براءة الموحدين من عهود الطواغيت وأمانهم للمحاربين
صفحة 1 من اصل 1
براءة الموحدين من عهود الطواغيت وأمانهم للمحاربين
[الكاتب: أبو محمد المقدسي]
بسم الله، والحمد والصلاة والسلام على رسول الله.
خلال اليومين السابقين وبعد العملية الجهادية التي قام بها المجاهدان (أنس الكندري وجاسم الهاجري) جعلهما الله من الشهداء الأبرار. وردتني أسئلة كثيرة من الكويت وغيرها حول ماصدر عن كثير من المنتسبين للعلم والتدريس الشرعي أو الخطابة والدعوة السلفية وغيرها من الحركات الاسلامية من شجب وتنديد وإبطال وتأثيم واستنكار لما قام به المجاهدان البطلان أسأل الله تعالى أن يتغمدهما في رحمته وأن يجعلهما من الشهداء الأبرار..
وقد قرأت واطلعت على كلام مقزز تفوح منه رائحة التأصيلات الجاهلية وفيه مزج وتلبيس بين الحق والباطل وتخبط وتخليط ومؤاخاة لنصوص الشرع مع نصوص القانون، وتسخير بل تخنيث للدين ونصوص الشرع وجعلها مطية لمصالح الطواغيت وأوليائهم من عباد الصليب.
تخليط متعمد فرح به العلمانيون والملحدون والكفار حتى إن صحف الكفر الفسوق والفجور والتي لم تكن تنشر لأهل الدين إلا النزر اليسير وتتخصص دوما في نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء في الدين وأهله وتتاجر بنشر العهر والفجور؛ بادرت بنشر تلك البيانات والتصريحات والفتاوى مرارا وتكرارا وعلى ألسنة مشايخ من مشارب واتجاهات شتى؛ لان ذلك مما يتمشى مع مصالحهم المعيشية الدنيوية المترفة ويذب عن أوليائهم الكفار ويجعلهم أهل صلح وعهد وأمان، ويجعل كل مجاهد في سبيل الله من أهل الإفساد والإرهاب والجهل والخراب.
وتدليلا على ما ذكرت أورد بعضا مما وصلني من ذلك وأتوقع أن وراءه المزيد والمزيد؛ فهذا التيار الإنهزامي الإنبطاحي زاد وفرّخ في بلادنا، وقد صار يُفتضح ويُظهر عوراه وعوراته كلما سمع في بلادنا هيعة على جهاد.
يقول الدكتور عجيل النشمي: " يحرم الإيذاء أو الإهانة أو الاعتداء بالقتل وما دونه على من دخل بلاد المسلمين برضاهم! وفي غير حال الحرب بينهم! ولقد قرر الأئمة المجتهدون باتفاق أن دماء المسلمين وغير المسلمين معصومة أي لا يجوز الاعتداء عليها لأن أساس العصمة عندهم الإسلام والأمان، فيعتبر معصوم الدم المسلم والذمي! ومن بينه وبين المسلمين ميثاق وعهد، كما هو حال الكويت! ودول العالم الإسلامي مع غيرها! ومن دخل البلاد بأمان، ولو كان منتميا لدولة محاربة فدمه معصوم مادام الأمان قائما، ويعتبر إذن الدخول أمانا، فمن هم على أرضنا معصومو الدماء، فلا يجوز الاعتداء عليهم ولا على أموالهم، ومن قتل أحدا منهم عمدا فهو كمن قتل غيره عمدا قال تعالى: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) (رواه البخاري) وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة) (رواه النسائي واحمد) وهو حديث صحيح.
فهذان الشابان اللذان أقدما على قتل الجندي الأمريكي، قد ارتكبا فعل قتل عمد ولا يقبل في مثل هذا التأويل! أو ادعاء الاجتهاد! فهذا شذوذ في الرأي لا يجوز استحلال الدماء بسببه!
وكم كنا نتمنى أن تكون الشهادة الصحيحة لهذين الشابين على أرض أفغانستان أو في سراييفو، حيث لا شبهة في وصف الشهادة! وأما فعلهم هذا فحكمه الظاهر ما ذكرنا. وأمرهما الباطن إلى الله عز وجل فهو أعلم بحالهما وسريرتهما " أهـ.
واعتبر وزير العدل! ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية احمد باقر حادثة إطلاق النار على الجنود الأمريكيين بأنها (فعل غير شرعي)! ولا يخدم مصلحة الكويت! ومصلحة الأمة، مشيرا إلى أن الجنود الأمريكيين جاءوا لحماية الكويت! ويربطنا بهم عهد وميثاق تحالف ومعاهدة أمنية!
وطالب باقر بضرورة تتبع كل من خطط ونفذ العملية وتقديمه للمحاكمة! لأن الفعلة مرفوضة شرعيا وقانونيا!
وأضاف باقر قائلا: " نثق في قدرات رجال الامن في الوصول الى الحقيقة! مهما كان هؤلاء الاشخاص او انتماءاتهم " مشيرا إلى اننا نعرف نهج الجماعات الاسلامية بالكويت فهذا ليس منهجها وما حدث أمر دبر له بشكل سري! بينما الجماعات الاسلامية بالكويت تعمل في النور! وبشكل علني ومن خلال مجلس الامة! والصحافة والقنوات الشرعية! منوها بأنه حتى وان عارضت الجماعات الاسلامية أمرا ما فانها تعارضه بشكل علني ولم يصدر عن الجماعات الاسلامية أو نوابها في مجلس الأمة أي معارضة للاتفاقيات الامنية! بل بالعكس صوت جميع اعضاء المجلس وبالاجماع مع الاتفاقيات الامنية!
وختم باقر تصريحه مشيرا إلى أن مثل هذه الافعال تمثل آراء شاذة ومستترة وخفية يجب كشفها!" أهـ.
وقال خالد سلطان العيسى: "إن هذا العمل مرفوض وغير مقبول شرعا! خاصة إن الدولة منحت الأمان للامريكان داخل الكويت! فلا يجوز الاعتداء عليهم! وهذا ليس اسلوبا للتعامل مع البشر! فنحن لسنا في حرب معهم! والمساس بهم في بلدنا مرفوض! وهذا العمل سوف يحرج حكومة الكويت!
وختم السلطان بقوله: لا يسعنا إلا أن نقول إننا نستنكر مثل هذا العمل الذي لم نعهده في الكويت! ". أهـ
أما عبدالعزيز الهده فقد استدل في استنكاره لهذا العمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما)! "وهذا الحديث وضع المؤمنين في حرج من إخفار ذمة الدولة الاسلامية!!! التي تعاهد أو تتعاقد مع أي رجل ليس على دين الاسلام، وما حدث بالأمس في فيلكا عمل نستنكره استنكارا كاملا وليس من دين الله في شيء!"
كما حثت الحركة السلفية الحكومة على (ضبط النفس) وحذر د. حاكم المطيري أمين عام الحركة السلفية من استغلال الحدث وتأليب الجهات الخارجية على الجماعات الإسلامية الكويتية المعروفة بالاعتدال، خاصة وان هذا من شأنه أن يشرخ ويصدع وحدة الصف! وان الوقت الراهن يستدعي التلاحم والتخندق في خندق واحد!
وجاء في بيان لجمعية إحياء التراث بعد الحادث: "لقد أسفنا! أن تشهد الكويت الآمنة! حادث اعتداء إرهابي! ضد مقيمين على أرضها لهم مع الكويت عهود ومواثيق!"، وأكدوا استنكار الحادث ووصفوه بأنه "لا تقره الشريعة وتحرمه تعاليم الدين الاسلامي السمحة!"، وأضاف البيان إن "لهؤلاء الجنود الأمريكيين عهدا عندنا! وقد أعطوا الامان من قبل الحكومة الكويتية بموجب اتفاقيات مشتركة!" مستشهدا بقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً). وقالوا: "إن هذا العمل ضد مصلحة الكويت وأهلها! وأنه افتئات! على حكومتها وولاة أمرها!!"، وقال البيان: "لو أن كل من أراد أن يعترض أمراً أو يغير منكراً حمل السلاح لذهب الأمن! ولأصبحنا في فوضى عارمة لا يعلم مداها إلا الله! فالكويت دولة لها قانون يحكمها! والواجب على من يعيش على هذه الأرض أن يحترم قوانينها ومعاهداتها ومواثيقها!". أهـ من جريدة الوطن الخميس 4/شعبان/1423هـ
وعبر عيسى ماجد الشاهين الأمين العام للحركة الدستورية! الإسلامية في بيان له عن مشاعر الأسف والألم! لوقوع الاعتداء على الجنود الأمريكيين في جزيرة فيلكا وأبدى استنكاره لما يمثله هذا الاعتداء من خروج على قواعد النظام والقانون الكويتي! وتهديد لأمن البلاد واستقرارها ودعا كافة القوى الشعبية للتلاحم للعمل الجاد والمسؤول حفاظا على الوحدة الوطنية! واعتبار أمن الوطن الغاية الأهم والمصلحة العليا! لا سيما في هذه الظروف المتوترة الراهنة التي تشهدها المنطقة، وأكد على براءة مسيرة العمل الإسلامي في الكويت من مثل هذه الممارسات الفردية المرفوضة! إذ أن الدعوة بالحسنى والاعتدال بالطرح والاصلاح عبر القنوات السياسية والدستورية! هي منهج الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتها...
وفي ختام بيانه دعا الأمين العام إلى أن يتم التعامل مع هذه الإعتداء طبقا لقواعد القانون وألا تخرج ردود الفعل عن إطاره المحدد حفاظا على مصالح الوطن العليا! ووحدة صفه! وقوة أمنه. أهـ من جريدة الوطن الخميس 4/شعبان/1423هـ
وفيها أيضا: "وكان المتحدث باسم الحركة الإسلامية السلفية في الكويت عبد الرزاق الشايجي دان العملية مؤكدا أن وجود القوات الأمريكية في الكويت شرعي!".
وأتوقع أن أرى المزيد غير هذه الأسماء التي اطلعت عليها لمنهزمين بادروا بالشجب والاستنكار والتبرؤ من تلك العملية..
فأسأل الله تعالى أن يبارك في مثل هذه الأعمال الجهادية وأن يزيد فيها فقد أمست الفاضحة لكثير ممن انخدع بهم الشباب..
على كل حال لن أفصل في كلامي هنا فيما جاء في هذه البيانات من سقط القول وسفهه أمثال قولهم عن هذا الحادث:
(لا يخدم مصلحة الكويت): فهذا خطاب كويتي وليس إسلامي فلا أتنزل لنقاشه (وأن الجنود الأمريكيين جاءوا لحماية الكويت) وهذا مثله وفيه تزوير للحقائق فالدنيا كلها تعلم والكويتيون في مقدمتهم كما في صحافتهم وإعلامهم أن الأمريكان ما جاؤوا إلا لحرب العراق المحاصر منذ عشر سنين والعاجز حاليا عن تهديد الأكراد في شماله والرافضة في جنوبه فضلا عن أن يهدد الكويت! جاؤوا لتدميره ولا يهمهم لو دمر في تحقيق هذه الغاية الشعب العراقي كله كما فعلوا في أفغانستان..
وأيضا قولهم: (وضرورة تتبع كل من خطط ونفذ العملية وتقديمه للمحاكمة لأن الفعلة مرفوضة شرعيا وقانونيا): فهاهنا دعوة لمحاكمة المجاهدين إلى شرع الطواغيت ومحاكمهم! وفيه مؤاخاة واضحة بين الشريعة والقانون، ودمج صريح ومتعمد لشرع الله مع القانون الوضعي تأباه سائمة الأنعام فضلا عمن يدعي الدعوة والعلم والإستاذية والإسلام..
وأيضا قولهم: (نثق في قدرات رجال الامن في الوصول الى الحقيقة): فيه تزكية لأنصار الطواغيت ووظائفهم الكفرية وتعامٍ عن مظالمهم وظلماتهم وباطلهم العريض.
وقولهم (الجماعات الاسلامية بالكويت هذا ليس منهجها وما حدث أمر دبر له بشكل سري): وكأن السرية وقضاء الحوائج بالكتمان الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عار وشنار يتبرأ منه هؤلاء السفهاء!
ولذا قالوا: (بينما الجماعات الاسلامية بالكويت تعمل في النور وبشكل علني ومن خلال مجلس الامة! والصحافة والقنوات الشرعية!) وقد فصلنا في كتابنا "الديمقراطية دين" وغيره أمر مجلس أمتهم هذا وبيّنا أن العمل من خلاله عمل في الظلام والكفر والإشراك وليس في النور! كما ادعوا، وليس هو من القنوات الشرعية الاسلامية في شيء؛ بل من المستنقعات الشركية الطاغوتية، على كل حال فهم يقصدون هنا بالقنوات الشرعية شرعيتهم الدستورية والقانونية! فهذا هو الشرع والشرعي عند جمهورهم فدعاوى القوم في واد والتوحيد في واد آخر..
ولذلك قالوا بعد ذلك: (ولم يصدر عن الجماعات الاسلامية أو نوابها في مجلس الأمة أي معارضة للاتفاقيات الامنية بل بالعكس صوت جميع اعضاء المجلس وبالاجماع مع الاتفاقيات الامنية) ولذلك فهي شرعية عندهم!
وقولهم: (ان مثل هذه الافعال تمثل اراء شاذة ومستترة وخفية يجب كشفها): أما إرادات طواغيتهم الشاذة والكفرية وإرادات أوليائهم الأمريكان فيجب الترقيع لها وسترها؛ ومن تكلم في إرادات طواغيتهم الشاذة المعلنة والمتبجحة وليست المستترة فهو خارجي تكفيري أو قل على أقل الأحوال؛ حاقد على البلد وخيراتها! لا همّ له إلا اغتياب ولاة الأمور!!
وقولهم: (وهذا العمل سوف يحرج حكومة الكويت): تأمل التصريح بالتحرج من الجهاد! فأين هؤلاء السفهاء من قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقولهم: (ودعا إلى أن يتم التعامل مع هذه الاعتداء طبقا لقواعد القانون وألا تخرج ردود الفعل عن إطاره المحدد): تأمل حرصهم على حدود القانون؛ أما حدود الله فليس لها بواكي!
وذلك كما قالوا: (حفاظا على مصالح الوطن العليا ووحدة صفه وقوة أمنه)، ومثله (وإن الوقت الراهن يستدعي التلاحم والتخندق في خندق واحد) فهذا هو توحيد الوطنيين وليس توحيد المسلمين وقد بينت عواره في رسالة لي بعنوان "الفرق المبين بين توحيد الوطنيين وتوحيد المرسلين".
وقولهم: (إن هذا العمل ضد مصلحة الكويت وأهلها وأنه افتئات على حكومتها وولاة أمرها!!): تأملوا كيف يُسَخّرون الألفاظ الشرعية للطواغيت ويشهرونها في وجوه المجاهدين، ووالله لو سألت علوج آل صباح أو غيرهم من طواغيت الحكم في بلادنا هل سمعوا بشيء اسمه افتئات عليهم؟ لما فهموا منك ذلك ولظنوك تتكلم بلغة غير العربية، لكن هؤلاء الرهبان يستخرجون من كلام فقهاء الشريعة في ولاة الأمور الشرعيين؛ ما يرقعون به أمر ولاة أمورهم القانونيين المشركين. فعليهم من الله ما يستحقون.
ومثل ذلك سفه من استدل بحقوق أهل الذمة! وبوعيد من قتل أحدا من أهل الذمة!ومن أطلق منهم عصمة أهل الكتاب عموما! فهذا كله سفه وجهل مركب..
فالله جل ذكره يقول: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29).
فقتال أهل الكتاب مشروع بل مأمور به ولا ذمة لهم إلا إذا منحها لهم الإمام المسلم الحاكم بما أنزل الله بعد أن ينزلوا تحت حكم الله ويدفعوا الجزية ويلتزموا الصغار. ! فهل حكامكم أيها الرهبان كذلك؟ وهل نزل الأمريكان على حكم الله ودفعوا الجزية والتزموا الصغار. أم أنهم يلزمون حكامكم ودولكم اليوم الصغار ويأخذون الجزية منهم وينزلونهم وينزلونكم على أحكامهم؟ فسحقا سحقا..
ولذلك قلتم (فالكويت دولة لها قانون يحكمها!) فهو القانون الذي أنزلكم الكفار على تحكيمه وعلى ترك تحكيم شرع الله! وقد بينت حال هذا القانون وأصله ومنشأه ومصادره وما يحويه من كفر بواح وشرك صراح مفصلا في كتابي "كشف النقاب عن شريعة الغاب".
وقالوا: (والواجب على من يعيش على هذه الأرض أن يحترم قوانينها ومعاهداتها ومواثيقها): تأمل إلى هؤلاء المنتسبين للدين كيف يتكلمون عن الواجبات القانونية ويخلطونها في الواجبات الشرعية!
ومثله: (وعبر عن مشاعر الأسف والألم لوقوع الاعتداء على الجنود الأمريكيين وأبدى استنكاره لما يمثله هذا الاعتداء من خروج على قواعد النظام والقانون الكويتي وتهديد لأمن البلاد واستقرارها ودعا كافة القوى الشعبية للتلاحم للعمل الجاد والمسؤول حفاظا على الوحدة الوطنية واعتبار أمن الوطن الغاية الأهم والمصلحة العليا) (والاصلاح عبر القنوات السياسية والدستورية! هي منهج الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتها).
فهذا التخليط العريض لا تتسع لتفصيل الرد عليه ورقاتنا هذه وليس هو محور كلامنا هنا؛ إذ يحتاج أهله أن يرجعوا لتعلم معنى " لا إله إلا الله " ويفهموا لوازمها ونواقضها وقد بينا ذلك وفصلناه في غير هذا الموضع فليراجعه من كان حريصا على إصلاح دينه منهم..
ولكني سأتكلم هنا في شبهتهم الوحيدة والرئيسة التي أوردوها حول هذه العملية وهي كون هؤلاء الأمريكان معاهدين قد دخلوا بلاد المسلمين بأمان؛ ومن ثم فإن دماءهم وأموالهم محرمة معصومة لا يحل المساس بها ويسردون بعد ذلك الآيات الحاثة على الوفاء بالعهد، وآيات وأحاديث الوعيد على إخفار الذمة والأمان ونقض العهد والذمام؛ يسردونها سردا لا يطابق الواقع فيخرجون بنتيجة شوهاء جرباء مفادها أن المجرمين الأمريكان المحاربين آمنون في بلادنا معصومة دماءهم وأموالهم يحميهم جند البلاد وقانونها، أما المجاهدون فهم مجرمون محاربون مفسدون يسعون في الأرض فسادا يجب وجوبا أن يلاحقوا من جند البلاد ويدانوا في قوانينها!وقد تخرج الفتاوى - كما حصل من قبل - بتطبيق حد الحرابة عليهم فيجب وجوبا! أن يقتلوا أوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف! وهذه الشبهة يوردها دوما علماء الضلالة أصحاب الأصول الفاسدة؛ التي تثمر هذه الأفهام المنحرفة؛ ففساد الفروع نتيجة حتمية لفساد الأصول كما بينا مرارا..
ولذلك فلا بد من مقدمات مهمة لمعرفة الحق في أي نازلة في واقعنا:
أولها: تصحيح الأصول المهدومة عند هؤلاء القوم ليصح بعد ذلك البناء السليم لمن أراد البناء. فقد قيل (ثبّت العرش ثم انقش وإلا خرج نقشك أعوجا)..
وثانيها: أن صحة الفتوى لا يكفي لها معرفة النص الشرعي وحده فهذا نصف العلم الذي يتمكن به المفتي من إصابة الحق في فتواه؛ والنصف الثاني هو معرفة الواقع وحقيقة النازلة التي سينزل عليها الأدلة الشرعية..
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (1/49): (ولا يتمكن المفتي والحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:
أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والإمارات والعلامات حتّى يحيط به علما.
والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع.
ثمّ يطبق أحدهما على الآخر) أهـ.
هذه هي صفة الفتوى بالحق. العلم فيها علمان؛ علم الواقع وعلم الدّليل الشرعي. والقوم قد أوردوا أدلة شرعية زجوا بها في غير واقعها. وفرعوا فروعا مبنية على أصول فاسدة ضالة مضلة..
إذ أن المعاهدات العامة للدول التي تلزم المسلم ولا يجوز له إخفارها أو نقضها، ويتنزل عليه إن نقضها وعيد الآيات والأحاديث التي استدلوا بها؛ لا تعقد إلا من قبل إمام المسلمين الشرعي. والقوم جعلوا من الطواغيت المرتدين والحكام الكفرة المشركين ولاة أمور شرعيين؛ أعطوهم حقوق وصلاحيات الأئمة الشرعيين فضلوا بذلك وأضلوا..
وقد ذكر علماؤنا المحققون أن الحكومات الجاثمة على الحكم في بلاد المسلمين وحكامها اليوم لا يشك في كفرهم إلا من طمس الله على بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم..
إذ أن كفرهم مُتلون متنوع من أبواب شتى:
فهم يكفرون من باب تشريعهم مع الله ما لم يأذن به الله، حيث نصت دساتيرهم المحلية ومواثيقهم الدولية سواء على المستوى المحلي أو على مستوى هيئة الأمم الملحدة أو الجامعة العربية ونحوها أن لهم الحق في التشريع المطلق هم ونُوّابهم أو هيئاتهم التشريعية وجمعياتهم العمومية وهذا مقرر معروف من موادهم ونصوصهم القانونية والدستورية الكفرية لا يُجادل فيه إلا جاهل لا يعرفه أو مُتجاهل لا يريد أن يعرفه، وقد قال تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف:39)
ويكفرون من باب طاعتهم للمشرِّعين ـ المحليين منهم والدوليين وغيرهم ـ واتباعهم لتشريعاتهم الكفرية، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21). وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ..) (محمد25-26) فهـذا فيمن قال للكفار: سنطيعكم في بعض الأمر، فكيف بمن انبطح وسلم قياده لهم ولأوامرهم ومناهجهم وقوانينهم وتشريعاتهم وقال: سنُطيعكم في كثير من الأمر أو سنطيعكم في كلِّ الأمر، وأسلموا قيادهم لمشرّعيهم ولطواغيتهم وسلّموا لتشريعاتهم تسليماً؟
بسم الله، والحمد والصلاة والسلام على رسول الله.
خلال اليومين السابقين وبعد العملية الجهادية التي قام بها المجاهدان (أنس الكندري وجاسم الهاجري) جعلهما الله من الشهداء الأبرار. وردتني أسئلة كثيرة من الكويت وغيرها حول ماصدر عن كثير من المنتسبين للعلم والتدريس الشرعي أو الخطابة والدعوة السلفية وغيرها من الحركات الاسلامية من شجب وتنديد وإبطال وتأثيم واستنكار لما قام به المجاهدان البطلان أسأل الله تعالى أن يتغمدهما في رحمته وأن يجعلهما من الشهداء الأبرار..
وقد قرأت واطلعت على كلام مقزز تفوح منه رائحة التأصيلات الجاهلية وفيه مزج وتلبيس بين الحق والباطل وتخبط وتخليط ومؤاخاة لنصوص الشرع مع نصوص القانون، وتسخير بل تخنيث للدين ونصوص الشرع وجعلها مطية لمصالح الطواغيت وأوليائهم من عباد الصليب.
تخليط متعمد فرح به العلمانيون والملحدون والكفار حتى إن صحف الكفر الفسوق والفجور والتي لم تكن تنشر لأهل الدين إلا النزر اليسير وتتخصص دوما في نشر الكفر والإلحاد والاستهزاء في الدين وأهله وتتاجر بنشر العهر والفجور؛ بادرت بنشر تلك البيانات والتصريحات والفتاوى مرارا وتكرارا وعلى ألسنة مشايخ من مشارب واتجاهات شتى؛ لان ذلك مما يتمشى مع مصالحهم المعيشية الدنيوية المترفة ويذب عن أوليائهم الكفار ويجعلهم أهل صلح وعهد وأمان، ويجعل كل مجاهد في سبيل الله من أهل الإفساد والإرهاب والجهل والخراب.
وتدليلا على ما ذكرت أورد بعضا مما وصلني من ذلك وأتوقع أن وراءه المزيد والمزيد؛ فهذا التيار الإنهزامي الإنبطاحي زاد وفرّخ في بلادنا، وقد صار يُفتضح ويُظهر عوراه وعوراته كلما سمع في بلادنا هيعة على جهاد.
يقول الدكتور عجيل النشمي: " يحرم الإيذاء أو الإهانة أو الاعتداء بالقتل وما دونه على من دخل بلاد المسلمين برضاهم! وفي غير حال الحرب بينهم! ولقد قرر الأئمة المجتهدون باتفاق أن دماء المسلمين وغير المسلمين معصومة أي لا يجوز الاعتداء عليها لأن أساس العصمة عندهم الإسلام والأمان، فيعتبر معصوم الدم المسلم والذمي! ومن بينه وبين المسلمين ميثاق وعهد، كما هو حال الكويت! ودول العالم الإسلامي مع غيرها! ومن دخل البلاد بأمان، ولو كان منتميا لدولة محاربة فدمه معصوم مادام الأمان قائما، ويعتبر إذن الدخول أمانا، فمن هم على أرضنا معصومو الدماء، فلا يجوز الاعتداء عليهم ولا على أموالهم، ومن قتل أحدا منهم عمدا فهو كمن قتل غيره عمدا قال تعالى: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) (رواه البخاري) وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل قتيلا من أهل الذمة حرم الله عليه الجنة) (رواه النسائي واحمد) وهو حديث صحيح.
فهذان الشابان اللذان أقدما على قتل الجندي الأمريكي، قد ارتكبا فعل قتل عمد ولا يقبل في مثل هذا التأويل! أو ادعاء الاجتهاد! فهذا شذوذ في الرأي لا يجوز استحلال الدماء بسببه!
وكم كنا نتمنى أن تكون الشهادة الصحيحة لهذين الشابين على أرض أفغانستان أو في سراييفو، حيث لا شبهة في وصف الشهادة! وأما فعلهم هذا فحكمه الظاهر ما ذكرنا. وأمرهما الباطن إلى الله عز وجل فهو أعلم بحالهما وسريرتهما " أهـ.
واعتبر وزير العدل! ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية احمد باقر حادثة إطلاق النار على الجنود الأمريكيين بأنها (فعل غير شرعي)! ولا يخدم مصلحة الكويت! ومصلحة الأمة، مشيرا إلى أن الجنود الأمريكيين جاءوا لحماية الكويت! ويربطنا بهم عهد وميثاق تحالف ومعاهدة أمنية!
وطالب باقر بضرورة تتبع كل من خطط ونفذ العملية وتقديمه للمحاكمة! لأن الفعلة مرفوضة شرعيا وقانونيا!
وأضاف باقر قائلا: " نثق في قدرات رجال الامن في الوصول الى الحقيقة! مهما كان هؤلاء الاشخاص او انتماءاتهم " مشيرا إلى اننا نعرف نهج الجماعات الاسلامية بالكويت فهذا ليس منهجها وما حدث أمر دبر له بشكل سري! بينما الجماعات الاسلامية بالكويت تعمل في النور! وبشكل علني ومن خلال مجلس الامة! والصحافة والقنوات الشرعية! منوها بأنه حتى وان عارضت الجماعات الاسلامية أمرا ما فانها تعارضه بشكل علني ولم يصدر عن الجماعات الاسلامية أو نوابها في مجلس الأمة أي معارضة للاتفاقيات الامنية! بل بالعكس صوت جميع اعضاء المجلس وبالاجماع مع الاتفاقيات الامنية!
وختم باقر تصريحه مشيرا إلى أن مثل هذه الافعال تمثل آراء شاذة ومستترة وخفية يجب كشفها!" أهـ.
وقال خالد سلطان العيسى: "إن هذا العمل مرفوض وغير مقبول شرعا! خاصة إن الدولة منحت الأمان للامريكان داخل الكويت! فلا يجوز الاعتداء عليهم! وهذا ليس اسلوبا للتعامل مع البشر! فنحن لسنا في حرب معهم! والمساس بهم في بلدنا مرفوض! وهذا العمل سوف يحرج حكومة الكويت!
وختم السلطان بقوله: لا يسعنا إلا أن نقول إننا نستنكر مثل هذا العمل الذي لم نعهده في الكويت! ". أهـ
أما عبدالعزيز الهده فقد استدل في استنكاره لهذا العمل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما)! "وهذا الحديث وضع المؤمنين في حرج من إخفار ذمة الدولة الاسلامية!!! التي تعاهد أو تتعاقد مع أي رجل ليس على دين الاسلام، وما حدث بالأمس في فيلكا عمل نستنكره استنكارا كاملا وليس من دين الله في شيء!"
كما حثت الحركة السلفية الحكومة على (ضبط النفس) وحذر د. حاكم المطيري أمين عام الحركة السلفية من استغلال الحدث وتأليب الجهات الخارجية على الجماعات الإسلامية الكويتية المعروفة بالاعتدال، خاصة وان هذا من شأنه أن يشرخ ويصدع وحدة الصف! وان الوقت الراهن يستدعي التلاحم والتخندق في خندق واحد!
وجاء في بيان لجمعية إحياء التراث بعد الحادث: "لقد أسفنا! أن تشهد الكويت الآمنة! حادث اعتداء إرهابي! ضد مقيمين على أرضها لهم مع الكويت عهود ومواثيق!"، وأكدوا استنكار الحادث ووصفوه بأنه "لا تقره الشريعة وتحرمه تعاليم الدين الاسلامي السمحة!"، وأضاف البيان إن "لهؤلاء الجنود الأمريكيين عهدا عندنا! وقد أعطوا الامان من قبل الحكومة الكويتية بموجب اتفاقيات مشتركة!" مستشهدا بقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً). وقالوا: "إن هذا العمل ضد مصلحة الكويت وأهلها! وأنه افتئات! على حكومتها وولاة أمرها!!"، وقال البيان: "لو أن كل من أراد أن يعترض أمراً أو يغير منكراً حمل السلاح لذهب الأمن! ولأصبحنا في فوضى عارمة لا يعلم مداها إلا الله! فالكويت دولة لها قانون يحكمها! والواجب على من يعيش على هذه الأرض أن يحترم قوانينها ومعاهداتها ومواثيقها!". أهـ من جريدة الوطن الخميس 4/شعبان/1423هـ
وعبر عيسى ماجد الشاهين الأمين العام للحركة الدستورية! الإسلامية في بيان له عن مشاعر الأسف والألم! لوقوع الاعتداء على الجنود الأمريكيين في جزيرة فيلكا وأبدى استنكاره لما يمثله هذا الاعتداء من خروج على قواعد النظام والقانون الكويتي! وتهديد لأمن البلاد واستقرارها ودعا كافة القوى الشعبية للتلاحم للعمل الجاد والمسؤول حفاظا على الوحدة الوطنية! واعتبار أمن الوطن الغاية الأهم والمصلحة العليا! لا سيما في هذه الظروف المتوترة الراهنة التي تشهدها المنطقة، وأكد على براءة مسيرة العمل الإسلامي في الكويت من مثل هذه الممارسات الفردية المرفوضة! إذ أن الدعوة بالحسنى والاعتدال بالطرح والاصلاح عبر القنوات السياسية والدستورية! هي منهج الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتها...
وفي ختام بيانه دعا الأمين العام إلى أن يتم التعامل مع هذه الإعتداء طبقا لقواعد القانون وألا تخرج ردود الفعل عن إطاره المحدد حفاظا على مصالح الوطن العليا! ووحدة صفه! وقوة أمنه. أهـ من جريدة الوطن الخميس 4/شعبان/1423هـ
وفيها أيضا: "وكان المتحدث باسم الحركة الإسلامية السلفية في الكويت عبد الرزاق الشايجي دان العملية مؤكدا أن وجود القوات الأمريكية في الكويت شرعي!".
وأتوقع أن أرى المزيد غير هذه الأسماء التي اطلعت عليها لمنهزمين بادروا بالشجب والاستنكار والتبرؤ من تلك العملية..
فأسأل الله تعالى أن يبارك في مثل هذه الأعمال الجهادية وأن يزيد فيها فقد أمست الفاضحة لكثير ممن انخدع بهم الشباب..
على كل حال لن أفصل في كلامي هنا فيما جاء في هذه البيانات من سقط القول وسفهه أمثال قولهم عن هذا الحادث:
(لا يخدم مصلحة الكويت): فهذا خطاب كويتي وليس إسلامي فلا أتنزل لنقاشه (وأن الجنود الأمريكيين جاءوا لحماية الكويت) وهذا مثله وفيه تزوير للحقائق فالدنيا كلها تعلم والكويتيون في مقدمتهم كما في صحافتهم وإعلامهم أن الأمريكان ما جاؤوا إلا لحرب العراق المحاصر منذ عشر سنين والعاجز حاليا عن تهديد الأكراد في شماله والرافضة في جنوبه فضلا عن أن يهدد الكويت! جاؤوا لتدميره ولا يهمهم لو دمر في تحقيق هذه الغاية الشعب العراقي كله كما فعلوا في أفغانستان..
وأيضا قولهم: (وضرورة تتبع كل من خطط ونفذ العملية وتقديمه للمحاكمة لأن الفعلة مرفوضة شرعيا وقانونيا): فهاهنا دعوة لمحاكمة المجاهدين إلى شرع الطواغيت ومحاكمهم! وفيه مؤاخاة واضحة بين الشريعة والقانون، ودمج صريح ومتعمد لشرع الله مع القانون الوضعي تأباه سائمة الأنعام فضلا عمن يدعي الدعوة والعلم والإستاذية والإسلام..
وأيضا قولهم: (نثق في قدرات رجال الامن في الوصول الى الحقيقة): فيه تزكية لأنصار الطواغيت ووظائفهم الكفرية وتعامٍ عن مظالمهم وظلماتهم وباطلهم العريض.
وقولهم (الجماعات الاسلامية بالكويت هذا ليس منهجها وما حدث أمر دبر له بشكل سري): وكأن السرية وقضاء الحوائج بالكتمان الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم عار وشنار يتبرأ منه هؤلاء السفهاء!
ولذا قالوا: (بينما الجماعات الاسلامية بالكويت تعمل في النور وبشكل علني ومن خلال مجلس الامة! والصحافة والقنوات الشرعية!) وقد فصلنا في كتابنا "الديمقراطية دين" وغيره أمر مجلس أمتهم هذا وبيّنا أن العمل من خلاله عمل في الظلام والكفر والإشراك وليس في النور! كما ادعوا، وليس هو من القنوات الشرعية الاسلامية في شيء؛ بل من المستنقعات الشركية الطاغوتية، على كل حال فهم يقصدون هنا بالقنوات الشرعية شرعيتهم الدستورية والقانونية! فهذا هو الشرع والشرعي عند جمهورهم فدعاوى القوم في واد والتوحيد في واد آخر..
ولذلك قالوا بعد ذلك: (ولم يصدر عن الجماعات الاسلامية أو نوابها في مجلس الأمة أي معارضة للاتفاقيات الامنية بل بالعكس صوت جميع اعضاء المجلس وبالاجماع مع الاتفاقيات الامنية) ولذلك فهي شرعية عندهم!
وقولهم: (ان مثل هذه الافعال تمثل اراء شاذة ومستترة وخفية يجب كشفها): أما إرادات طواغيتهم الشاذة والكفرية وإرادات أوليائهم الأمريكان فيجب الترقيع لها وسترها؛ ومن تكلم في إرادات طواغيتهم الشاذة المعلنة والمتبجحة وليست المستترة فهو خارجي تكفيري أو قل على أقل الأحوال؛ حاقد على البلد وخيراتها! لا همّ له إلا اغتياب ولاة الأمور!!
وقولهم: (وهذا العمل سوف يحرج حكومة الكويت): تأمل التصريح بالتحرج من الجهاد! فأين هؤلاء السفهاء من قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقولهم: (ودعا إلى أن يتم التعامل مع هذه الاعتداء طبقا لقواعد القانون وألا تخرج ردود الفعل عن إطاره المحدد): تأمل حرصهم على حدود القانون؛ أما حدود الله فليس لها بواكي!
وذلك كما قالوا: (حفاظا على مصالح الوطن العليا ووحدة صفه وقوة أمنه)، ومثله (وإن الوقت الراهن يستدعي التلاحم والتخندق في خندق واحد) فهذا هو توحيد الوطنيين وليس توحيد المسلمين وقد بينت عواره في رسالة لي بعنوان "الفرق المبين بين توحيد الوطنيين وتوحيد المرسلين".
وقولهم: (إن هذا العمل ضد مصلحة الكويت وأهلها وأنه افتئات على حكومتها وولاة أمرها!!): تأملوا كيف يُسَخّرون الألفاظ الشرعية للطواغيت ويشهرونها في وجوه المجاهدين، ووالله لو سألت علوج آل صباح أو غيرهم من طواغيت الحكم في بلادنا هل سمعوا بشيء اسمه افتئات عليهم؟ لما فهموا منك ذلك ولظنوك تتكلم بلغة غير العربية، لكن هؤلاء الرهبان يستخرجون من كلام فقهاء الشريعة في ولاة الأمور الشرعيين؛ ما يرقعون به أمر ولاة أمورهم القانونيين المشركين. فعليهم من الله ما يستحقون.
ومثل ذلك سفه من استدل بحقوق أهل الذمة! وبوعيد من قتل أحدا من أهل الذمة!ومن أطلق منهم عصمة أهل الكتاب عموما! فهذا كله سفه وجهل مركب..
فالله جل ذكره يقول: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (التوبة:29).
فقتال أهل الكتاب مشروع بل مأمور به ولا ذمة لهم إلا إذا منحها لهم الإمام المسلم الحاكم بما أنزل الله بعد أن ينزلوا تحت حكم الله ويدفعوا الجزية ويلتزموا الصغار. ! فهل حكامكم أيها الرهبان كذلك؟ وهل نزل الأمريكان على حكم الله ودفعوا الجزية والتزموا الصغار. أم أنهم يلزمون حكامكم ودولكم اليوم الصغار ويأخذون الجزية منهم وينزلونهم وينزلونكم على أحكامهم؟ فسحقا سحقا..
ولذلك قلتم (فالكويت دولة لها قانون يحكمها!) فهو القانون الذي أنزلكم الكفار على تحكيمه وعلى ترك تحكيم شرع الله! وقد بينت حال هذا القانون وأصله ومنشأه ومصادره وما يحويه من كفر بواح وشرك صراح مفصلا في كتابي "كشف النقاب عن شريعة الغاب".
وقالوا: (والواجب على من يعيش على هذه الأرض أن يحترم قوانينها ومعاهداتها ومواثيقها): تأمل إلى هؤلاء المنتسبين للدين كيف يتكلمون عن الواجبات القانونية ويخلطونها في الواجبات الشرعية!
ومثله: (وعبر عن مشاعر الأسف والألم لوقوع الاعتداء على الجنود الأمريكيين وأبدى استنكاره لما يمثله هذا الاعتداء من خروج على قواعد النظام والقانون الكويتي وتهديد لأمن البلاد واستقرارها ودعا كافة القوى الشعبية للتلاحم للعمل الجاد والمسؤول حفاظا على الوحدة الوطنية واعتبار أمن الوطن الغاية الأهم والمصلحة العليا) (والاصلاح عبر القنوات السياسية والدستورية! هي منهج الحركة الإسلامية بمختلف توجهاتها).
فهذا التخليط العريض لا تتسع لتفصيل الرد عليه ورقاتنا هذه وليس هو محور كلامنا هنا؛ إذ يحتاج أهله أن يرجعوا لتعلم معنى " لا إله إلا الله " ويفهموا لوازمها ونواقضها وقد بينا ذلك وفصلناه في غير هذا الموضع فليراجعه من كان حريصا على إصلاح دينه منهم..
ولكني سأتكلم هنا في شبهتهم الوحيدة والرئيسة التي أوردوها حول هذه العملية وهي كون هؤلاء الأمريكان معاهدين قد دخلوا بلاد المسلمين بأمان؛ ومن ثم فإن دماءهم وأموالهم محرمة معصومة لا يحل المساس بها ويسردون بعد ذلك الآيات الحاثة على الوفاء بالعهد، وآيات وأحاديث الوعيد على إخفار الذمة والأمان ونقض العهد والذمام؛ يسردونها سردا لا يطابق الواقع فيخرجون بنتيجة شوهاء جرباء مفادها أن المجرمين الأمريكان المحاربين آمنون في بلادنا معصومة دماءهم وأموالهم يحميهم جند البلاد وقانونها، أما المجاهدون فهم مجرمون محاربون مفسدون يسعون في الأرض فسادا يجب وجوبا أن يلاحقوا من جند البلاد ويدانوا في قوانينها!وقد تخرج الفتاوى - كما حصل من قبل - بتطبيق حد الحرابة عليهم فيجب وجوبا! أن يقتلوا أوتقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف! وهذه الشبهة يوردها دوما علماء الضلالة أصحاب الأصول الفاسدة؛ التي تثمر هذه الأفهام المنحرفة؛ ففساد الفروع نتيجة حتمية لفساد الأصول كما بينا مرارا..
ولذلك فلا بد من مقدمات مهمة لمعرفة الحق في أي نازلة في واقعنا:
أولها: تصحيح الأصول المهدومة عند هؤلاء القوم ليصح بعد ذلك البناء السليم لمن أراد البناء. فقد قيل (ثبّت العرش ثم انقش وإلا خرج نقشك أعوجا)..
وثانيها: أن صحة الفتوى لا يكفي لها معرفة النص الشرعي وحده فهذا نصف العلم الذي يتمكن به المفتي من إصابة الحق في فتواه؛ والنصف الثاني هو معرفة الواقع وحقيقة النازلة التي سينزل عليها الأدلة الشرعية..
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين (1/49): (ولا يتمكن المفتي والحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم:
أحدهما: فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والإمارات والعلامات حتّى يحيط به علما.
والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الواقع.
ثمّ يطبق أحدهما على الآخر) أهـ.
هذه هي صفة الفتوى بالحق. العلم فيها علمان؛ علم الواقع وعلم الدّليل الشرعي. والقوم قد أوردوا أدلة شرعية زجوا بها في غير واقعها. وفرعوا فروعا مبنية على أصول فاسدة ضالة مضلة..
إذ أن المعاهدات العامة للدول التي تلزم المسلم ولا يجوز له إخفارها أو نقضها، ويتنزل عليه إن نقضها وعيد الآيات والأحاديث التي استدلوا بها؛ لا تعقد إلا من قبل إمام المسلمين الشرعي. والقوم جعلوا من الطواغيت المرتدين والحكام الكفرة المشركين ولاة أمور شرعيين؛ أعطوهم حقوق وصلاحيات الأئمة الشرعيين فضلوا بذلك وأضلوا..
وقد ذكر علماؤنا المحققون أن الحكومات الجاثمة على الحكم في بلاد المسلمين وحكامها اليوم لا يشك في كفرهم إلا من طمس الله على بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم..
إذ أن كفرهم مُتلون متنوع من أبواب شتى:
فهم يكفرون من باب تشريعهم مع الله ما لم يأذن به الله، حيث نصت دساتيرهم المحلية ومواثيقهم الدولية سواء على المستوى المحلي أو على مستوى هيئة الأمم الملحدة أو الجامعة العربية ونحوها أن لهم الحق في التشريع المطلق هم ونُوّابهم أو هيئاتهم التشريعية وجمعياتهم العمومية وهذا مقرر معروف من موادهم ونصوصهم القانونية والدستورية الكفرية لا يُجادل فيه إلا جاهل لا يعرفه أو مُتجاهل لا يريد أن يعرفه، وقد قال تعالى: (أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) (يوسف:39)
ويكفرون من باب طاعتهم للمشرِّعين ـ المحليين منهم والدوليين وغيرهم ـ واتباعهم لتشريعاتهم الكفرية، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21). وقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ..) (محمد25-26) فهـذا فيمن قال للكفار: سنطيعكم في بعض الأمر، فكيف بمن انبطح وسلم قياده لهم ولأوامرهم ومناهجهم وقوانينهم وتشريعاتهم وقال: سنُطيعكم في كثير من الأمر أو سنطيعكم في كلِّ الأمر، وأسلموا قيادهم لمشرّعيهم ولطواغيتهم وسلّموا لتشريعاتهم تسليماً؟
رد: براءة الموحدين من عهود الطواغيت وأمانهم للمحاربين
ويكفرون من باب توليهم للكفار من النصارى والمشركين والمرتدين وحمايتهم ونصرتهم بالجيوش والسلاح والمال والاقتصاد، بل قد عقدوا معهم اتفاقيات ومعاهدات النصرة بالنفس والمال واللسان والسنان ضد المجاهدين المسلمين فتولّوهم تولياً حقيقياً، وقد قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) (المائدة: من الآية51).
ويكفرون من باب أخوَّتهم للكفار الشرقيين والغربيين وموادتهم ومحبتهم لهم؛ قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (المجادلة: من الآية 22). وهذا ليس من التكفير ببواطن الأمور وأعمال القلوب، بل بالأعمال والأقوال الظاهرة الصريحة، إذ أنهم يفاخرون بهذه الأخوة والمودّة ويصرّحون بها ويظهرونها في كل محفل ووسائل إعلامهم طافحة بها.
ويكفرون من باب محاربة أولياء الله ومظاهرة المشركين ونصرتهم عليهم قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (الحشر:11). فتأمل كيف كفّر الله من وعد المشركين ولو وعدا كاذبا بنصرتهم على المسلمين، وجعله من إخوان المشركين، فكيف بمن عقد معهم اتفاقيّات النصرة والمظاهرة على الموحدين وظاهرهم عليهم فعلاً بالمعلومات الأمنية وبالمال والتدريب والسلاح وبالملاحقة والقتل أو الحبس والمحاكمة والتسليم؟
ويكفرون من باب الامتناع عن الشرائع كالحكم بما أنزل الله وتعطيل الفرائض وتحريم الواجبات الشرعية كجهاد الكفار واستحلال الحرام بالترخيص له وحمايته وحراسته والتواطؤ والاصطلاح عليه. كمؤسسات وصروح الربا والفجور والخنا وغير ذلك من المحرمات قال تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (التوبة:37).
ويكفرون من باب الاستهزاء بدين الله والترخيص للمستهزئين وحمايتهم وسن القوانين التشريعية التي ترخّص لهم وتسهل لهم ذلك سواء عبر الصحافة أو الإذاعة المرئية منها والمسموعة أو غير ذلك قال تعالى: (.. قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ..) (التوبة: 65-66).
وغير ذلك من أبواب الكفر الصراح التي ولجوا فيها ودخلوها زرافات ووحداناً، وكل باب من هذه الأبواب عليه من أقوالهم وأفعالهم وتصريحاتهم وقوانينهم مئات بل ألوف الأدلة، أما الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أنها أبواب مكفرة فهي أشهر من أن يجادل فيها المجادلون، وليس هذا محل بسطها، وإنما المقصود من ذلك الإشارة التي تكفي اللبيب، وتعلمه بأن هذه الحكومات طواغيت تُتَّبع وتُطاع من دون الله تعالى.
وإذا تقرر أن حكام بلاد المسلمين اليوم ليسوا حكاما مسلمين وليسوا ولاة أمور شرعيين؛ علم أن ولايتهم الجبرية على المسلمين باطلة ولا تصح بحال ولا يجوز أن يجعل لهم على المسلمين سبيلا ولا يحل لهم أن يسعوا بذمة المسلمين بين الأمم والدول وإن فعلوا فذمتهم غير ذمة المسلمين وعهودهم غير ملزمة للمجاهدين..
فهم إضافة إلى كونهم حكام خونة لا همَّ لهم إلا مصالح عروشهم وكروشهم وقروشهم ولا يستأمنون على مصالح العباد والبلاد حتى ينابوا عن المسلمين ويسعون بذمتهم؛ فحقيقتهم أيضا أنهم حكام كفرة مشركون وطواغيت مشرعون يجب على كل مسلم أن يسعى في القيام عليهم وخلعهم عند القدرة على ذلك، ويجب عليه حال عجزه عنه أن يكفر بهم ويتبرأ من قوانينهم وشرائعهم ومعاهداتهم فهذا كله من لوازم التوحيد وواجبات ملة إبراهيم..
قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)
فقوله تعالى: (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، أي منكم ومن أوثانكم ومناهجكم وتشريعاتكم الباطلة المخالفة لدين الإسلام.
فالبراءة التي تستلزمها ملة إبراهيم ليست محصورة في البراءة من المشركين بل من ذلك أيضا البراءة من أديانهم وقوانينهم الكفريه ومعاهداتهم وتشريعاتهم الخبيثة التي تؤاخي بين المسلمين والكفار وتلغي الجهاد وتصف المجاهدين بالمجرمين والإرهابيين.. (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (سورة الكافرون)
فنحن كما نكفر بهؤلاء الطواغيت ونتقرب إلى الله ونلتمس رضاه ببغضهم وعداوتهم وجهادهم فكذلك نبرأ من أديانهم الشركية وقوانينهم الوضعية ومواثيقهم الباطلة المناقضة لشرائع الاسلام بتحريمها للجهاد ومؤاخاتها بل عمالتها ونزولها تحت ولاية الكفار المحاربين للإسلام والمسلمين؛ فهي طواغيت وشرائع مناقضة لشرع الله قائمة على مبادىء الأخوة بينهم بل مستندة إلى علاقة الموالاة والعمالة والخيانة والتبعية التي تجمع الأقزام بأسيادهم..
ولذلك فهذه العهود والمواثيق لا تعني عند المسلم إلا ذلك ولا يجوز له أن ينصاع لها أو يحترمها أو يقر بها مختارا..
إني نبذت إليهم العهد الذي قد أوثقوه خيانة وجفاء
ويدل على ذلك أيضا بوضوح الحديث الذي رواه الامام أحمد والنسائي وأبوداود: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ".
فهؤلاء الطواغيت ليسوا من المسلمين كما تقرر؛ لا من خواصهم ولا من أدناهم ولا قلامة ظفر؛ بل هم من جملة من يتولونهم من الكفار الحربيين كما أخبر تعالى في قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)؛ فإنه منهم وليس من المسلمين! وعليه فلا تلزمنا عهودهم ومواثيقهم ولا أمانهم للكفار..
قال ابن قدامة في المغني (8/398) : (ولا يصح أمان كافر وإن كان ذميا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم " فجعل الذمة للمسلمين فلا تحصل لغيرهم، ولأنه متهم على الإسلام وأهله فأشبه الحربي) أهـ.
وتأمل أن هذا في الكافر الذمي غير الحربي فهو في الحربي أولى، وقد علمت أن هؤلاء الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين كفار محاربون ممتنعون بشوكة عن الشريعة وعن تحكيمها؛ وقد فصلنا هذا الأمر وبيناه زيادة بيان وحشدنا الأدلة عليه في غير هذا الموضع..
وقد قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء: من الآية141).
فالحاكم الكافر ليس له سبيل على المسلمين والموحدين ولا يجوز أن يعطى الولاية عليهم، وإذا ما تولاها ولاية جبرية لا يصيّر ذلك قراراته وأوامره واتفاقاته ومعاهداته شرعية ملزمة للمسلمين ولا يقول بخلاف ذلك عالم بدين الاسلام..
ومن لوازم الكفر بالطاغوت البراءة من تشريعاته واتفاقاته ومعاهداته.
وليس لكافر ان يلزم المسلمين بعهوده ومواثيقه. ولو كان ذلك لازما للزمت المجاهدين عهود قرضاي مع أوليائه الكفار وللزمت المسلمين في روسيا عهود ومواثيق الشيوعيين مع أعداء المسلمين وللزمت المسلمين عهود ومواثيق ومعاهدات المحتلين من المستعمرين لبلادهم أيام الاستعمار الغربي وكل أحد يعلم أن المجاهدين لم يكونوا يلتزموها كما أن المسلمين اليوم في فلسطين لا تلزمهم عهود اليهود الحاكمين الجبريين لهم. وكذلك الشأن في عهود ومواثيق وقوانين الحكام المرتدين المحاربين للدين التي أقرتها مجالسهم وبرلماناتهم الشركية. فإنها لا تلزم المسلمين الكافرين بهم وببرلماناتهم وقوانينهم الكفرية.
بل إن الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله والذي له الولاية على المسلمين لا يلزم باتفاقاته ومعاهداته من كان ليس تحت ولايته السياسية من المسلمين فكيف بالحكام الكفرة واتفاقاتهم؟
ويدل على هذا دلالة صريحة ما رواه البخاري في كتاب الشروط من صحيحه في باب (الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب)..
ومحل الشاهد منه قصة أبي بصير رضي الله عنه وما فعله لما رده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رسولي قريش للشرط الذي شرطته عليه قريش في صلح الحديبية، فقتل أبو بصير أحد الرجلين ثم أتى سيف البحر فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم..
ووجه الدلالة منه أن أبا بصير لم يلتزم بالعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم ولا لزمه أمان النبي لهم ولرسلهم؛ ولو لزمه شيء من ذلك لطالبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم بدية الرجل العامري الذي قتله أبو بصير؛ ولغرمته ما كان يأخذ من تجاراتهم وقوافلهم بعد ذلك؛ ولكنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك لأن أبا بصير لم يكن داخلا تحت ولاية الرسول السياسية حين عقد العهد مع قريش.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/351): (وفي قصة أبي بصير من الفوائد جواز قتل المشرك المعتدي غيلة، ولا يعد ما وقع من أبي بصير غدرا لأنه لم يكن في جملة من دخل في المعاقدة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش؛ لأنه إذ ذاك كان محبوسا بمكة..).
قال: (وفيه أن من فعل مثل فعل أبي بصير لم يكن عليه قود ولا دية..) (واستنبط منه بعض المتأخرين أن بعض ملوك المسلمين مثلا لو هادن بعض ملوك الشرك فغزاهم ملك آخر من المسلمين فقتلهم وغنم أموالهم جاز له ذلك، لأن عهد الذي هادنهم لم يتناول من لم يهادنهم..) أهـ.
وهذا الذي قاله ذكره ابن القيم عن شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال في الفوائد الفقهية لصلح الحديبية في زاد المعاد: (ومنها: أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءً دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم. وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد كما أفتى به شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قدس الله روحه في نصارى ملطية وسبيهم مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين) أهـ. (3/309)
وقال ابن قدامة في المغني (8/464): (إنما أمناهم ممن هو في دار الإسلام الذين هم في قبضة الإمام فأما من هو في دارهم ومن ليس في قبضته فلا يمنع منه. ولهذا لما قتل أبو بصير الرجل الذي جاء لرده لم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يضمنه، ولما انفرد هو وأبو جندل وأصحابهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فقطعوا الطريق عليهم وقتلوا من قتلوا منهم وأخذوا المال لم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم برد ما أخذوه ولا غرامة ما أتلفوه) أهـ.
فالمسلمون المقيمون تحت ولاية الطواغيت السياسية القهرية ودولهم الكافرة ومن باب أولى المجاهدون المطاردون دوما والمحاربون من قبل الطواغيت وأوليائهم الأمريكان ليس بينهم وبين هؤلاء الطواغيت ولاية بل الحرب قائمة بينهم ومعلنة من قبل الطواغيت عليهم ولذلك فلا تلزمهم عهود هؤلاء الطواغيت ولا مواثيقهم ما دامت ولايتهم كفرية قهرية غير شرعية ولا اختيارية، وماداموا لا يأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم ودماءهم ودينهم، فهم أنفسهم غير مؤمّنين من قبل الطواغيت وأوليائهم ومن ثم فكيف يؤمّنون أعداءهم بأمان أعداء لهم؟؛ بل هم عرضة لانتهاك حرمة بيوتهم من قبل الطواغيت وأنصارهم ونهبها وترويع من فيها واعتقالهم وزجهم في السجون أو تلفيق التهم لهم وإعدامهم أو تسليمهم للصليبيين في أي ساعة من ليل أو نهار..
وقوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) قول فصل في ذلك..
أما ولايتهم الدينية فمن نواقض الإسلام أن يدخل المسلم مختارا تحت ولاية الكافر الدينية..
قال تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران: من الآية28)
وعليه فمن البديهيات أن كل من أعلن براءته من سلطة الطواغيت وولايتهم السياسية والدينية وعاداهم فصار في عدوة غير عدوتهم وشاقهم فصار في شق غير شقهم؛ أن يكون بريئا من مواثيقهم وعهودهم وقوانينهم كحال المجاهدين الكافرين بالطاغوت في كل مكان الذين برؤوا من الطواغيت وبريء الطواغيت منهم وأعلنوا الحرب عليهم وظاهروا الكفار عليهم وعلى كل موحد سلك طريق الجهاد،الذي سموه بالإرهاب تبعا لتسمية إخوانهم الذين كفروا من اليهود والنصارى..
ويكفرون من باب أخوَّتهم للكفار الشرقيين والغربيين وموادتهم ومحبتهم لهم؛ قال تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (المجادلة: من الآية 22). وهذا ليس من التكفير ببواطن الأمور وأعمال القلوب، بل بالأعمال والأقوال الظاهرة الصريحة، إذ أنهم يفاخرون بهذه الأخوة والمودّة ويصرّحون بها ويظهرونها في كل محفل ووسائل إعلامهم طافحة بها.
ويكفرون من باب محاربة أولياء الله ومظاهرة المشركين ونصرتهم عليهم قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ) (الحشر:11). فتأمل كيف كفّر الله من وعد المشركين ولو وعدا كاذبا بنصرتهم على المسلمين، وجعله من إخوان المشركين، فكيف بمن عقد معهم اتفاقيّات النصرة والمظاهرة على الموحدين وظاهرهم عليهم فعلاً بالمعلومات الأمنية وبالمال والتدريب والسلاح وبالملاحقة والقتل أو الحبس والمحاكمة والتسليم؟
ويكفرون من باب الامتناع عن الشرائع كالحكم بما أنزل الله وتعطيل الفرائض وتحريم الواجبات الشرعية كجهاد الكفار واستحلال الحرام بالترخيص له وحمايته وحراسته والتواطؤ والاصطلاح عليه. كمؤسسات وصروح الربا والفجور والخنا وغير ذلك من المحرمات قال تعالى: (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (التوبة:37).
ويكفرون من باب الاستهزاء بدين الله والترخيص للمستهزئين وحمايتهم وسن القوانين التشريعية التي ترخّص لهم وتسهل لهم ذلك سواء عبر الصحافة أو الإذاعة المرئية منها والمسموعة أو غير ذلك قال تعالى: (.. قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ..) (التوبة: 65-66).
وغير ذلك من أبواب الكفر الصراح التي ولجوا فيها ودخلوها زرافات ووحداناً، وكل باب من هذه الأبواب عليه من أقوالهم وأفعالهم وتصريحاتهم وقوانينهم مئات بل ألوف الأدلة، أما الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أنها أبواب مكفرة فهي أشهر من أن يجادل فيها المجادلون، وليس هذا محل بسطها، وإنما المقصود من ذلك الإشارة التي تكفي اللبيب، وتعلمه بأن هذه الحكومات طواغيت تُتَّبع وتُطاع من دون الله تعالى.
وإذا تقرر أن حكام بلاد المسلمين اليوم ليسوا حكاما مسلمين وليسوا ولاة أمور شرعيين؛ علم أن ولايتهم الجبرية على المسلمين باطلة ولا تصح بحال ولا يجوز أن يجعل لهم على المسلمين سبيلا ولا يحل لهم أن يسعوا بذمة المسلمين بين الأمم والدول وإن فعلوا فذمتهم غير ذمة المسلمين وعهودهم غير ملزمة للمجاهدين..
فهم إضافة إلى كونهم حكام خونة لا همَّ لهم إلا مصالح عروشهم وكروشهم وقروشهم ولا يستأمنون على مصالح العباد والبلاد حتى ينابوا عن المسلمين ويسعون بذمتهم؛ فحقيقتهم أيضا أنهم حكام كفرة مشركون وطواغيت مشرعون يجب على كل مسلم أن يسعى في القيام عليهم وخلعهم عند القدرة على ذلك، ويجب عليه حال عجزه عنه أن يكفر بهم ويتبرأ من قوانينهم وشرائعهم ومعاهداتهم فهذا كله من لوازم التوحيد وواجبات ملة إبراهيم..
قال تعالى: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)
فقوله تعالى: (إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ)، أي منكم ومن أوثانكم ومناهجكم وتشريعاتكم الباطلة المخالفة لدين الإسلام.
فالبراءة التي تستلزمها ملة إبراهيم ليست محصورة في البراءة من المشركين بل من ذلك أيضا البراءة من أديانهم وقوانينهم الكفريه ومعاهداتهم وتشريعاتهم الخبيثة التي تؤاخي بين المسلمين والكفار وتلغي الجهاد وتصف المجاهدين بالمجرمين والإرهابيين.. (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (سورة الكافرون)
فنحن كما نكفر بهؤلاء الطواغيت ونتقرب إلى الله ونلتمس رضاه ببغضهم وعداوتهم وجهادهم فكذلك نبرأ من أديانهم الشركية وقوانينهم الوضعية ومواثيقهم الباطلة المناقضة لشرائع الاسلام بتحريمها للجهاد ومؤاخاتها بل عمالتها ونزولها تحت ولاية الكفار المحاربين للإسلام والمسلمين؛ فهي طواغيت وشرائع مناقضة لشرع الله قائمة على مبادىء الأخوة بينهم بل مستندة إلى علاقة الموالاة والعمالة والخيانة والتبعية التي تجمع الأقزام بأسيادهم..
ولذلك فهذه العهود والمواثيق لا تعني عند المسلم إلا ذلك ولا يجوز له أن ينصاع لها أو يحترمها أو يقر بها مختارا..
إني نبذت إليهم العهد الذي قد أوثقوه خيانة وجفاء
ويدل على ذلك أيضا بوضوح الحديث الذي رواه الامام أحمد والنسائي وأبوداود: " المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ".
فهؤلاء الطواغيت ليسوا من المسلمين كما تقرر؛ لا من خواصهم ولا من أدناهم ولا قلامة ظفر؛ بل هم من جملة من يتولونهم من الكفار الحربيين كما أخبر تعالى في قوله: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)؛ فإنه منهم وليس من المسلمين! وعليه فلا تلزمنا عهودهم ومواثيقهم ولا أمانهم للكفار..
قال ابن قدامة في المغني (8/398) : (ولا يصح أمان كافر وإن كان ذميا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم " فجعل الذمة للمسلمين فلا تحصل لغيرهم، ولأنه متهم على الإسلام وأهله فأشبه الحربي) أهـ.
وتأمل أن هذا في الكافر الذمي غير الحربي فهو في الحربي أولى، وقد علمت أن هؤلاء الطواغيت الحاكمين لبلاد المسلمين كفار محاربون ممتنعون بشوكة عن الشريعة وعن تحكيمها؛ وقد فصلنا هذا الأمر وبيناه زيادة بيان وحشدنا الأدلة عليه في غير هذا الموضع..
وقد قال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (النساء: من الآية141).
فالحاكم الكافر ليس له سبيل على المسلمين والموحدين ولا يجوز أن يعطى الولاية عليهم، وإذا ما تولاها ولاية جبرية لا يصيّر ذلك قراراته وأوامره واتفاقاته ومعاهداته شرعية ملزمة للمسلمين ولا يقول بخلاف ذلك عالم بدين الاسلام..
ومن لوازم الكفر بالطاغوت البراءة من تشريعاته واتفاقاته ومعاهداته.
وليس لكافر ان يلزم المسلمين بعهوده ومواثيقه. ولو كان ذلك لازما للزمت المجاهدين عهود قرضاي مع أوليائه الكفار وللزمت المسلمين في روسيا عهود ومواثيق الشيوعيين مع أعداء المسلمين وللزمت المسلمين عهود ومواثيق ومعاهدات المحتلين من المستعمرين لبلادهم أيام الاستعمار الغربي وكل أحد يعلم أن المجاهدين لم يكونوا يلتزموها كما أن المسلمين اليوم في فلسطين لا تلزمهم عهود اليهود الحاكمين الجبريين لهم. وكذلك الشأن في عهود ومواثيق وقوانين الحكام المرتدين المحاربين للدين التي أقرتها مجالسهم وبرلماناتهم الشركية. فإنها لا تلزم المسلمين الكافرين بهم وببرلماناتهم وقوانينهم الكفرية.
بل إن الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله والذي له الولاية على المسلمين لا يلزم باتفاقاته ومعاهداته من كان ليس تحت ولايته السياسية من المسلمين فكيف بالحكام الكفرة واتفاقاتهم؟
ويدل على هذا دلالة صريحة ما رواه البخاري في كتاب الشروط من صحيحه في باب (الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب)..
ومحل الشاهد منه قصة أبي بصير رضي الله عنه وما فعله لما رده رسول الله صلى الله عليه وسلم مع رسولي قريش للشرط الذي شرطته عليه قريش في صلح الحديبية، فقتل أبو بصير أحد الرجلين ثم أتى سيف البحر فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة، فما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم..
ووجه الدلالة منه أن أبا بصير لم يلتزم بالعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم ولا لزمه أمان النبي لهم ولرسلهم؛ ولو لزمه شيء من ذلك لطالبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم بدية الرجل العامري الذي قتله أبو بصير؛ ولغرمته ما كان يأخذ من تجاراتهم وقوافلهم بعد ذلك؛ ولكنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك لأن أبا بصير لم يكن داخلا تحت ولاية الرسول السياسية حين عقد العهد مع قريش.
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (5/351): (وفي قصة أبي بصير من الفوائد جواز قتل المشرك المعتدي غيلة، ولا يعد ما وقع من أبي بصير غدرا لأنه لم يكن في جملة من دخل في المعاقدة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش؛ لأنه إذ ذاك كان محبوسا بمكة..).
قال: (وفيه أن من فعل مثل فعل أبي بصير لم يكن عليه قود ولا دية..) (واستنبط منه بعض المتأخرين أن بعض ملوك المسلمين مثلا لو هادن بعض ملوك الشرك فغزاهم ملك آخر من المسلمين فقتلهم وغنم أموالهم جاز له ذلك، لأن عهد الذي هادنهم لم يتناول من لم يهادنهم..) أهـ.
وهذا الذي قاله ذكره ابن القيم عن شيخ الاسلام ابن تيمية حيث قال في الفوائد الفقهية لصلح الحديبية في زاد المعاد: (ومنها: أن المعاهدين إذا عاهدوا الإمام فخرجت منهم طائفة فحاربتهم وغنمت أموالهم ولم يتحيزوا إلى الإمام لم يجب على الإمام دفعهم عنهم ومنعهم منهم، وسواءً دخلوا في عقد الإمام وعهده ودينه، أو لم يدخلوا. والعهد الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين لم يكن عهداً بين أبي بصير وأصحابه وبينهم. وعلى هذا فإذا كان بين بعض ملوك المسلمين وبعض أهل الذمة من النصارى وغيرهم عهد جاز لملك آخر من ملوك المسلمين أن يغزوهم ويغنم أموالهم إذا لم يكن بينه وبينهم عهد كما أفتى به شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قدس الله روحه في نصارى ملطية وسبيهم مستدلاً بقصة أبي بصير مع المشركين) أهـ. (3/309)
وقال ابن قدامة في المغني (8/464): (إنما أمناهم ممن هو في دار الإسلام الذين هم في قبضة الإمام فأما من هو في دارهم ومن ليس في قبضته فلا يمنع منه. ولهذا لما قتل أبو بصير الرجل الذي جاء لرده لم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ولم يضمنه، ولما انفرد هو وأبو جندل وأصحابهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فقطعوا الطريق عليهم وقتلوا من قتلوا منهم وأخذوا المال لم ينكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمرهم برد ما أخذوه ولا غرامة ما أتلفوه) أهـ.
فالمسلمون المقيمون تحت ولاية الطواغيت السياسية القهرية ودولهم الكافرة ومن باب أولى المجاهدون المطاردون دوما والمحاربون من قبل الطواغيت وأوليائهم الأمريكان ليس بينهم وبين هؤلاء الطواغيت ولاية بل الحرب قائمة بينهم ومعلنة من قبل الطواغيت عليهم ولذلك فلا تلزمهم عهود هؤلاء الطواغيت ولا مواثيقهم ما دامت ولايتهم كفرية قهرية غير شرعية ولا اختيارية، وماداموا لا يأمنون فيها على أنفسهم وأموالهم ودماءهم ودينهم، فهم أنفسهم غير مؤمّنين من قبل الطواغيت وأوليائهم ومن ثم فكيف يؤمّنون أعداءهم بأمان أعداء لهم؟؛ بل هم عرضة لانتهاك حرمة بيوتهم من قبل الطواغيت وأنصارهم ونهبها وترويع من فيها واعتقالهم وزجهم في السجون أو تلفيق التهم لهم وإعدامهم أو تسليمهم للصليبيين في أي ساعة من ليل أو نهار..
وقوله تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) قول فصل في ذلك..
أما ولايتهم الدينية فمن نواقض الإسلام أن يدخل المسلم مختارا تحت ولاية الكافر الدينية..
قال تعالى: (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ) (آل عمران: من الآية28)
وعليه فمن البديهيات أن كل من أعلن براءته من سلطة الطواغيت وولايتهم السياسية والدينية وعاداهم فصار في عدوة غير عدوتهم وشاقهم فصار في شق غير شقهم؛ أن يكون بريئا من مواثيقهم وعهودهم وقوانينهم كحال المجاهدين الكافرين بالطاغوت في كل مكان الذين برؤوا من الطواغيت وبريء الطواغيت منهم وأعلنوا الحرب عليهم وظاهروا الكفار عليهم وعلى كل موحد سلك طريق الجهاد،الذي سموه بالإرهاب تبعا لتسمية إخوانهم الذين كفروا من اليهود والنصارى..
رد: براءة الموحدين من عهود الطواغيت وأمانهم للمحاربين
ومن ثم فقد ظهر وبوضوح أن من التخبط الواضح والتلبيس البين والجهل المفضوح دعوى أن الصليبيين الأمريكان معاهدين وأن ما يقوم به المجاهدون من جهادهم وحلفائهم غدر وخيانة للعهود؛ وأن حشد وحشر أحاديث الوعيد على من قتل معاهدا لمنع جهادهم أولتحريم التصدي لهم في أي بقعة من بقاع الأرض كما يفعل رهبان السلاطين هو في الحقيقة من الكذب على دين الله والتلبيس على عباد الله..
ولا مانع زيادة في تبصير المسلمين التعريف في هذا المقام بدار الحرب وحقية الدولة المحاربة والتفريق بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب وما هو تصنيف أمريكا في ذلك كله..
فاعلم أن دار الحرب أو الدولة الحربية: هي كل دار كفر ليس بينها وبين الدولة الإسلامية عهد أو ذمة أو أمان. وتنبه لقولنا " الإسلامية " لا المنتسبة للإسلام زورا؛ فإن فساد الفروع نتيجة حتمية لفساد الأصول.
هذا هو تعريف دار الحرب والدولة المحاربة، فلا يلزم أن تكون الدولة الكافرة مباشرة لقتال المسلمين أو مظاهرة لعدوهم عليهم حتى تكون دار حرب أو دولة محاربة؛ فكيف إذا كانت بالفعل كذلك كما هو حال أمريكا اليوم؟
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) (الممتحنة: من الأية 1). وقال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة: 9).
وكل من له معرفة بدين الله وشيء من واقع أمريكا وسياساتها ودعمها لإسرائيل ومظاهرتها لليهود على المسلمين، ومظاهرتها لطواغيت العرب وغيرهم على المجاهدين بالخطف والقتل والتسليم، وعداوتها وحربها للإسلام والمسلمين وسجنها لعلماء المسلمين والمجاهدين، وتأييد الأغليبية الساحقة من شعبها لهذه السياسات؛ بحيث لا يعاد انتخاب الرئيس إلا بظهور ووضوح عدائه للمسلمين وحربه لهم؛ يعلم علم اليقين أنها دولة حرب فعلية وأن شعبها شعب محارب..
فكيف وقد أعلنها عدو الله " بوش " على العالم كله فصرح بأن ما يخوضه اليوم ضد المسلمين في أفغانستان بل وضد المجاهدين في العالم كله بمظاهرة ومؤازرة أذنابه من طواغيت الأرض؛ هي حرب صليبية صريحة! وطرب لذلك شعبه وارتفعت شعبيته عندهم كما ذكرت ذلك صحافتهم؛ أنظر على سبيل المثال صحيفة (النيوزوييك العدد 68 بتاريخ 25سبتمبر2001م) وغيرها من صحافتهم..
وصرحوا قبل بدء حملتهم بأن من أهم غايات حربهم في أفغانستان: القضاء على المجاهدين الذين يسمونهم بالإرهابيين وتغيير نظام الطالبان، وإحلال حكومة أخرى مكانه؛ مكونه من تحالف مقبول لدى الكفار؛ سواء كان بزعامة الملك المخلوع أو بزعامة غيره؛ المهم عندهم تقويض الحكم الإسلامي والتمكين لنظام علماني بدلا منه موال لهم ولغيرهم من الصليبيين والكفار. وهذا ما حققوه بالفعل فجاؤوا بقرضاي الأمريكي قلبا وقالبا بعد أن أمطروا أفغانستان بأكثر من 72 ألف قنبلة و صاروخ، و قتلوا 25 ألف أفغانى من جراء هذه الحرب الأمريكية! ثم يقول السفهاء من رهبان السلاطين: الأمريكان معاهدون! ويتوعدون الشباب المجاهد بأن من قتل معاهدا لم يجد رائحة الجنة!!
فتبا لهاتيك العقول فإنها والله قد مسخت على الأبدان
القوات الأمريكية تتواجد في بلادنا كقوات محتلة وليست كأفراد دخلوا بلادنا بأمان؛ فالذي يدخل بلاد المسلمين بعهد أو أمان يجب عليه أن يحترم أحكامهم وينزل تحت حكمهم ولا يطعن في دينهم؛ والأمريكان يطعنون في ديننا ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ليل نهار.
وقد قال تعالى في المعاهدين: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (التوبة:12)
هذا في المعاهدين فكيف بغيرهم من المحاربين؟
وقال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: 4)، فتأمل قوله تعالى: (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا ولم يُظاهروا عليكم أحداً).
وقد ذكر العلماء أن المظاهرة المبطلة للعهد تتحقق إن صدرت من المعاهدين لمن يحارب المسلمين ولو بالمشورة والنصيحة؛ فكيف إذا صارت حربا معلنة على كافة الأصعدة وبجميع الأساليب والأسلحة؟
(ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا ولم يُظاهروا عليكم أحداً).
هذه شروط لم يلتفت إليها ولم يذكرها ويعتبرها رهبان السلاطين القائلين بأن بيننا وبين الأمريكان عهود ومواثيق وكأن تلك العهود المزعومة أبدية لا تنفصم ولا تنتقض بحال من الأحوال! حتى لو طعنوا في ديننا وظاهروا اليهود أو غيرهم على حربنا وحرب ديننا بالمال و العتاد وحتى لو احتلوا بلادنا وصاروا ولاة أمرنا!
قال ابن العربي في أحكام القرآن في كلامه على قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ): (أمر بالوفاء لمن بقي على عهده إلى مدته) أهـ. (2/888 ).
وهذا في المعاهدين الشرعيين. فكيف إذا كان العهد ليس شرعيا ولم يصدر عن حاكم شرعي؟
عساكر الأمريكان في بلاد المسلمين لا يأتمرون إلا بأوامر قيادتهم ويتصرفون كمحتلين وكأسياد متحكمين؛ - لا كما يدعي المنبطحون المنهزمون - كضيوف مأمنين، وليس أدل على هذا مما نشرته جريدة الرأي العام الكويتية بعد الحادث مباشرة في تاريخ 11/10/2002م حيث جاء فيها ما نصه: (الحادث حصل في الحادية عشرة والنصف صباحاً، لكن الأميركيين لم يسمحوا لقوات الأمن الكويتية أو حتى للمسؤولين الأمنيين في سفارة الولايات المتحدة أو للمسؤولين في قاعدة الدوحة الأميركية بالوصول إلى الموقع والمشاركة في التحقيق قبل الثالثة والنصف من بعد الظهر, وكانت إجابات المسؤولين الأميركيين في الجزيرة أنهم يتلقون أوامرهم من قيادتهم في البحرين وليست من أي جهة أخرى! بل وصل الأمر بهؤلاء إلى تهديد مجموعة عسكرية كويتية أرادت المساعدة والمشاركة بعد الحادث بفتح النار عليها إن لم تبتعد) أهـ!
هؤلاء المساكين! عند رهبان السوء معاهدون مستأمنون ومن قتل منهم علجا لم يرح رائحة الجنة!
يا قوم القوات الأمريكية تنتشر وتتخذ قواعد لها في كل مكان من أراضي وبلاد المسلمين رغما عن إرادة الحكومات المرتدة والمنبطحة للأمريكان واليهود في بلاد المسلمين. ينتشرون فى دول الخليج كافة وفي الجزيرة العربية و في الأردن والبحرين الأحمر و المتوسط والمحيط الهادي وفي شمال العراق وفي تركيا و أفغانستان و أواسط آسيا و الفلبين و قبالة سواحل اليمن و الصومال. ودولتهم تساند اليهود وتناصرهم وتظاهرهم بصراحة وعلانية وبكل ما أوتيت من قوة بالفيتو والسلاح والمال والعتاد وتعلن على مسامع العالم كله أن القدس عاصمة إسرائيل، وتتخطف المجاهدين في كل بقاع الأرض وتخصص لسجنهم وتعذيبهم جزيرة في جوانتنامو، وتشارك بمباحثها الفيدرالية ومخابراتها المركزية في التحقيق معهم حتى في بلادهم، وتحشد حشودها ليل نهار لغزو العراق وتدمير شعبه! ثم يقول المنهزمون ورهبانهم: انها ليست حربا ضد الاسلام! والأمريكان جاؤوا لحمايتنا وهم في ضيافتنا وهم أهل عهد وأمان، ومن قتل جنديا أمريكيا لم يجد رائحة الجنة!!
لقد صرح " بوش " علانية أمام العالم أجمع إنها حرب صليبية.
وقال في خطابه عن حال الإتحاد في 29/1/2002م والمنشوره ترجمته في صحيفة الخليج في عددها 8300 بتاريخ 25ذي القعدة 1422هـ الموافق 8 فبراير 2002م: بعد أن بشر الجمع باندحار الطالبان في أفغانستان وتحرر الأفغانيات - كما ادعى - من براقعهن؛ قال: (إن أمامنا طريقا طويلا ينبغي أن نسيره في العديد من الدول العربية والإسلامية ولن نتوقف إلى أن يصبح كل عربي ومسلم مجردا من السلاح! وحليق الوجه! وغير متدين! ومسالما ومحبا لأمريكا! ولا يغطي وجه امرأته نقاب! وإنني مصمم على استخدام جميع مواردنا لتحقيق ذلك قبل انتخابي لفترة رئاسية ثانية) أهـ.
كما أعلنت " كوندوليزا رايس " مستشارة الأمن القومى أن واشنطن تريد ان " تكون قوة محررة تكرس نفسها لتحرير العالم الاسلامى ".
فالمعركة في حقيقتها معركة بين الإسلام والكفر وحرب على كل مجاهد يسعى لإعزاز أمته ودينه..
ومع هذا يقول من هم كسائمة الأنعام أو أضل: الأمريكان معاهدون ومن قتل أمريكيا لم يجد رائحة الجنة!! فسحقا سحقا.
هذا كله نذكره زيادة في التدليل على حربهم للإسلام والمسلمين، ولتعريف السذج من الناس بشناعة فتاوى وبيانات المنهزمين ورهبان السلاطين؛ وإلا فلسنا مضطرين له ويكفينا شرعا كما تقدم أن كل دولة ليس بينها وبين المسلمين عهد أو ذمة؛ فإنها يشملها وصف مسمى دار الحرب أو الدولة المحاربة كما هو في تعريف الراسخين في العلم؛ فكيف إذا ما انضاف إلى ذلك ما ذكرناه وغيره مما لا تتسع له هذه الورقات؟
وأرى أن من الضرورة أن أنبه كل مسلم ومجاهد في خاتمة كلامي هذا إلى أمرين هامين يفتحان له آفاقا عديدة وفسيحة في جهاد أعداء الله:
الأول: أن ساحة الجهاد والقتال مع العدو المحارب ليست مقصورة على بقعة الأرض التي غزاها أو احتلها من بلاد المسلمين؛ بل المحارب يحارب ويهدر دمه وماله في كل بقاع الأرض وحيثما وجد..
قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (البقرة: من الآية191)، وقال تعالى: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: من الآية 5)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:123)، وقال عز وجل: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية 36)
والأمر الثاني: أن حليف الحربي يعامل معاملته..
ومن حجر الجهاد على بقعة معينة محتلة أو حصرها على جنسية محاربة محددة واستثنى غيرهم من المحاربين أو المظاهرين لهم؛ فقد حجّر واسعا ولم يفقه شريعة الجهاد التي جاءنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا عرف سيرته صلى الله عليه وسلم وصحابته مع الحربيين وحلفائهم..
وكتب الفقه قد فصلت هذا الأمر وبينته بجلاء وهو أمر معروف معلوم في دين المسلمين، بل وفي عرف الكفار؛ فالطالبان لم يغزوا أمريكا ومع هذا فقد أصرت أمريكا على حربهم وتقويض نظامهم وابداله بنظام موال لها ونتج عن ذلك قتل ألوف المسلمين المدنيين هناك من أطفال ونساء وشيوخ وغيرهم؛ بدعوى إيواء الطالبان ودعمهم لمن يسمونهم بالإرهابيين من المجاهدين المسلمين!
بل قد تعدوا ذلك فأعلن عدو الله " بوش " أن المسألة في هذه الحرب لا تحتمل التمييع؛ فمن لم يكن مع أمريكا وحربها فهو إذن مع الإرهاب! فما كان من حكام الردة جميعا في بلادنا إلا إعلان وقوفهم في صف أمريكا والانبطاح والتسليم لها ولسياساتها وإعلان الحرب على كل ما يمت إلى الجهاد والمجاهدين بصلة ولو في الخيال..
فالأمر واضح بيّن؛ حتى عند أعدائنا أنفسهم ولكن دين المنهزمين من علماء الفتنة يأبى إلا الإخلاد إلى الأرض والإنهزام، وشجب وإدانة كل طريق مؤد إلى عزة الأمة ورفعة دينها؛ هذا مع أن الأدلة الدالة على أن للحليف حكم حليفه، وأن ساحة القتال مع المحاربين غير محصورة في البقعة التي احتلوها كثيرة، ولا يسعها هذا المحل. وقد استوفيت الكلام على هاتين المسألتين ومسألة عهود الطواغيت وعدم لزومها للمسلمين وفصلته في رسالتي (الرمحية).
وأكتفي هنا بحديثين منها:
الأول: عن عمران بن حصين قال: كانت ثقيف حلفاء لبنى عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال: يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ فقال بم أخذتني وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال إعظاما لذلك: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف عنه، فناداه فقال يا محمد يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا، فرجع إليه فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم، قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح… ففدي بالرجلين... الحديث، رواه مسلم
وفيه أن حليف المحارب له حكم المحارب، وفيه أن المحارب وحلفاؤه يؤخذون ويجاهدون في أي مكان، وفيه أن الكافر المحارب أو حليفه لو ادعى الإسلام بعد القدرة عليه لا يغير ذلك من أمره شيئا؛ بخلاف ما لو أسلم واجتنب نواقض الدين قبل القدرة عليه..
أما الحديث الثاني: فرواه أيضا مسلم في خبر غزوة ذي قرد عن إياس بن سلمة عن أبيه ومحل الشاهد منه: ... فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها قال فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي يا للمهاجرين قتل ابن زنيم قال فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي قال ثم قلت والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه قال ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله؛ "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم..." الآية..).
وفيه أن المحاربين إذا نقض بعضهم العهد أخذوا بذلك جميعا حيث ثقفوا وأينما وجدوا في بلادنا أم في بلادهم وفي ساحات الحرب أم في غيرها..
فقول من قال: (وكم كنا نتمنى أن تكون الشهادة الصحيحة لهذين الشابين على أرض أفغانستان أو في سراييفو، حيث لا شبهة في وصف الشهادة)؛ قول سخيف يريد به أن يبعد الجهاد وآثاره الحميدة عندنا البغيضة عندهم؛ عن بلده ومصالحة ودنياه، ولا يقول بتحديد ساحة المعركة مع الحربيين والمحتلين لبلادنا في بقعة معينة دون غيرها عالم بدين الإسلام عارف بأحكام الجهاد؛ بل الحق جواز بل وجوب قتال اليهود والأمريكان المحاربين وأحلافهم في كل بقاع الأرض حتى لو كانوا في حرم الله لأن جهادهم جهاد دفع ولأنهم محاربون معتدون محتلون لبلاد المسلمين..
يقول تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (البقرة: من الآية191)، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:123)، ويقول عز وجل: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية36)، ويقول تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة:14).
أسأل الله تعالى أن ينصر عباده الموحدين ويمكن لجنده المجاهدين ويدحرأعداءه المشركين والمرتدين..
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[أبو محمد المقدسي / شعبان 1423هـ]
ولا مانع زيادة في تبصير المسلمين التعريف في هذا المقام بدار الحرب وحقية الدولة المحاربة والتفريق بين الكافر المحارب والكافر غير المحارب وما هو تصنيف أمريكا في ذلك كله..
فاعلم أن دار الحرب أو الدولة الحربية: هي كل دار كفر ليس بينها وبين الدولة الإسلامية عهد أو ذمة أو أمان. وتنبه لقولنا " الإسلامية " لا المنتسبة للإسلام زورا؛ فإن فساد الفروع نتيجة حتمية لفساد الأصول.
هذا هو تعريف دار الحرب والدولة المحاربة، فلا يلزم أن تكون الدولة الكافرة مباشرة لقتال المسلمين أو مظاهرة لعدوهم عليهم حتى تكون دار حرب أو دولة محاربة؛ فكيف إذا كانت بالفعل كذلك كما هو حال أمريكا اليوم؟
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) (الممتحنة: من الأية 1). وقال تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (الممتحنة: 9).
وكل من له معرفة بدين الله وشيء من واقع أمريكا وسياساتها ودعمها لإسرائيل ومظاهرتها لليهود على المسلمين، ومظاهرتها لطواغيت العرب وغيرهم على المجاهدين بالخطف والقتل والتسليم، وعداوتها وحربها للإسلام والمسلمين وسجنها لعلماء المسلمين والمجاهدين، وتأييد الأغليبية الساحقة من شعبها لهذه السياسات؛ بحيث لا يعاد انتخاب الرئيس إلا بظهور ووضوح عدائه للمسلمين وحربه لهم؛ يعلم علم اليقين أنها دولة حرب فعلية وأن شعبها شعب محارب..
فكيف وقد أعلنها عدو الله " بوش " على العالم كله فصرح بأن ما يخوضه اليوم ضد المسلمين في أفغانستان بل وضد المجاهدين في العالم كله بمظاهرة ومؤازرة أذنابه من طواغيت الأرض؛ هي حرب صليبية صريحة! وطرب لذلك شعبه وارتفعت شعبيته عندهم كما ذكرت ذلك صحافتهم؛ أنظر على سبيل المثال صحيفة (النيوزوييك العدد 68 بتاريخ 25سبتمبر2001م) وغيرها من صحافتهم..
وصرحوا قبل بدء حملتهم بأن من أهم غايات حربهم في أفغانستان: القضاء على المجاهدين الذين يسمونهم بالإرهابيين وتغيير نظام الطالبان، وإحلال حكومة أخرى مكانه؛ مكونه من تحالف مقبول لدى الكفار؛ سواء كان بزعامة الملك المخلوع أو بزعامة غيره؛ المهم عندهم تقويض الحكم الإسلامي والتمكين لنظام علماني بدلا منه موال لهم ولغيرهم من الصليبيين والكفار. وهذا ما حققوه بالفعل فجاؤوا بقرضاي الأمريكي قلبا وقالبا بعد أن أمطروا أفغانستان بأكثر من 72 ألف قنبلة و صاروخ، و قتلوا 25 ألف أفغانى من جراء هذه الحرب الأمريكية! ثم يقول السفهاء من رهبان السلاطين: الأمريكان معاهدون! ويتوعدون الشباب المجاهد بأن من قتل معاهدا لم يجد رائحة الجنة!!
فتبا لهاتيك العقول فإنها والله قد مسخت على الأبدان
القوات الأمريكية تتواجد في بلادنا كقوات محتلة وليست كأفراد دخلوا بلادنا بأمان؛ فالذي يدخل بلاد المسلمين بعهد أو أمان يجب عليه أن يحترم أحكامهم وينزل تحت حكمهم ولا يطعن في دينهم؛ والأمريكان يطعنون في ديننا ورسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ليل نهار.
وقد قال تعالى في المعاهدين: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ) (التوبة:12)
هذا في المعاهدين فكيف بغيرهم من المحاربين؟
وقال تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: 4)، فتأمل قوله تعالى: (ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا ولم يُظاهروا عليكم أحداً).
وقد ذكر العلماء أن المظاهرة المبطلة للعهد تتحقق إن صدرت من المعاهدين لمن يحارب المسلمين ولو بالمشورة والنصيحة؛ فكيف إذا صارت حربا معلنة على كافة الأصعدة وبجميع الأساليب والأسلحة؟
(ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا ولم يُظاهروا عليكم أحداً).
هذه شروط لم يلتفت إليها ولم يذكرها ويعتبرها رهبان السلاطين القائلين بأن بيننا وبين الأمريكان عهود ومواثيق وكأن تلك العهود المزعومة أبدية لا تنفصم ولا تنتقض بحال من الأحوال! حتى لو طعنوا في ديننا وظاهروا اليهود أو غيرهم على حربنا وحرب ديننا بالمال و العتاد وحتى لو احتلوا بلادنا وصاروا ولاة أمرنا!
قال ابن العربي في أحكام القرآن في كلامه على قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ): (أمر بالوفاء لمن بقي على عهده إلى مدته) أهـ. (2/888 ).
وهذا في المعاهدين الشرعيين. فكيف إذا كان العهد ليس شرعيا ولم يصدر عن حاكم شرعي؟
عساكر الأمريكان في بلاد المسلمين لا يأتمرون إلا بأوامر قيادتهم ويتصرفون كمحتلين وكأسياد متحكمين؛ - لا كما يدعي المنبطحون المنهزمون - كضيوف مأمنين، وليس أدل على هذا مما نشرته جريدة الرأي العام الكويتية بعد الحادث مباشرة في تاريخ 11/10/2002م حيث جاء فيها ما نصه: (الحادث حصل في الحادية عشرة والنصف صباحاً، لكن الأميركيين لم يسمحوا لقوات الأمن الكويتية أو حتى للمسؤولين الأمنيين في سفارة الولايات المتحدة أو للمسؤولين في قاعدة الدوحة الأميركية بالوصول إلى الموقع والمشاركة في التحقيق قبل الثالثة والنصف من بعد الظهر, وكانت إجابات المسؤولين الأميركيين في الجزيرة أنهم يتلقون أوامرهم من قيادتهم في البحرين وليست من أي جهة أخرى! بل وصل الأمر بهؤلاء إلى تهديد مجموعة عسكرية كويتية أرادت المساعدة والمشاركة بعد الحادث بفتح النار عليها إن لم تبتعد) أهـ!
هؤلاء المساكين! عند رهبان السوء معاهدون مستأمنون ومن قتل منهم علجا لم يرح رائحة الجنة!
يا قوم القوات الأمريكية تنتشر وتتخذ قواعد لها في كل مكان من أراضي وبلاد المسلمين رغما عن إرادة الحكومات المرتدة والمنبطحة للأمريكان واليهود في بلاد المسلمين. ينتشرون فى دول الخليج كافة وفي الجزيرة العربية و في الأردن والبحرين الأحمر و المتوسط والمحيط الهادي وفي شمال العراق وفي تركيا و أفغانستان و أواسط آسيا و الفلبين و قبالة سواحل اليمن و الصومال. ودولتهم تساند اليهود وتناصرهم وتظاهرهم بصراحة وعلانية وبكل ما أوتيت من قوة بالفيتو والسلاح والمال والعتاد وتعلن على مسامع العالم كله أن القدس عاصمة إسرائيل، وتتخطف المجاهدين في كل بقاع الأرض وتخصص لسجنهم وتعذيبهم جزيرة في جوانتنامو، وتشارك بمباحثها الفيدرالية ومخابراتها المركزية في التحقيق معهم حتى في بلادهم، وتحشد حشودها ليل نهار لغزو العراق وتدمير شعبه! ثم يقول المنهزمون ورهبانهم: انها ليست حربا ضد الاسلام! والأمريكان جاؤوا لحمايتنا وهم في ضيافتنا وهم أهل عهد وأمان، ومن قتل جنديا أمريكيا لم يجد رائحة الجنة!!
لقد صرح " بوش " علانية أمام العالم أجمع إنها حرب صليبية.
وقال في خطابه عن حال الإتحاد في 29/1/2002م والمنشوره ترجمته في صحيفة الخليج في عددها 8300 بتاريخ 25ذي القعدة 1422هـ الموافق 8 فبراير 2002م: بعد أن بشر الجمع باندحار الطالبان في أفغانستان وتحرر الأفغانيات - كما ادعى - من براقعهن؛ قال: (إن أمامنا طريقا طويلا ينبغي أن نسيره في العديد من الدول العربية والإسلامية ولن نتوقف إلى أن يصبح كل عربي ومسلم مجردا من السلاح! وحليق الوجه! وغير متدين! ومسالما ومحبا لأمريكا! ولا يغطي وجه امرأته نقاب! وإنني مصمم على استخدام جميع مواردنا لتحقيق ذلك قبل انتخابي لفترة رئاسية ثانية) أهـ.
كما أعلنت " كوندوليزا رايس " مستشارة الأمن القومى أن واشنطن تريد ان " تكون قوة محررة تكرس نفسها لتحرير العالم الاسلامى ".
فالمعركة في حقيقتها معركة بين الإسلام والكفر وحرب على كل مجاهد يسعى لإعزاز أمته ودينه..
ومع هذا يقول من هم كسائمة الأنعام أو أضل: الأمريكان معاهدون ومن قتل أمريكيا لم يجد رائحة الجنة!! فسحقا سحقا.
هذا كله نذكره زيادة في التدليل على حربهم للإسلام والمسلمين، ولتعريف السذج من الناس بشناعة فتاوى وبيانات المنهزمين ورهبان السلاطين؛ وإلا فلسنا مضطرين له ويكفينا شرعا كما تقدم أن كل دولة ليس بينها وبين المسلمين عهد أو ذمة؛ فإنها يشملها وصف مسمى دار الحرب أو الدولة المحاربة كما هو في تعريف الراسخين في العلم؛ فكيف إذا ما انضاف إلى ذلك ما ذكرناه وغيره مما لا تتسع له هذه الورقات؟
وأرى أن من الضرورة أن أنبه كل مسلم ومجاهد في خاتمة كلامي هذا إلى أمرين هامين يفتحان له آفاقا عديدة وفسيحة في جهاد أعداء الله:
الأول: أن ساحة الجهاد والقتال مع العدو المحارب ليست مقصورة على بقعة الأرض التي غزاها أو احتلها من بلاد المسلمين؛ بل المحارب يحارب ويهدر دمه وماله في كل بقاع الأرض وحيثما وجد..
قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (البقرة: من الآية191)، وقال تعالى: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: من الآية 5)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:123)، وقال عز وجل: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية 36)
والأمر الثاني: أن حليف الحربي يعامل معاملته..
ومن حجر الجهاد على بقعة معينة محتلة أو حصرها على جنسية محاربة محددة واستثنى غيرهم من المحاربين أو المظاهرين لهم؛ فقد حجّر واسعا ولم يفقه شريعة الجهاد التي جاءنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا عرف سيرته صلى الله عليه وسلم وصحابته مع الحربيين وحلفائهم..
وكتب الفقه قد فصلت هذا الأمر وبينته بجلاء وهو أمر معروف معلوم في دين المسلمين، بل وفي عرف الكفار؛ فالطالبان لم يغزوا أمريكا ومع هذا فقد أصرت أمريكا على حربهم وتقويض نظامهم وابداله بنظام موال لها ونتج عن ذلك قتل ألوف المسلمين المدنيين هناك من أطفال ونساء وشيوخ وغيرهم؛ بدعوى إيواء الطالبان ودعمهم لمن يسمونهم بالإرهابيين من المجاهدين المسلمين!
بل قد تعدوا ذلك فأعلن عدو الله " بوش " أن المسألة في هذه الحرب لا تحتمل التمييع؛ فمن لم يكن مع أمريكا وحربها فهو إذن مع الإرهاب! فما كان من حكام الردة جميعا في بلادنا إلا إعلان وقوفهم في صف أمريكا والانبطاح والتسليم لها ولسياساتها وإعلان الحرب على كل ما يمت إلى الجهاد والمجاهدين بصلة ولو في الخيال..
فالأمر واضح بيّن؛ حتى عند أعدائنا أنفسهم ولكن دين المنهزمين من علماء الفتنة يأبى إلا الإخلاد إلى الأرض والإنهزام، وشجب وإدانة كل طريق مؤد إلى عزة الأمة ورفعة دينها؛ هذا مع أن الأدلة الدالة على أن للحليف حكم حليفه، وأن ساحة القتال مع المحاربين غير محصورة في البقعة التي احتلوها كثيرة، ولا يسعها هذا المحل. وقد استوفيت الكلام على هاتين المسألتين ومسألة عهود الطواغيت وعدم لزومها للمسلمين وفصلته في رسالتي (الرمحية).
وأكتفي هنا بحديثين منها:
الأول: عن عمران بن حصين قال: كانت ثقيف حلفاء لبنى عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق، قال: يا محمد، فأتاه فقال: ما شأنك؟ فقال بم أخذتني وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال إعظاما لذلك: أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف عنه، فناداه فقال يا محمد يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا، فرجع إليه فقال: ما شأنك؟ قال: إني مسلم، قال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح… ففدي بالرجلين... الحديث، رواه مسلم
وفيه أن حليف المحارب له حكم المحارب، وفيه أن المحارب وحلفاؤه يؤخذون ويجاهدون في أي مكان، وفيه أن الكافر المحارب أو حليفه لو ادعى الإسلام بعد القدرة عليه لا يغير ذلك من أمره شيئا؛ بخلاف ما لو أسلم واجتنب نواقض الدين قبل القدرة عليه..
أما الحديث الثاني: فرواه أيضا مسلم في خبر غزوة ذي قرد عن إياس بن سلمة عن أبيه ومحل الشاهد منه: ... فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها قال فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبغضتهم فتحولت إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي يا للمهاجرين قتل ابن زنيم قال فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي قال ثم قلت والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه قال ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله؛ "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم..." الآية..).
وفيه أن المحاربين إذا نقض بعضهم العهد أخذوا بذلك جميعا حيث ثقفوا وأينما وجدوا في بلادنا أم في بلادهم وفي ساحات الحرب أم في غيرها..
فقول من قال: (وكم كنا نتمنى أن تكون الشهادة الصحيحة لهذين الشابين على أرض أفغانستان أو في سراييفو، حيث لا شبهة في وصف الشهادة)؛ قول سخيف يريد به أن يبعد الجهاد وآثاره الحميدة عندنا البغيضة عندهم؛ عن بلده ومصالحة ودنياه، ولا يقول بتحديد ساحة المعركة مع الحربيين والمحتلين لبلادنا في بقعة معينة دون غيرها عالم بدين الإسلام عارف بأحكام الجهاد؛ بل الحق جواز بل وجوب قتال اليهود والأمريكان المحاربين وأحلافهم في كل بقاع الأرض حتى لو كانوا في حرم الله لأن جهادهم جهاد دفع ولأنهم محاربون معتدون محتلون لبلاد المسلمين..
يقول تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) (البقرة: من الآية191)، ويقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:123)، ويقول عز وجل: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (التوبة: من الآية36)، ويقول تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (التوبة:14).
أسأل الله تعالى أن ينصر عباده الموحدين ويمكن لجنده المجاهدين ويدحرأعداءه المشركين والمرتدين..
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وحسبنا الله ونعم الوكيل
[أبو محمد المقدسي / شعبان 1423هـ]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى