السنن الإلهية بين فقه الوحي وفقه الواقع
صفحة 1 من اصل 1
السنن الإلهية بين فقه الوحي وفقه الواقع
إن الأمة الإسلامية اليوم بحاجة إلى فهم واسع للسنن الإلهية في الآفاق والأنفس، بما يضمن لها الحصانة العقدية والمعرفية التي تجعل الإنسان يسائل نفسه عن حقيقة الاستخلاف·
وحتما إن الإنسان المسلم سيفهم أنه مخلوق مكلف مسؤول بإقامة الحياة على أساس من الاعتدال والوسطية وفهم واسع لحقيقة سنن الله في خلقه وكونه بما يكفل له إقامة شهود حضاري يشهد له التاريخ·
والكشف عن هذه السنن التي تحكم حركة المجتمعات يكون بالسير في الأرض والسعي فيها، وبالنظر في تاريخ الأمم وكذلك الاطلاع على القوانين الضابطة لحركة الناس·
ومن ثمرات هذا الكشف والفهم الإدراك >الصحيح لعلاقة السنن بحياتنا ، ذلك أن إيماننا بأن كل أمر في هذا الوجود خاضع لسنة سوف يعيننا ـ بإذن الله ـ على الخروج من متاهة الاختلاف والنزاع والتشتت، لأن كشف السنة التي تحكم أمرا من الأمور، سيجعل النظرة إلى هذا الأمر نظرة، واقعية،وينقل التعامل معه من نطاق الفرضيات والنظريات القابلة للأخذ والرد والاختلاف، إلى آفاق العلم الذي لا جدال فيه ولا اختلاف·>1<
فلله عز وجل سنن في هذا الكون يجريها على واقع المجتمعات البشرية منذ خلق آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن خلال هذا البحث الموجز سنتعرف إن شاء الله على بعض مظاهر السنن الإلهية·
1- آيــات السنن في القرآن الكريـــم:
ورد لفظ السنن في القرآن الكريم خمس عشرة مرة في تسع سور، بصيغة المفرد في لفظ >سنة< وصيغة الجمع في لفظ >سنن<، وذلك في سياقات متعددة نذكرها حسب ترتيبها في القرآن الكريم·
1- قال تعالى في سورة آل عمران: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}>137<·
2-قال تعالى في سورة الأنفال: {قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين} >38<·
3- وقال تعالى في سورة الحجر:{وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون بـه وقد خلت سنة الأولين} >11-13<·
4-وقال تعالى في سورة الإسراء:{وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا· سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا}>76-77<·
5- قال تعالى في سورة الكهف:{ولقدصرفنا في هذا القرآن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء، جدلا· وما منع الناس أن يـؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفرا ربهم إلا أن تأتيهـم سنة الأولين أو يـأتيهم العذاب قبـلا} >54 -55<·
6- قال تعالى في سورة الأحزاب:{ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا} >38<·
وقال أيضا في سورة الأحزاب: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا· ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا· سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}>60-61<·
7- وقال تعالى في سورة فاطر: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا· استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا}> 42-44<·
8-وقال تعالى في سورة غافر: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين· فلم يكن ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} >83-84<·
9-وقال تعالى في سورة الفتح: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا· سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} >22-23<
فعلى الرغم من اختلاف الصيغ والسياقات التي وردت فيها مادة >سنة< في القرآن الكريم فالمدلول العام يندرج في إطار الاعتبار والتبصر، والنظر، والتدبر، والتذكر، بسنن الأمم السابقين وكذلك سيرة الأنبياء والمرسلين، وهذا هو النحو الذي سارت عليه كتب التفسير في استخراج درر معاني سنن الله في الخلق والكون·
ففي قوله تعالى: >قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين<·
يقول الإمام الطبري: >·· مضت وسلفت مني فيمن كان من سالف الأمم قبلكم سنن يعني مثلاث، سير بها فيهم وفيمن كذبوا بأنبيائهم الذين أرسلوا إليهم،··· فتركتهم لمن بعدهم أمثالا وعبرا<>2<·
وفي الآية نفسها يقول الشيخ محمد رشيد رضا: >إن إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سننا، يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علما من العلوم لنستديم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه··· والعلم بسنن الله تعالى من أهم العلوم وأنفعها، والقرآن يحيل عليه في مواضيع كثيرة، وقد دلنا على مأخذه من أحوال الأمم، إذ أمرنا أن نسير في الأرض لأجل اجتلائها ومعرفة حقيقتها··· لقد جاء القرآن فبين للناس أن مشيئة الله تعالى في خلقه إنما تنفذ على سنن حكيمة وطرائف قويمة، فمن سار على سننه ظفر بمشيئة الله< >3< ومن سار على غيرها كان له عكس ذلك·
وتعتبر هذه الآيات المتضمنة لمادة >سنة< المحور الرئيس لمجموعة من السنن الإلهية التي تضمنتها آيات وسور تفسر سنن الله في الكون والخلق، نستخلص مفهومها الواسع من معطيات الوحي الذي أجمل حينا وفصل حينا آخر خلاصة السنن التي تحكم حياة الناس والكون عن طريق التتبع المتأني والواعي لقصص القرآن، وما تضمنته هذه القصص من مقدمات ونتائج ينبني عليها نهوض أو سقوط حضارة أو أمة من الأمم·
ذلك أن الرؤية القرآنية والتوجيهات النبوية تؤكد >أن هناك قوانين وسننا تحكم حركة التاريخ والاجتماع البشري، لا تتخلف ولا تحابي أحدا، ولولا ذلك لما كان في الدعوة للسير في الأرض والتبصر بالعواقب والمآلات التي انتهت إليها التجمعات البشرية أي معنى أو مردود، خاصة وأننا نحن المسلمين، نخضع للقوانين نفسها حيث لا يكفي النظر في النتائج كما هي حالنا اليوم بل لابد من النظر في المقدمات والأسباب التي أنتجتها··· فالمقدمات نملكها والنتائج تملكنا، وقد تكون إحدى آفات العقل المسلم اليوم أننا ندع ما نملكه إلى ما يملكنـا<>4<·
ويقينا إذا علم المسلم أن النتائج رهينة بالمقدمات والأسباب بالمسببات، سيعلم أن هذا الكون منضبط تحت نظام قائم على سنن ثابتة ومطردة، تسير وفق تدبير إلهي ومشيئة ربانية، تضمن السعادة والطمأنينة لمن استفاد استفادة عادلة وواعية من حكم الله وسننه في خلقه، وتعطي الحيرة والاضطراب والفشل لمن غابت عنه الحكم الإلهية وسار في تضاد مع سننه {ولا يظلم ربك أحدا} >الكهف -49<·
وقال تعالى في سياق العدل الإلهي: {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} > الأسراء -15<·
2- مظاهر السنن الإلهية:
إن من الرحمة بالإنسان وتكريما له أن تكون السنن الإلهية قوانين تحكم حركة الكون والإنسان، وبذلك فهي بمثابة ملامح وتوجيهات ترشده نحو الطريق المؤدي إلى الخلاص والنجاح، فتتضاءل أخطاؤه، وتكون ساحة التفاعل والحرية أوسع، ومن تم يجد كل إنسان متدبر لآيات الله في الآفاق والأنفس عبرة وذكرى وسنة لما قد يحل بأمته في حاله ومستقبله·
فحينما فقه السلف الصالح التنزيل واستوعب مراميه البعيدة والقريبة وأدرك أن السنن الإلهية مصدرها الوحي وهو منبع الفطرة السوية >فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون< >الروم -7<·
احتل هذا المجتمع الصالح مكان الصدارة في الحياة وتحقق له نصر كبير على مستوى العقيدة وترسيخ الإيمان والاطمئنان في نفوس الناس، فتعاقبت بذلك الفتوحات والانتصارات نتيجة لهذه العوامل·
وهكذا >كان للتوجيهات القرآنية الحكيمة أثر هام في تشكيل العقلية الإسلامية التي استطاعت فيما بعد إرساء قواعد البحث العلمي، وأحوال المنهج التجريبي لأنها أصبحت تنظر إلى الكون نظرة جديدة لا تكتفي بمجرد الدهشة والانبهار عن اكتشاف سر من أسرار الخلق أو سنة من سننه بل أصبحت تنظر إلى الوجود نظرة علمية إيجابية تروم فهم السنن التي فطر الله تعالى عليها أمور الخلق، ومن ثم تسخير هذه السنن والاسفادة من معطياتها في تصريف شؤون الحياة، وعمارة الأرض على الوجه الذي أمر الله عز وجل به·
لقد كان جيل القرون الأولى المفضلة يتعامل في السنن بشكل علمي وتلقائي لأنهم فقهوا الوحي والتنزيل >5<·
لكن الأمة الإسلامية اليوم بدلت وغيرت وابتعدت عن ينابيع الفهم الصحيح للوحي الرباني، فأصابها ما أصابها من وهن وضعف وانكسار، فأعرضت عن ذكر ربها فكانت النتيجة معيشة ضنكا· قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}>طه - 124<
وقال أيضا: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} >الإسراء -72<·
إن ابتعاد الفكر الإسلامي المعاصر عن التبصر بعواقب الأمور، والتدبر في آيات الله وتنزيلها تنزيلا سننيا على واقع الحياة عبر فهم مقاصدي رفيع أفقد الأمة الجدوى والفاعلية المطلوبة للتقدم والنماء·
ومظاهر السنن الإلهية متجلية في الوحي الإلهي منذ نزول أول سورة في القرآن الكريم إلى آخر نزول منه·
هذا الوحي الذي يهدي للتي هي أقوم في كل شؤون حياة الناس، وأن الله لم يخلق الناس عبثا، وأن من يعمل سوءا يجز به، وإن التقدم والنماء والشهود الحضاري له شروط وضوابط تتأتى عن طريق العمل والإخلاص وليس عن طريق الأماني والتطلعات البعيدة مصداقا لقوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد من دون الله وليـا ولا نصيـرا}>النساء- 123<·
ومن بين هذه السنن نذكر:
سنة التداول الحضاري:
وهي تلك القوانين المطردة والثابتة التي تحكم حركة الحياة وحركة التاريخ التي تتمثل في مسألة التعاقب والتناوب الحضاري مصداقا لقوله تعالى: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين }> آل عمران- 141<
وسنة التداول الحضاري هي السنة الأساس لباقي السنن الإلهية في خلقه·
سنة التدافع الحضاري: >6<
وهي سنة ثابتة ومطردة حكمت كل المجتمعات البشرية وتجلت في شتى مناحي الحياة والأحياء وهذه السنة ماثلة في قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}·
وفي تفسير هذه الآية يقول السيد رشيد رضا: >لولا أن الله تعالى يدفع أهل الباطل بأهل الحق، وأهل الفساد في الأرض بأهل الصلاح فيها: لغلب أهل الباطل والفساد في الأرض··· حتى يكون لهم السلطان وحدهم فتفسد الأرض بفسادهم فكان من فضل الله على العالمين أن أذن لأهل دينه الحق المصلحين في الأرض بقتال المفسدين فيها من الكافرين والبغاة المعتدين، وقد سمي هذا دفعا على قراءة الجمهور ـ باعتبار أنه منه سبحانه إذ كان سنة من سننه في الاجتماع البشري وسماه دفاعا في قراءة نافع باعتبار أن كلا من أهل الحق المصلحين وأهل الباطل المفسدين يقاوم الآخر ويقاتله<·
وسنة التدافع الحضاري هي من السنن الغائبة عن أذهان كثير من الناس بحيث لا يفقهون أن غاية التنازع بين الناس هي سنة صراع بين الحق والباطل وهذا ماثل أيضا في قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} >الحج- 58<·
< سنة نصر المؤمنين:
إن الاستمساك بالإيمان القوي واق من الهزيمة ومما تورثه من الوهن والحزن، وداع إلى الاستعلاء وعدم السقوط والمعاودة للشهود الحضاري بعد الانكسار وهذا ما تؤكده آيات كثيرة في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى:
{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }> محمد-7<·
{فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} >الاعراف - 157<·
{لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } >الروم -5<·
{ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} >الحج- 38<·
لا يكفي الإنسان أن يأخذ بأسباب النصر دون ربط ذلك بالإيمان القوي والتقوى لأن في الربط بين الإيمان وأسباب النصر هو الطريق المأمول إلى النصر المحقق·
والمقصود هنا بالنصر مفهومه الواسع الذي يتجلى في الأخذ بأسباب الحياة المقرونة بالإيمان الحق، لقوله تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}>الأعراف-96<·
< سنة هلاك المفسدين:
إن عواقب أهل الكفر والفساد وخيمة في المجتمع الإنساني مصداقا لقوله تعالى: {ألم تر إلا الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار}>إبراهيم-28<·
ثم إن غياب العدل وتفشي الظلم ينتج عنه الخراب وانقراض الحضارات، قال تعالى: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا}>الكهف -59<·
فالإعراض عن الشريعة الإسلامية والإيمان الحق إيذان بظهور الفساد وزوال العمران ومن ثمة فالتزام الإيمان والتقوى هو ضمان استمرار واستقرار المجتمع الإنساني وهذا ماثل في آيات كثيرة من القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكلنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا} >الإسراء -16<·
وقال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون· ذكرى وما كنا ظالمين} >الشعراء -208-209<·
وقال تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرار وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} >الأنعام -7<·
وختاما نقول:
إن فقه السنن الإلهية من خلال نصوص الوحي يجعل الإنسان المسلم على بينة من أمره وتبصر بعواقب الأمور، وهذا يمكن الإنسان من تسخير ما في الكون في شؤون حياته في ظل فقه لواقعه واحتياجاته التي تجعل ارتباط المقدمات بالنتائج ارتباطا ناجحا وموفقا على أن أمر المسلم كله خير، سواء في جانب الخير أو في جانب الشر·
ثم إن الإدراك العميق بأن كل شيء في هذا الوجود خاضع لسنة لا تتبدل ولا تتحول، وتوظيف هذا الإدراك إلى واقع العمل حينئذ سيكون الإنسان قادرا على تسخير آليات الحياة وفق منهج موفق مضيء بفقه الوحي الرباني، مسترشد بفهم آياته وغاياته، معتبر بقصص الأنبياء والمرسلين والأمم الغابرة، سيفضي في النهاية إلى حشد العزائم والطاقات والفعاليات في اتجاه صحيح يضمن النماء والاستقرار له ولمجتمعه وسيساهم في تأسيس ثقافة تنموية شاملة·
< الهوامش:
- أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق ـ كتاب الأمة ـ للدكتور أحمد محمد كنعان: ص: 34 ·
- جامع البيان : 4/99 ·
- تفسير المنار: 4/139، الشيخ محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان·
- أزمتنا الحضارية: ص 13 ·
- المسلمون وفقه السنة للدكتور محمد امحزون، ص 29، ضمن العدد 24 من مجلة المنار الجديد السنة السادسة أكتوبر 2003 م·
- انظر هذه السنة بتفصيل في بحث السنن الاجتماعية في القرآن الكريم للدكتور محمد السيسي، ص : 54، ضمن العدد الأول من مجلة رسالة القرآن السنة الأولى :
وحتما إن الإنسان المسلم سيفهم أنه مخلوق مكلف مسؤول بإقامة الحياة على أساس من الاعتدال والوسطية وفهم واسع لحقيقة سنن الله في خلقه وكونه بما يكفل له إقامة شهود حضاري يشهد له التاريخ·
والكشف عن هذه السنن التي تحكم حركة المجتمعات يكون بالسير في الأرض والسعي فيها، وبالنظر في تاريخ الأمم وكذلك الاطلاع على القوانين الضابطة لحركة الناس·
ومن ثمرات هذا الكشف والفهم الإدراك >الصحيح لعلاقة السنن بحياتنا ، ذلك أن إيماننا بأن كل أمر في هذا الوجود خاضع لسنة سوف يعيننا ـ بإذن الله ـ على الخروج من متاهة الاختلاف والنزاع والتشتت، لأن كشف السنة التي تحكم أمرا من الأمور، سيجعل النظرة إلى هذا الأمر نظرة، واقعية،وينقل التعامل معه من نطاق الفرضيات والنظريات القابلة للأخذ والرد والاختلاف، إلى آفاق العلم الذي لا جدال فيه ولا اختلاف·>1<
فلله عز وجل سنن في هذا الكون يجريها على واقع المجتمعات البشرية منذ خلق آدم عليه السلام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فمن خلال هذا البحث الموجز سنتعرف إن شاء الله على بعض مظاهر السنن الإلهية·
1- آيــات السنن في القرآن الكريـــم:
ورد لفظ السنن في القرآن الكريم خمس عشرة مرة في تسع سور، بصيغة المفرد في لفظ >سنة< وصيغة الجمع في لفظ >سنن<، وذلك في سياقات متعددة نذكرها حسب ترتيبها في القرآن الكريم·
1- قال تعالى في سورة آل عمران: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}>137<·
2-قال تعالى في سورة الأنفال: {قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين} >38<·
3- وقال تعالى في سورة الحجر:{وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون كذلك نسلكه في قلوب المجرمين لا يؤمنون بـه وقد خلت سنة الأولين} >11-13<·
4-وقال تعالى في سورة الإسراء:{وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا· سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا}>76-77<·
5- قال تعالى في سورة الكهف:{ولقدصرفنا في هذا القرآن من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء، جدلا· وما منع الناس أن يـؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفرا ربهم إلا أن تأتيهـم سنة الأولين أو يـأتيهم العذاب قبـلا} >54 -55<·
6- قال تعالى في سورة الأحزاب:{ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا} >38<·
وقال أيضا في سورة الأحزاب: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا· ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا· سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا}>60-61<·
7- وقال تعالى في سورة فاطر: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا· استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا}> 42-44<·
8-وقال تعالى في سورة غافر: {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين· فلم يكن ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} >83-84<·
9-وقال تعالى في سورة الفتح: {ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا· سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا} >22-23<
فعلى الرغم من اختلاف الصيغ والسياقات التي وردت فيها مادة >سنة< في القرآن الكريم فالمدلول العام يندرج في إطار الاعتبار والتبصر، والنظر، والتدبر، والتذكر، بسنن الأمم السابقين وكذلك سيرة الأنبياء والمرسلين، وهذا هو النحو الذي سارت عليه كتب التفسير في استخراج درر معاني سنن الله في الخلق والكون·
ففي قوله تعالى: >قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين<·
يقول الإمام الطبري: >·· مضت وسلفت مني فيمن كان من سالف الأمم قبلكم سنن يعني مثلاث، سير بها فيهم وفيمن كذبوا بأنبيائهم الذين أرسلوا إليهم،··· فتركتهم لمن بعدهم أمثالا وعبرا<>2<·
وفي الآية نفسها يقول الشيخ محمد رشيد رضا: >إن إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سننا، يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علما من العلوم لنستديم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه··· والعلم بسنن الله تعالى من أهم العلوم وأنفعها، والقرآن يحيل عليه في مواضيع كثيرة، وقد دلنا على مأخذه من أحوال الأمم، إذ أمرنا أن نسير في الأرض لأجل اجتلائها ومعرفة حقيقتها··· لقد جاء القرآن فبين للناس أن مشيئة الله تعالى في خلقه إنما تنفذ على سنن حكيمة وطرائف قويمة، فمن سار على سننه ظفر بمشيئة الله< >3< ومن سار على غيرها كان له عكس ذلك·
وتعتبر هذه الآيات المتضمنة لمادة >سنة< المحور الرئيس لمجموعة من السنن الإلهية التي تضمنتها آيات وسور تفسر سنن الله في الكون والخلق، نستخلص مفهومها الواسع من معطيات الوحي الذي أجمل حينا وفصل حينا آخر خلاصة السنن التي تحكم حياة الناس والكون عن طريق التتبع المتأني والواعي لقصص القرآن، وما تضمنته هذه القصص من مقدمات ونتائج ينبني عليها نهوض أو سقوط حضارة أو أمة من الأمم·
ذلك أن الرؤية القرآنية والتوجيهات النبوية تؤكد >أن هناك قوانين وسننا تحكم حركة التاريخ والاجتماع البشري، لا تتخلف ولا تحابي أحدا، ولولا ذلك لما كان في الدعوة للسير في الأرض والتبصر بالعواقب والمآلات التي انتهت إليها التجمعات البشرية أي معنى أو مردود، خاصة وأننا نحن المسلمين، نخضع للقوانين نفسها حيث لا يكفي النظر في النتائج كما هي حالنا اليوم بل لابد من النظر في المقدمات والأسباب التي أنتجتها··· فالمقدمات نملكها والنتائج تملكنا، وقد تكون إحدى آفات العقل المسلم اليوم أننا ندع ما نملكه إلى ما يملكنـا<>4<·
ويقينا إذا علم المسلم أن النتائج رهينة بالمقدمات والأسباب بالمسببات، سيعلم أن هذا الكون منضبط تحت نظام قائم على سنن ثابتة ومطردة، تسير وفق تدبير إلهي ومشيئة ربانية، تضمن السعادة والطمأنينة لمن استفاد استفادة عادلة وواعية من حكم الله وسننه في خلقه، وتعطي الحيرة والاضطراب والفشل لمن غابت عنه الحكم الإلهية وسار في تضاد مع سننه {ولا يظلم ربك أحدا} >الكهف -49<·
وقال تعالى في سياق العدل الإلهي: {من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} > الأسراء -15<·
2- مظاهر السنن الإلهية:
إن من الرحمة بالإنسان وتكريما له أن تكون السنن الإلهية قوانين تحكم حركة الكون والإنسان، وبذلك فهي بمثابة ملامح وتوجيهات ترشده نحو الطريق المؤدي إلى الخلاص والنجاح، فتتضاءل أخطاؤه، وتكون ساحة التفاعل والحرية أوسع، ومن تم يجد كل إنسان متدبر لآيات الله في الآفاق والأنفس عبرة وذكرى وسنة لما قد يحل بأمته في حاله ومستقبله·
فحينما فقه السلف الصالح التنزيل واستوعب مراميه البعيدة والقريبة وأدرك أن السنن الإلهية مصدرها الوحي وهو منبع الفطرة السوية >فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون< >الروم -7<·
احتل هذا المجتمع الصالح مكان الصدارة في الحياة وتحقق له نصر كبير على مستوى العقيدة وترسيخ الإيمان والاطمئنان في نفوس الناس، فتعاقبت بذلك الفتوحات والانتصارات نتيجة لهذه العوامل·
وهكذا >كان للتوجيهات القرآنية الحكيمة أثر هام في تشكيل العقلية الإسلامية التي استطاعت فيما بعد إرساء قواعد البحث العلمي، وأحوال المنهج التجريبي لأنها أصبحت تنظر إلى الكون نظرة جديدة لا تكتفي بمجرد الدهشة والانبهار عن اكتشاف سر من أسرار الخلق أو سنة من سننه بل أصبحت تنظر إلى الوجود نظرة علمية إيجابية تروم فهم السنن التي فطر الله تعالى عليها أمور الخلق، ومن ثم تسخير هذه السنن والاسفادة من معطياتها في تصريف شؤون الحياة، وعمارة الأرض على الوجه الذي أمر الله عز وجل به·
لقد كان جيل القرون الأولى المفضلة يتعامل في السنن بشكل علمي وتلقائي لأنهم فقهوا الوحي والتنزيل >5<·
لكن الأمة الإسلامية اليوم بدلت وغيرت وابتعدت عن ينابيع الفهم الصحيح للوحي الرباني، فأصابها ما أصابها من وهن وضعف وانكسار، فأعرضت عن ذكر ربها فكانت النتيجة معيشة ضنكا· قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى}>طه - 124<
وقال أيضا: {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} >الإسراء -72<·
إن ابتعاد الفكر الإسلامي المعاصر عن التبصر بعواقب الأمور، والتدبر في آيات الله وتنزيلها تنزيلا سننيا على واقع الحياة عبر فهم مقاصدي رفيع أفقد الأمة الجدوى والفاعلية المطلوبة للتقدم والنماء·
ومظاهر السنن الإلهية متجلية في الوحي الإلهي منذ نزول أول سورة في القرآن الكريم إلى آخر نزول منه·
هذا الوحي الذي يهدي للتي هي أقوم في كل شؤون حياة الناس، وأن الله لم يخلق الناس عبثا، وأن من يعمل سوءا يجز به، وإن التقدم والنماء والشهود الحضاري له شروط وضوابط تتأتى عن طريق العمل والإخلاص وليس عن طريق الأماني والتطلعات البعيدة مصداقا لقوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد من دون الله وليـا ولا نصيـرا}>النساء- 123<·
ومن بين هذه السنن نذكر:
سنة التداول الحضاري:
وهي تلك القوانين المطردة والثابتة التي تحكم حركة الحياة وحركة التاريخ التي تتمثل في مسألة التعاقب والتناوب الحضاري مصداقا لقوله تعالى: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين }> آل عمران- 141<
وسنة التداول الحضاري هي السنة الأساس لباقي السنن الإلهية في خلقه·
سنة التدافع الحضاري: >6<
وهي سنة ثابتة ومطردة حكمت كل المجتمعات البشرية وتجلت في شتى مناحي الحياة والأحياء وهذه السنة ماثلة في قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين}·
وفي تفسير هذه الآية يقول السيد رشيد رضا: >لولا أن الله تعالى يدفع أهل الباطل بأهل الحق، وأهل الفساد في الأرض بأهل الصلاح فيها: لغلب أهل الباطل والفساد في الأرض··· حتى يكون لهم السلطان وحدهم فتفسد الأرض بفسادهم فكان من فضل الله على العالمين أن أذن لأهل دينه الحق المصلحين في الأرض بقتال المفسدين فيها من الكافرين والبغاة المعتدين، وقد سمي هذا دفعا على قراءة الجمهور ـ باعتبار أنه منه سبحانه إذ كان سنة من سننه في الاجتماع البشري وسماه دفاعا في قراءة نافع باعتبار أن كلا من أهل الحق المصلحين وأهل الباطل المفسدين يقاوم الآخر ويقاتله<·
وسنة التدافع الحضاري هي من السنن الغائبة عن أذهان كثير من الناس بحيث لا يفقهون أن غاية التنازع بين الناس هي سنة صراع بين الحق والباطل وهذا ماثل أيضا في قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} >الحج- 58<·
< سنة نصر المؤمنين:
إن الاستمساك بالإيمان القوي واق من الهزيمة ومما تورثه من الوهن والحزن، وداع إلى الاستعلاء وعدم السقوط والمعاودة للشهود الحضاري بعد الانكسار وهذا ما تؤكده آيات كثيرة في القرآن الكريم، من ذلك قوله تعالى:
{إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }> محمد-7<·
{فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون} >الاعراف - 157<·
{لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم } >الروم -5<·
{ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} >الحج- 38<·
لا يكفي الإنسان أن يأخذ بأسباب النصر دون ربط ذلك بالإيمان القوي والتقوى لأن في الربط بين الإيمان وأسباب النصر هو الطريق المأمول إلى النصر المحقق·
والمقصود هنا بالنصر مفهومه الواسع الذي يتجلى في الأخذ بأسباب الحياة المقرونة بالإيمان الحق، لقوله تعالى:{ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}>الأعراف-96<·
< سنة هلاك المفسدين:
إن عواقب أهل الكفر والفساد وخيمة في المجتمع الإنساني مصداقا لقوله تعالى: {ألم تر إلا الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار}>إبراهيم-28<·
ثم إن غياب العدل وتفشي الظلم ينتج عنه الخراب وانقراض الحضارات، قال تعالى: {وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا}>الكهف -59<·
فالإعراض عن الشريعة الإسلامية والإيمان الحق إيذان بظهور الفساد وزوال العمران ومن ثمة فالتزام الإيمان والتقوى هو ضمان استمرار واستقرار المجتمع الإنساني وهذا ماثل في آيات كثيرة من القرآن الكريم من ذلك قوله تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكلنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا} >الإسراء -16<·
وقال تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون· ذكرى وما كنا ظالمين} >الشعراء -208-209<·
وقال تعالى: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرار وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} >الأنعام -7<·
وختاما نقول:
إن فقه السنن الإلهية من خلال نصوص الوحي يجعل الإنسان المسلم على بينة من أمره وتبصر بعواقب الأمور، وهذا يمكن الإنسان من تسخير ما في الكون في شؤون حياته في ظل فقه لواقعه واحتياجاته التي تجعل ارتباط المقدمات بالنتائج ارتباطا ناجحا وموفقا على أن أمر المسلم كله خير، سواء في جانب الخير أو في جانب الشر·
ثم إن الإدراك العميق بأن كل شيء في هذا الوجود خاضع لسنة لا تتبدل ولا تتحول، وتوظيف هذا الإدراك إلى واقع العمل حينئذ سيكون الإنسان قادرا على تسخير آليات الحياة وفق منهج موفق مضيء بفقه الوحي الرباني، مسترشد بفهم آياته وغاياته، معتبر بقصص الأنبياء والمرسلين والأمم الغابرة، سيفضي في النهاية إلى حشد العزائم والطاقات والفعاليات في اتجاه صحيح يضمن النماء والاستقرار له ولمجتمعه وسيساهم في تأسيس ثقافة تنموية شاملة·
< الهوامش:
- أزمتنا الحضارية في ضوء سنة الله في الخلق ـ كتاب الأمة ـ للدكتور أحمد محمد كنعان: ص: 34 ·
- جامع البيان : 4/99 ·
- تفسير المنار: 4/139، الشيخ محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت ـ لبنان·
- أزمتنا الحضارية: ص 13 ·
- المسلمون وفقه السنة للدكتور محمد امحزون، ص 29، ضمن العدد 24 من مجلة المنار الجديد السنة السادسة أكتوبر 2003 م·
- انظر هذه السنة بتفصيل في بحث السنن الاجتماعية في القرآن الكريم للدكتور محمد السيسي، ص : 54، ضمن العدد الأول من مجلة رسالة القرآن السنة الأولى :
مارس، أبريل، مايو 2004 م·
لكل من يقرا مواضيعي ليس المهم ان تشكرني لان الشكر لله عز وجل ولكن ادعو لي بالثبات
التائبة- المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 19/12/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى