطريق، وبالتالي يستوجب ذلك الإعداد والاستعداد لمواجهتها.
2) يقترح تشكيل فريق عسكري وأمني لمواجهة الأزمات عن كل مكان عسكري وأمني تتولى صياغة الخطوط الحمراء اللازمة لمواجهة مختلف الأزمات العسكرية والأمنية.
3) العمل على الاستفادة الكاملة من مراكز المعلومات القائمة في المجتمع، ومن أقسام المعلومات في القواعد، والأماكن، والقيادات العسكرية والأمنية، في توفير البيانات والمعلومات اللازمة لعمل مراكز عسكرية وأمنية لتخطيط المستقبل وإدارة الأزمات، ولغرض مواجهة الأزمات في هذه القيادات.
4) ضرورة توفير أنظمة حديثة للإنذار المبكر عبر الإنترنت والكمبيوتر للتنبؤ بالأزمات والكوارث خاصة الأمنية قبل وقوعها، تكفل سرعة استجابة التعامل معها مع توفير الإمكانات المادية والبشرية التي تحقق ذلك.
5) ضرورة وضع خطة إعلامية على المستوى العسكري والأمني للجمهور الداخلي، وأخرى للجمهور الخارجي؛ لتوعية وتوجيه الجمهور قبل الأزمة وأثنائها، وبعدها، والتأثير في سلوكياتهم، وتصرفاتهم، وتحديد ما يجب عليهم اتباعه من إجراءات وتدابير؛ للتخفيف من آثار الأزمة العسكرية أو الأمنية وأضرارها إلى أقل حد ممكن.
[بقلم: محمد مرسي محمد مرسي | عن مجلة الجندي المسلم / العدد 113]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى