المنهزمون
صفحة 1 من اصل 1
المنهزمون
[الكاتب: أبو محمد المقدسي]
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
أن تخرج علينا الجهات الأمنية في مصر تارة وفي المغرب وفي الأردن واليمن والكويت وغيرها في كل آونة بتنظيمات من نسج خيالهم أو مبالغ فيها يتم إلقاء القبض على أفرادها بين الآونة والأخرى تحت مسميات تنظيم القاعدة الكويتي أو الأردني أو اليمني أو الأفغان العرب أو غير ذلك من المسميات فهذا أمر نفهم جيدا دوافعه الانهزامية والإنبطاحية الإرتمائية تحت أقدام أسياد هذه الأنظمة من الأمريكان ؛ فهذه الأنظمة تعيش وتقتات على زبالة موائد أمريكا وتحرص في كل مناسبة على خطب ودها ورضاها ولو كان الثمن هو بذل ما تبقى من ماء وجوههم ، وسحق وقتل وسجن خيرة أبنائنا تحت تهم ومسميات يخترعها جلادوها بين الآونة والأخرى يسترضون بها أسيادهم..
لكن الأمر الذي لم أكن أقدر على فهمه واستيعابه قديما هذا الانبطاح السافر والاندحار الباهر والانهزام الظاهر الذي يعاني منه كثير من المنتسبين للدعوة والعلم في بلادنا !!
إن ما يقوم به إخواننا المجاهدون من الأعمال الجهادية الماحقة الفاضحة لكثير ممن امضوا عقودا يسعون في تدجين شباب الإسلام وتخنيث دينهم ؛ يتعرض اليوم من هؤلاء المنهزمين لحملة شرسة شعواء لتشويهه وإلغاء شرعيته وجعله منكرا من الفعل وزورا ..
إن هؤلاء المنهزمين الذين اعتلوا منابر الإعلام والدعوة والخطابة والتدريس يشنون غاراتهم التخذيلية والتشويهية بعد كل عملية جهادية على المجاهدين ويشنعون باسم التعقل والحكمة على الشباب المسلم الذي تذوّق طعم العزة في الجهاد والاستشهاد بعد عقود من الذلة في القعود.. فتارة يشهرون عليهم سيف أهل السنة والجماعة على أهل البدع من الخوارج الخارجين على ولاة الأمر !! وتارة يلوحون لهم بدرة عمر على أهل الغلو !! فإن لم يفلحوا بهذا ولا ذاك استعانوا عليهم بولاة أمورهم ودعوا إلى محاكمتهم وتوقيفهم عند حدودهم !! فهم عندهم مشوهون للإسلام مدمرون لآمال الأمة ومنجزاتها !! إنهم يمارسون أبشع صور الإرهاب الفكري ؛ بل يمارسون ما كان يقتات عليه الرهبان في العصور الوسطى من صكوك الغفران ؛ فيوزعون استمارات السلفية والعقلانية والنضوج ووو على كل من سار في ركاب دعوتهم الانهزامية ..
ويسلبونها من كل مجاهد ويدمغونه بالجمود والانغلاق والمثالية والتعجل والفوضى ونحو ذلك من قاموس إرهاب المنهزمين ..
عندما كنا شباباً أغرارا كان لي شيخ أعجبت به إعجابا شديدا وكانت له ملاحظات وانتقادات كثيرة على منهج الإخوان .. سألته يوما عن القائد المجاهد مروان حديد رحمه الله ؛ فأخذ في مدحه والثناء عليه وقص لي صورا من جهاده وصموده في وجه النصيرين في الشام وعن ثباته في الاعتقال رغم التعذيب الشديد الذي تعرض له .. فسألته هل كان من الإخوان ؟ فقال بلهجة انتقادية : كان ؛ ثم فُصِل وصار يُحَذَّر منه بحجة أنه فوضوي !! وسيدمر منجزات الدعوة أو شيئا نحو ذلك !!
فقلت : وماذا يعنون بذلك ؟
فقال منتقدا : يعنون أنه يحب الجهاد ويتحمس له ويشجع الشباب عليه !!
ثم دارت بنا السنون وفرقت بيننا الأيام ، ففوجئت وفجعت بشيخي العزيز بعد انتشار قاعدة جماعته وتوسعها وازدياد أثـقالها وتملكها للمؤسـسات والمجلات يردد ويصف المجاهدين اليوم بما كان ينتقد على الإخوان وصفهم به بالأمس !!
رويدا أيها الشيخ الجليل لقد كنت معجبا بك أيما إعجاب ؛ فحطمت آمالي وقوضت إعجابي !!
جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك..)
وإننا لنعاين ونرى حقيقة فترة كثير من المشايخ والجماعات والتيارات اليوم ؛ إخلادا إلى الأرض ونكوصا عن المنهج وارتدادا عن الثوابت والأصول تحت غطاء التجديد والمراجعة والإصلاح والانفتاح .!! ربما بسبب ضغط الواقع المعاصر وإعلامه وضجيجه ، وربما بسبب العجز عن متابعة الطريق ..
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
* * *
كثير من الجماعات الإسلامية ورؤوس الصحوة - كما يسمونهم - قد مارسوا دورا في خداع الشباب حين كانوا يجمعونهم حولهم أو يسعون في تنظيمهم في جماعاتهم من خلال إلهاب مشاعرهم بخطبهم الرنانة حول الجهاد وكتاباتهم الطنانة المملوءة بالحماس الأجوف !! فلما كثر الأتباع وقال لهم الشباب هيا إلى العزة التي جمعتمونا من أجلها ، حي على الجهاد الذي حببتمونا به ؛ تورط أولئك المشايخ واضطرت طائفة منهم تحت ضغط الشباب وحماسه إما إلى توجيههم للجهاد بعيدا عن الأوطان ؛ لا حرج في الشيشان أو في أفغانستان أو في البوسنة أو في أي مكان ؛ المهم أن ينأى الشباب بجهاده عن الوطن حيث استقرار أولئك المشايخ ومصالحهم ومصالح دعواتهم المزعومة .. فلما ذهب الشباب إلى تلكم الجبهات القتالية وذاقوا طعم العزة في الجهاد وزالت عن أعينهم الغشاوات التي ساهم في تكثيفها دعاة الفتنة وعلماء الضلالة في بلادنا ؛ رجعوا إلى بلادهم بغير الوجه الذي ذهبوا به ، وأمسوا يواجهون شيوخهم بتساؤلات ضاق بها الشيوخ ذرعا ..
لماذا جهاد الروس مشروع وجهاد الأمريكان غدر ونقض للعهود ؟
لماذا الجهاد في الشيشان وأفغانستان مستحب والجهاد في عربستان مبغوض ومنبوذ يحذر منه ومن أهله ؟؟
لماذا لماذا ولماذا ؟؟؟
أسئلة لم يستطع أن يجيب عليها أولئك الشيوخ بأجوبة مقنعه ..
أليس منكم يا مشايخ الصحوة من درّسنا ردة الحكام الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله .. وأصّلتم لنا ذلك تأصيلا شرعيا ..؟؟
فلما طالبناكم بالعلاج الشرعي الناجع لذلك والذي أمر به المصطفى إذا ما رأينا من الولاة الكفر البواح ؛ وقفتم في وجوهنا وسلقتمونا بألسنة حداد وتهم شداد ..
بل لجأتم إلى شن الغارة علينا بعد أن كنتم ترعوننا من قبل ؛ واتهمتمونا بالفوضوية والتهور والتعجل والعمل على تدمير مكتسبات الصحوة وإرجاع العمل الإسلامي مئات بل ملايين الأميال إلى الوراء !!
ومع أن مكتسبات بعض هؤلاء المشايخ وتلكم الجماعات بلغت في بعض الأوقات مبلغا هدد الأنظمة ورؤوسها العفنة ؛ ولما نزلت الأمة وشبابها إلى الشوارع وتجمد الدم في عروق أعداء الله من الخوف ؛ جمد أولئك المشايخ النخوة في نفوس الشباب وأطفئوا لهيب العزة وحرارتها وجذوة الجهاد وشعلتها .. وسمعناهم بعد ذلك يفاخرون ويتغنون بأنهم نجحوا في ترشيد الأمة وحفظ مكتسباتها وتهدئة الشباب وضبطهم وتوجيههم إلى صناديق الاقتراع والانتخاب .. حفاظا على الوحدة الوطنية وحقنا للدماء !! فسحقا سحقا ..
( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
كيف يكون أهل الزيغ كالرافضة أجرأ وأقنص للفرص من أهل السنة ؟
أي مكتسبات تلك التي نميع الثوابت ونتنازل عن الأصول وننحرف عن الجادة ونخنث الشباب بحجة المحافظة عليها ؟؟
وكم دفعنا من قبل خلال العقود التي مضت في ظل حكم الطواغيت من الدماء وكم بذلنا من الأعمار والأرواح في السجون وفي ساحات التعذيب وعلى أعواد المشانق وكان كثير من ذلك بلا مقابل ؟
أفلا يجوز أن نمنح الجهاد بعضا من ذلك نستأصل به رؤوس الشرك الطاغوتية العفنة ؟؟
أسئلة أمسى شباب الأمة يرددها ولم يكن يعرفها أوتخطر بباله من قبل ..
كل ذلك فيما أعتقد من بركات المدافعة وبشائر الغزوات الفاضحة التي قطعت المفازات وقربت واختصرت المسافات على هذا الجيل ؛ فوصل كثير منهم في أيام معدودات إلى البصيرة والجادة التي مكثنا نتلمسها ونتحسسها سابحين عكس تيار جارف من شبهات وتخبطات كثير من المشايخ عقدين من الزمان .. لقد أزالت تلكم الغزوات الفاضحة الغشاوة الكثيفة عن العيون وصار الناس فعلا فسطاطين ..
وكما أنها فضحت وعرّت رهبانا ومشايخ وأناسا لازال بعضهم إلى اليوم يتخبطون في ركاب الظالمين ، ويلوثون دعواتهم في أوحال مستنقعاتهم ويشاركون في مؤسساتهم ومعاقلهم الوثنية، ويسهر بعضهم يسودون وجوههم وصحائفهم لجعل الطواغيت الخائنين ولاة أمور شرعيين وأئمة للمسلمين يجب السمع والطاعة لهم ولا يجوز الخروج عليهم بحال !! ..
فقد أظهرت لنا كذلك أنصارا جددا وجنودا مغمورين رفع الله ذكرهم وصاروا بنصرتهم لهذا الدين وبمبادرتهم إلى نصر ما خذله أولئك الرهبان ؛ في مقدمة الصفوف ، سيسحبون البساط من تحت أقدام أولئك المخذلين شاؤوا أم أبوا ، وسيثق بهم الشباب ويلتفون حول أمثالهم عاجلا أم آجلا .. فالمبادرة أمست للعاملين المجاهدين الصادقين الواضحين في نصرتهم للدين .. فليتقدموا إذن الصفوف فهذا دورهم !! ولتقبع تلك الرمم المهترئة المنهزمة في مزبلة التاريخ فقد انتهى دورها !!
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
* * *
كتب بعض الشباب الجدد ينفث بعضا من هذه الهموم التي أشرت اليها تحت عنوان : ( نموذج للسلفية الأمريكية الخليجية المزعومة ..! )
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
أن تخرج علينا الجهات الأمنية في مصر تارة وفي المغرب وفي الأردن واليمن والكويت وغيرها في كل آونة بتنظيمات من نسج خيالهم أو مبالغ فيها يتم إلقاء القبض على أفرادها بين الآونة والأخرى تحت مسميات تنظيم القاعدة الكويتي أو الأردني أو اليمني أو الأفغان العرب أو غير ذلك من المسميات فهذا أمر نفهم جيدا دوافعه الانهزامية والإنبطاحية الإرتمائية تحت أقدام أسياد هذه الأنظمة من الأمريكان ؛ فهذه الأنظمة تعيش وتقتات على زبالة موائد أمريكا وتحرص في كل مناسبة على خطب ودها ورضاها ولو كان الثمن هو بذل ما تبقى من ماء وجوههم ، وسحق وقتل وسجن خيرة أبنائنا تحت تهم ومسميات يخترعها جلادوها بين الآونة والأخرى يسترضون بها أسيادهم..
لكن الأمر الذي لم أكن أقدر على فهمه واستيعابه قديما هذا الانبطاح السافر والاندحار الباهر والانهزام الظاهر الذي يعاني منه كثير من المنتسبين للدعوة والعلم في بلادنا !!
إن ما يقوم به إخواننا المجاهدون من الأعمال الجهادية الماحقة الفاضحة لكثير ممن امضوا عقودا يسعون في تدجين شباب الإسلام وتخنيث دينهم ؛ يتعرض اليوم من هؤلاء المنهزمين لحملة شرسة شعواء لتشويهه وإلغاء شرعيته وجعله منكرا من الفعل وزورا ..
إن هؤلاء المنهزمين الذين اعتلوا منابر الإعلام والدعوة والخطابة والتدريس يشنون غاراتهم التخذيلية والتشويهية بعد كل عملية جهادية على المجاهدين ويشنعون باسم التعقل والحكمة على الشباب المسلم الذي تذوّق طعم العزة في الجهاد والاستشهاد بعد عقود من الذلة في القعود.. فتارة يشهرون عليهم سيف أهل السنة والجماعة على أهل البدع من الخوارج الخارجين على ولاة الأمر !! وتارة يلوحون لهم بدرة عمر على أهل الغلو !! فإن لم يفلحوا بهذا ولا ذاك استعانوا عليهم بولاة أمورهم ودعوا إلى محاكمتهم وتوقيفهم عند حدودهم !! فهم عندهم مشوهون للإسلام مدمرون لآمال الأمة ومنجزاتها !! إنهم يمارسون أبشع صور الإرهاب الفكري ؛ بل يمارسون ما كان يقتات عليه الرهبان في العصور الوسطى من صكوك الغفران ؛ فيوزعون استمارات السلفية والعقلانية والنضوج ووو على كل من سار في ركاب دعوتهم الانهزامية ..
ويسلبونها من كل مجاهد ويدمغونه بالجمود والانغلاق والمثالية والتعجل والفوضى ونحو ذلك من قاموس إرهاب المنهزمين ..
عندما كنا شباباً أغرارا كان لي شيخ أعجبت به إعجابا شديدا وكانت له ملاحظات وانتقادات كثيرة على منهج الإخوان .. سألته يوما عن القائد المجاهد مروان حديد رحمه الله ؛ فأخذ في مدحه والثناء عليه وقص لي صورا من جهاده وصموده في وجه النصيرين في الشام وعن ثباته في الاعتقال رغم التعذيب الشديد الذي تعرض له .. فسألته هل كان من الإخوان ؟ فقال بلهجة انتقادية : كان ؛ ثم فُصِل وصار يُحَذَّر منه بحجة أنه فوضوي !! وسيدمر منجزات الدعوة أو شيئا نحو ذلك !!
فقلت : وماذا يعنون بذلك ؟
فقال منتقدا : يعنون أنه يحب الجهاد ويتحمس له ويشجع الشباب عليه !!
ثم دارت بنا السنون وفرقت بيننا الأيام ، ففوجئت وفجعت بشيخي العزيز بعد انتشار قاعدة جماعته وتوسعها وازدياد أثـقالها وتملكها للمؤسـسات والمجلات يردد ويصف المجاهدين اليوم بما كان ينتقد على الإخوان وصفهم به بالأمس !!
رويدا أيها الشيخ الجليل لقد كنت معجبا بك أيما إعجاب ؛ فحطمت آمالي وقوضت إعجابي !!
جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( لكل عمل شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك..)
وإننا لنعاين ونرى حقيقة فترة كثير من المشايخ والجماعات والتيارات اليوم ؛ إخلادا إلى الأرض ونكوصا عن المنهج وارتدادا عن الثوابت والأصول تحت غطاء التجديد والمراجعة والإصلاح والانفتاح .!! ربما بسبب ضغط الواقع المعاصر وإعلامه وضجيجه ، وربما بسبب العجز عن متابعة الطريق ..
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
* * *
كثير من الجماعات الإسلامية ورؤوس الصحوة - كما يسمونهم - قد مارسوا دورا في خداع الشباب حين كانوا يجمعونهم حولهم أو يسعون في تنظيمهم في جماعاتهم من خلال إلهاب مشاعرهم بخطبهم الرنانة حول الجهاد وكتاباتهم الطنانة المملوءة بالحماس الأجوف !! فلما كثر الأتباع وقال لهم الشباب هيا إلى العزة التي جمعتمونا من أجلها ، حي على الجهاد الذي حببتمونا به ؛ تورط أولئك المشايخ واضطرت طائفة منهم تحت ضغط الشباب وحماسه إما إلى توجيههم للجهاد بعيدا عن الأوطان ؛ لا حرج في الشيشان أو في أفغانستان أو في البوسنة أو في أي مكان ؛ المهم أن ينأى الشباب بجهاده عن الوطن حيث استقرار أولئك المشايخ ومصالحهم ومصالح دعواتهم المزعومة .. فلما ذهب الشباب إلى تلكم الجبهات القتالية وذاقوا طعم العزة في الجهاد وزالت عن أعينهم الغشاوات التي ساهم في تكثيفها دعاة الفتنة وعلماء الضلالة في بلادنا ؛ رجعوا إلى بلادهم بغير الوجه الذي ذهبوا به ، وأمسوا يواجهون شيوخهم بتساؤلات ضاق بها الشيوخ ذرعا ..
لماذا جهاد الروس مشروع وجهاد الأمريكان غدر ونقض للعهود ؟
لماذا الجهاد في الشيشان وأفغانستان مستحب والجهاد في عربستان مبغوض ومنبوذ يحذر منه ومن أهله ؟؟
لماذا لماذا ولماذا ؟؟؟
أسئلة لم يستطع أن يجيب عليها أولئك الشيوخ بأجوبة مقنعه ..
أليس منكم يا مشايخ الصحوة من درّسنا ردة الحكام الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله .. وأصّلتم لنا ذلك تأصيلا شرعيا ..؟؟
فلما طالبناكم بالعلاج الشرعي الناجع لذلك والذي أمر به المصطفى إذا ما رأينا من الولاة الكفر البواح ؛ وقفتم في وجوهنا وسلقتمونا بألسنة حداد وتهم شداد ..
بل لجأتم إلى شن الغارة علينا بعد أن كنتم ترعوننا من قبل ؛ واتهمتمونا بالفوضوية والتهور والتعجل والعمل على تدمير مكتسبات الصحوة وإرجاع العمل الإسلامي مئات بل ملايين الأميال إلى الوراء !!
ومع أن مكتسبات بعض هؤلاء المشايخ وتلكم الجماعات بلغت في بعض الأوقات مبلغا هدد الأنظمة ورؤوسها العفنة ؛ ولما نزلت الأمة وشبابها إلى الشوارع وتجمد الدم في عروق أعداء الله من الخوف ؛ جمد أولئك المشايخ النخوة في نفوس الشباب وأطفئوا لهيب العزة وحرارتها وجذوة الجهاد وشعلتها .. وسمعناهم بعد ذلك يفاخرون ويتغنون بأنهم نجحوا في ترشيد الأمة وحفظ مكتسباتها وتهدئة الشباب وضبطهم وتوجيههم إلى صناديق الاقتراع والانتخاب .. حفاظا على الوحدة الوطنية وحقنا للدماء !! فسحقا سحقا ..
( فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
كيف يكون أهل الزيغ كالرافضة أجرأ وأقنص للفرص من أهل السنة ؟
أي مكتسبات تلك التي نميع الثوابت ونتنازل عن الأصول وننحرف عن الجادة ونخنث الشباب بحجة المحافظة عليها ؟؟
وكم دفعنا من قبل خلال العقود التي مضت في ظل حكم الطواغيت من الدماء وكم بذلنا من الأعمار والأرواح في السجون وفي ساحات التعذيب وعلى أعواد المشانق وكان كثير من ذلك بلا مقابل ؟
أفلا يجوز أن نمنح الجهاد بعضا من ذلك نستأصل به رؤوس الشرك الطاغوتية العفنة ؟؟
أسئلة أمسى شباب الأمة يرددها ولم يكن يعرفها أوتخطر بباله من قبل ..
كل ذلك فيما أعتقد من بركات المدافعة وبشائر الغزوات الفاضحة التي قطعت المفازات وقربت واختصرت المسافات على هذا الجيل ؛ فوصل كثير منهم في أيام معدودات إلى البصيرة والجادة التي مكثنا نتلمسها ونتحسسها سابحين عكس تيار جارف من شبهات وتخبطات كثير من المشايخ عقدين من الزمان .. لقد أزالت تلكم الغزوات الفاضحة الغشاوة الكثيفة عن العيون وصار الناس فعلا فسطاطين ..
وكما أنها فضحت وعرّت رهبانا ومشايخ وأناسا لازال بعضهم إلى اليوم يتخبطون في ركاب الظالمين ، ويلوثون دعواتهم في أوحال مستنقعاتهم ويشاركون في مؤسساتهم ومعاقلهم الوثنية، ويسهر بعضهم يسودون وجوههم وصحائفهم لجعل الطواغيت الخائنين ولاة أمور شرعيين وأئمة للمسلمين يجب السمع والطاعة لهم ولا يجوز الخروج عليهم بحال !! ..
فقد أظهرت لنا كذلك أنصارا جددا وجنودا مغمورين رفع الله ذكرهم وصاروا بنصرتهم لهذا الدين وبمبادرتهم إلى نصر ما خذله أولئك الرهبان ؛ في مقدمة الصفوف ، سيسحبون البساط من تحت أقدام أولئك المخذلين شاؤوا أم أبوا ، وسيثق بهم الشباب ويلتفون حول أمثالهم عاجلا أم آجلا .. فالمبادرة أمست للعاملين المجاهدين الصادقين الواضحين في نصرتهم للدين .. فليتقدموا إذن الصفوف فهذا دورهم !! ولتقبع تلك الرمم المهترئة المنهزمة في مزبلة التاريخ فقد انتهى دورها !!
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
* * *
كتب بعض الشباب الجدد ينفث بعضا من هذه الهموم التي أشرت اليها تحت عنوان : ( نموذج للسلفية الأمريكية الخليجية المزعومة ..! )
رد: المنهزمون
فقال :
( تحدث المفكر " مـالك بن نبي " في كتابه شروط النهضة عن أحد مركبات النقص التي أصابت الحركة الإصلاحية بالجزائر آنـذاك ، وهو أن علماء الحركة ودعاتها نزلوا إلي أوحال السياسة والمعارك الانتخابية والتي كان يسميها بمـعارك الأوثان ! فوقعوا بالوحل حتى تلطخت ثيابهم البيضاء وصار هدفهم الإصلاحي ملطخاً بالأوحال وساقطاً لا قيمة له !
نحن الآن أمام نموذج جديد من أشكال السقوط لبعض فئات الحركة الإسلامية ، بيـد أن هذا السقوط المريع يتميز عن سابقيه بأنه أكثر انحداراً وانصباباً إلي القاع الذي يقبع في أسفله مستنقع آسن ..! والسبب لأن أخطاء الحركات الإسلامية السابقة ، لا ترقي ولا تصل إلي ما وصلت إليه الآن ، لأن ما يحدث الآن علي يدها هو انسلاخ بالكامل ، وتمزيق للهوية ، وبيع مبادئ ، وتزييف ثوابت شرعية ، وتمييع دين !
والحق أقول لكم بأن الخطر الذي نشأ في جسد الأمة من هذه الحركات وسريانه بالمسلمين ربما ينافس خطر اليهود والنصارى علي الإسلام الحقيقي والمجاهدين الذين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ، لأن شر تلك الملل والطوائف واضح للعيان ويمكنهم مواجهته لأنه مكشوف خطره ، ظاهرة سوءته ، بيد أن مثل تلك الحركات التي تلبس زي الإسلام وتتقمص قميصه ، وهي في نفس الوقت تفرّغ الإسلام من محتواه الحقيقي وتصرف الشعوب عن الهدف الأول والحقيقي للإسلام وهو أن ( ويَكُونَ الدِّيـــنُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) وبذلك تكون هذه الحركات قد نجحت بما عجز عنه الكفار وخدمتهم أيما خدمة فلقد استطاعوا وبحنكة شرعية وبمنهج الاتباع ( المزعوم ! ) أن يخلقوا للمسلمين نموذجاً فريداً للإسلام الأمريكي السلفي ! ذلك الإسلام الذي يحصر أسماء الله وصفاته في الإثبات اللغوي ، ولكنه يلغيها من قاموس التحاكم ..! ذلك المنهج الذي يفرغ حتى المساجد من دورها الحقيقي الذي يخــرّج ويعدُ كتائب الحق الَّــــذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ، وتحويلها عبر إثبات الوطنية لولي الأمر إلي دورٍ للعبادةِ لكنها تختلف عن باقي دور العبادة بأنها لا يرفع فيها الصليب ولا تدق فيها الأجراس ..! ذلك المنهج الذي ينحر علي عتبات السلاطين مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..! ذلك المنهج الذي تلوى من خلالهِ الأدلة الشرعية بما يتلاءم مع المصلحة الشرعية التي ترضي ولي الأمر وتبقي له كرسيه المزوق ..!
وأما آيات الجهاد الصريحة الواضحة البينة القطعية الدلالة .. وأما عن آيات إقامة دولة الله الحقيقية في الأرض.. فليس لها محل عند أرباب هذا المنهج سوي في المد والإدغام والإشمام .. ْوَتَــغـَنَّوْا بِالْقُرْآنِ فَمَنْ لَمْ يَتـَغـَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنـَّا..!
هل تصدقون يا معاشر السادة بأنه قبل ثلاثة أشهر أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في إحدى الدول الخليجية .. قراراً يمنع بموجبه خطباء وأئمة المساجد من الدعاء علي اليهود والنصارى .! لكنما الاستهجان ليس هنا، وإنما بمسارعة إحدى الجماعات التي ترتدي ثوب السلفية بإصدار بيان رسمي موقع منها تتبنى فيه هذا القرار وتتبرع بتحويله إلي فتوى أيضا ..! بحجة أنه يجوز من باب السياسة الشرعية التي يراها ولي أمر المسلمين !! أنها تحقق مصلحة الإسلام والمسلمين أن يطلب من الدعاة والخطباء التوقف عن الدعاء علي فئات معينة من الكفار لما بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق ومصالح تتعطل بلعنهم .. الرائق في الأمر حقاًُ أن الرئيس الأمريكي لم يصدر بياناً مماثلاً لخطبائهم ودعاتهم من السدنة والقساوسة، ولكنه تجاوز قضية الدعاء التي ربما تضر بالمصالح الأمريكية مع الدول التي ترتبط معهم بمواثيق وعلاقة وصداقة مزعومة ، وتعامل بالمصلحة الشرعية الخاصة به مباشرة ، فأصدر تشريعا في الأسبوع الفائت يجبر الإدارة الأمريكية قاطبة علي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..!
فكم هو رائق حقاً أن تراعي تلك الجماعات التي شوهت اسم السلفية مصالح ولاة أمورنا الشرعية المزعومة في الوقت الذي يكون فيه جورج بوش سلفيا في معتقده أكثر منهم..! ولكن إن كان الحديث يقول إن لم تستح فاصنع ما شئت فإن واقع الحال يقول أيضا..إذا انسلخت من دينك وزيفت ثوابته فتعر إذن أين ما شئت..!
النموذج السلفي الأمريكي لم يقف عند هنا فحسب ..! بل أن أكبر الجمعيات السلفية بالخليج أصدرت بياناً مقتضباً بعد أحداث سبتمبر التليدة وقالت فيه بالنص إننا نقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب.. !
إذن نحن نجد أنفسنا ملزمين بأن نسمي الأمور بمسمياتها الشرعية ، فما نراه هو انسلاخ من الثوابت الشرعية كما أسلفنا وليس مجرد أخطاء يمكننا تجاوزها، ولأن الاختلاف الآن قد صار جذرياً حيث أن المنهج السلفي الحق لا يلتقي مع العبث السلفي الأمريكي اللهم سوي بالثوب واللحية ..! ولكن هل تريدون أوضح من هذا ..!؟ حسناً يقول الله تعالي ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّي يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) هذه الآية القطعية الدلالة يتعامل معها أصحاب المنهج السلفي الحق بوضوح شديد بينما أهل العبث ومهرجو السلفية صاروا يسمون الجهاد كما تسميه أمريكا ( بالعنف والإرهاب ) ..!
ربما يقفز علينا أحدهم ويصيح .. أتحدثنا عن القتال ونحن لا نملك أسبابه ؟ فأقول لست الآن في مناقشة شرعية لمن بذلوا الأسباب فخذلتموهم.. ولكننا لا نطلب منكم سوي أن تبقوا لكم شيئاً من مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..!
لكن العجز والسقوط يا أيها الاخوة لم يقف عند تطويع وتحوير مفهوم الولاء والبراء ليلائم متطلبات المصلحة الشخصية السياسية لولي الأمر المزعوم ، لكن هؤلاء العابثين قد ارتقي بهم الحال فوصلوا إلي أحط أنواع الخيانة الشرعية في ديننا الإسلامي ، فعلي قدر ما تجد أصحاب المنهج السلفي الحق يبذلون جهدهم ووسعهم في إعلاء راية الله في الأرض ويبذلون حتى أرواحهم وكل غال ونفيس ، تجد هؤلاء علي النقيض تماماً فهم يبذلون وسعهم وجهدهم في تأصيل شرعية مذلتنا وضياع كرامتنا أمام الأعداء ..! بل وجعل أي طريق لاسترداد عزتنا بالجهاد هو من الأمور التي تضر بمصلحة ولي الأمر السياسية ..! فعجباً أن يقول الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه في الحديث المتفق ( ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا ) .. فيأتي هؤلاء العلاّمات.. والسماحات وأصحاب الفضيلة.. ليؤصلوا لكل القوم الذين تركوا الجهاد فــذلوا ، بل صاروا قطـــعاناً من الخراف.. ويؤصلوا لهم مشروعية هذا الذُل..! وشرعية فقدان الكرامة ، وما دامت العزة والكرامة سوف تضر بالمصلحة السياسية لولي الأمر ، فديننا الإسلامي ( بزعمهم ) يحثـنا إذن على أن نكون أحــط وأحقر الشعوب قاطبة على هــذه الكرة الأرضية ..!
قبل أيام فقط .. تحدث وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد وقال مخاطباً الشعب الكويتي نحن مهددون بالكيماوي ولا بد أن يصيبنا " طشار " فنحن في قلب الحدث ، وغطى تصريحه صدر الصفحات الأولي لكل الصحف الكويتية الخمس ، فهبطت البورصة ، وعلت بعض الأسعار ، وارتج شعبنا المسكين وصار حديثهم وما يزال عما سيفعلونه في حال اقتراب ساعة الصفر للضربة الأمريكية علي العراق .. وفي هذه اللحظات الحرجة تخيلوا معي أن تصدر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عندنا بياناً رسمياً لخطبائها وأئمتها بعدم الخوض في مسألة الضربة الأمريكية للعراق ..! وأشار البيان إلي عدم التطرق إلي أي قضية سياسية من على المنابر البتة ، ومن يخالف ذلك سوف يحال للتحقيق ! ولكن ستزال الدهشة إن عرفتم أن الوزير الحالي للوزارة هو أحد السلفيين البرلمانيين والذي يتميز بحس وطني فريد..فهو يرفع شعار السلفية..لكن الوطنية فوق كل شيء..!
هل رأيتم كيف غدت المساجد في ظل السلفية الجديدة ؟ وكيف أنحصر دورها في أداء الصلوات الخمس فقط ، ألستم معي في أننا أمام تأصيل جديد للعلمانية ..!؟ إنها العلمانية السلفية …! ألا ترون أن شيخ الإسلام الخاص لهذه الفئة السلفية المزعومة هو الإمام العلامة أنور السادات..!؟ وهم علي آثاره مقتدون ..! فلا سياسة بالدين ولا دين بالسياسة ..!
معاشر النبلاء ..
في السابق قال المفكر مالك بن نبي أن الدعاة بدخولهم إلي المعارك الانتخابية قد دخلوا إلي معارك الأوثان ، لكن واقع الحال يقول أن بعض دعاة هذا العصر لم يقتصر تقهقرهم ونكوصهم عن المنهج الحق بدخولهم إلي تلك المعارك الوثنية فحسب ولكنهم تجاوزا الـقــنطرة وشبوا عن الطوق فصاروا هم دعاة الأوثان وحماة الوثنية ..!) أهـ وهو مقال للكاتب الكويتي محمد المليفي فك الله أسره..
هل كنا نحلم قبل عشر سنين أن نسمع مثل هذا الكلام من دهاقنة الدعوة هناك فضلا عن أن نسمعه من شاب كويتي حديث السن ؟؟ وهل كنا نحلم أن نرى بعد ملحمة التحرير !! - التي صبغت الخطاب الكويتي كله بالعرفان للأمريكان !!- من الشباب الكويتي من يقوم بما قام به البطلان المجاهدان في جزيرة فيلكا ..
عند هذه السطور وقبل أن أختم هذه الكلمات جاءتني مكالمة من أحبة أفاضل من الجزيرة يتكلمون بذات الشجون ويستبشرون بعين البشائر التي أستبشر بها ويذكرون لي توجه الشباب المنقطع النظير إلى هذا المنهاج حتى إن بعضهم ليتعلق بأهدابه وكتاباته قبل أن يلتحي ويلتزم بظواهر الدين وسمت المتدينين الشيء الذي أثار عجب الناس !! شباب صغار لم يدرسوا في المعاهد الشرعية ولا أطالوا الجلوس في المجالس العلمية تبصروا بالطريق وصاروا من أنصار التوحيد والجهاد في أيام قلائل معدادات !! بينما دهاقنة الدعوة والتنظير ما زالوا يرسفون في قيود المصالح المزعومة والمفاسد المظنونة التي قتلوا بها الحمية وخنثوا بها الدين !!
إن ذلك كله وغيره من بركات الغزوة المباركة في نيويورك وواشنطن ونحوها من الأعمال الجهادية الفاضحة ؛ إنها بركات المدافعة والجهاد والقتال الذي إذا ما ذكر ؛ رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ..
أيها المنهزمون لن تفلحوا في تحريف ديننا وإلغاء ثوابته ..
ففي ديننا سورة كاملة إسمها سورة القتال .
يقول الرب تبارك وتعالى فيها :
( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) (سورة القتال:21)
فماذا تراكم فاعلون بسورة كاملة من سور القران ؟؟
وأنى وكيف لكم أن تغيروا محكما ؟ أو تمحوا من أذهاننا علما وجبلا وطودا راسيا هذا شأنه ؟؟
نعم لقد فضحت هذه الأحداث العظام أناسا وأحيت ورفعت آخرين .. وآذنت بفتح صفحة جديدة من تاريخ أمة الإسلام فمن شاء فليلحق بالقافلة ..
ومن شاء فليقعد مع القاعدين ..
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
أبو محمد المقدسي
شعبان 1423هـ
( تحدث المفكر " مـالك بن نبي " في كتابه شروط النهضة عن أحد مركبات النقص التي أصابت الحركة الإصلاحية بالجزائر آنـذاك ، وهو أن علماء الحركة ودعاتها نزلوا إلي أوحال السياسة والمعارك الانتخابية والتي كان يسميها بمـعارك الأوثان ! فوقعوا بالوحل حتى تلطخت ثيابهم البيضاء وصار هدفهم الإصلاحي ملطخاً بالأوحال وساقطاً لا قيمة له !
نحن الآن أمام نموذج جديد من أشكال السقوط لبعض فئات الحركة الإسلامية ، بيـد أن هذا السقوط المريع يتميز عن سابقيه بأنه أكثر انحداراً وانصباباً إلي القاع الذي يقبع في أسفله مستنقع آسن ..! والسبب لأن أخطاء الحركات الإسلامية السابقة ، لا ترقي ولا تصل إلي ما وصلت إليه الآن ، لأن ما يحدث الآن علي يدها هو انسلاخ بالكامل ، وتمزيق للهوية ، وبيع مبادئ ، وتزييف ثوابت شرعية ، وتمييع دين !
والحق أقول لكم بأن الخطر الذي نشأ في جسد الأمة من هذه الحركات وسريانه بالمسلمين ربما ينافس خطر اليهود والنصارى علي الإسلام الحقيقي والمجاهدين الذين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله ، لأن شر تلك الملل والطوائف واضح للعيان ويمكنهم مواجهته لأنه مكشوف خطره ، ظاهرة سوءته ، بيد أن مثل تلك الحركات التي تلبس زي الإسلام وتتقمص قميصه ، وهي في نفس الوقت تفرّغ الإسلام من محتواه الحقيقي وتصرف الشعوب عن الهدف الأول والحقيقي للإسلام وهو أن ( ويَكُونَ الدِّيـــنُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) وبذلك تكون هذه الحركات قد نجحت بما عجز عنه الكفار وخدمتهم أيما خدمة فلقد استطاعوا وبحنكة شرعية وبمنهج الاتباع ( المزعوم ! ) أن يخلقوا للمسلمين نموذجاً فريداً للإسلام الأمريكي السلفي ! ذلك الإسلام الذي يحصر أسماء الله وصفاته في الإثبات اللغوي ، ولكنه يلغيها من قاموس التحاكم ..! ذلك المنهج الذي يفرغ حتى المساجد من دورها الحقيقي الذي يخــرّج ويعدُ كتائب الحق الَّــــذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ، وتحويلها عبر إثبات الوطنية لولي الأمر إلي دورٍ للعبادةِ لكنها تختلف عن باقي دور العبادة بأنها لا يرفع فيها الصليب ولا تدق فيها الأجراس ..! ذلك المنهج الذي ينحر علي عتبات السلاطين مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..! ذلك المنهج الذي تلوى من خلالهِ الأدلة الشرعية بما يتلاءم مع المصلحة الشرعية التي ترضي ولي الأمر وتبقي له كرسيه المزوق ..!
وأما آيات الجهاد الصريحة الواضحة البينة القطعية الدلالة .. وأما عن آيات إقامة دولة الله الحقيقية في الأرض.. فليس لها محل عند أرباب هذا المنهج سوي في المد والإدغام والإشمام .. ْوَتَــغـَنَّوْا بِالْقُرْآنِ فَمَنْ لَمْ يَتـَغـَنَّ بِهِ فَلَيْسَ مِنـَّا..!
هل تصدقون يا معاشر السادة بأنه قبل ثلاثة أشهر أصدر وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في إحدى الدول الخليجية .. قراراً يمنع بموجبه خطباء وأئمة المساجد من الدعاء علي اليهود والنصارى .! لكنما الاستهجان ليس هنا، وإنما بمسارعة إحدى الجماعات التي ترتدي ثوب السلفية بإصدار بيان رسمي موقع منها تتبنى فيه هذا القرار وتتبرع بتحويله إلي فتوى أيضا ..! بحجة أنه يجوز من باب السياسة الشرعية التي يراها ولي أمر المسلمين !! أنها تحقق مصلحة الإسلام والمسلمين أن يطلب من الدعاة والخطباء التوقف عن الدعاء علي فئات معينة من الكفار لما بينهم وبين المسلمين من عهود ومواثيق ومصالح تتعطل بلعنهم .. الرائق في الأمر حقاًُ أن الرئيس الأمريكي لم يصدر بياناً مماثلاً لخطبائهم ودعاتهم من السدنة والقساوسة، ولكنه تجاوز قضية الدعاء التي ربما تضر بالمصالح الأمريكية مع الدول التي ترتبط معهم بمواثيق وعلاقة وصداقة مزعومة ، وتعامل بالمصلحة الشرعية الخاصة به مباشرة ، فأصدر تشريعا في الأسبوع الفائت يجبر الإدارة الأمريكية قاطبة علي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل..!
فكم هو رائق حقاً أن تراعي تلك الجماعات التي شوهت اسم السلفية مصالح ولاة أمورنا الشرعية المزعومة في الوقت الذي يكون فيه جورج بوش سلفيا في معتقده أكثر منهم..! ولكن إن كان الحديث يقول إن لم تستح فاصنع ما شئت فإن واقع الحال يقول أيضا..إذا انسلخت من دينك وزيفت ثوابته فتعر إذن أين ما شئت..!
النموذج السلفي الأمريكي لم يقف عند هنا فحسب ..! بل أن أكبر الجمعيات السلفية بالخليج أصدرت بياناً مقتضباً بعد أحداث سبتمبر التليدة وقالت فيه بالنص إننا نقف في خندق واحد مع الولايات المتحدة ضد الإرهاب.. !
إذن نحن نجد أنفسنا ملزمين بأن نسمي الأمور بمسمياتها الشرعية ، فما نراه هو انسلاخ من الثوابت الشرعية كما أسلفنا وليس مجرد أخطاء يمكننا تجاوزها، ولأن الاختلاف الآن قد صار جذرياً حيث أن المنهج السلفي الحق لا يلتقي مع العبث السلفي الأمريكي اللهم سوي بالثوب واللحية ..! ولكن هل تريدون أوضح من هذا ..!؟ حسناً يقول الله تعالي ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّي يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) هذه الآية القطعية الدلالة يتعامل معها أصحاب المنهج السلفي الحق بوضوح شديد بينما أهل العبث ومهرجو السلفية صاروا يسمون الجهاد كما تسميه أمريكا ( بالعنف والإرهاب ) ..!
ربما يقفز علينا أحدهم ويصيح .. أتحدثنا عن القتال ونحن لا نملك أسبابه ؟ فأقول لست الآن في مناقشة شرعية لمن بذلوا الأسباب فخذلتموهم.. ولكننا لا نطلب منكم سوي أن تبقوا لكم شيئاً من مفهوم الولاء والبراء الحقيقي ..!
لكن العجز والسقوط يا أيها الاخوة لم يقف عند تطويع وتحوير مفهوم الولاء والبراء ليلائم متطلبات المصلحة الشخصية السياسية لولي الأمر المزعوم ، لكن هؤلاء العابثين قد ارتقي بهم الحال فوصلوا إلي أحط أنواع الخيانة الشرعية في ديننا الإسلامي ، فعلي قدر ما تجد أصحاب المنهج السلفي الحق يبذلون جهدهم ووسعهم في إعلاء راية الله في الأرض ويبذلون حتى أرواحهم وكل غال ونفيس ، تجد هؤلاء علي النقيض تماماً فهم يبذلون وسعهم وجهدهم في تأصيل شرعية مذلتنا وضياع كرامتنا أمام الأعداء ..! بل وجعل أي طريق لاسترداد عزتنا بالجهاد هو من الأمور التي تضر بمصلحة ولي الأمر السياسية ..! فعجباً أن يقول الرسول صلي الله عليه وآله وصحبه في الحديث المتفق ( ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا ) .. فيأتي هؤلاء العلاّمات.. والسماحات وأصحاب الفضيلة.. ليؤصلوا لكل القوم الذين تركوا الجهاد فــذلوا ، بل صاروا قطـــعاناً من الخراف.. ويؤصلوا لهم مشروعية هذا الذُل..! وشرعية فقدان الكرامة ، وما دامت العزة والكرامة سوف تضر بالمصلحة السياسية لولي الأمر ، فديننا الإسلامي ( بزعمهم ) يحثـنا إذن على أن نكون أحــط وأحقر الشعوب قاطبة على هــذه الكرة الأرضية ..!
قبل أيام فقط .. تحدث وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الأحمد وقال مخاطباً الشعب الكويتي نحن مهددون بالكيماوي ولا بد أن يصيبنا " طشار " فنحن في قلب الحدث ، وغطى تصريحه صدر الصفحات الأولي لكل الصحف الكويتية الخمس ، فهبطت البورصة ، وعلت بعض الأسعار ، وارتج شعبنا المسكين وصار حديثهم وما يزال عما سيفعلونه في حال اقتراب ساعة الصفر للضربة الأمريكية علي العراق .. وفي هذه اللحظات الحرجة تخيلوا معي أن تصدر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عندنا بياناً رسمياً لخطبائها وأئمتها بعدم الخوض في مسألة الضربة الأمريكية للعراق ..! وأشار البيان إلي عدم التطرق إلي أي قضية سياسية من على المنابر البتة ، ومن يخالف ذلك سوف يحال للتحقيق ! ولكن ستزال الدهشة إن عرفتم أن الوزير الحالي للوزارة هو أحد السلفيين البرلمانيين والذي يتميز بحس وطني فريد..فهو يرفع شعار السلفية..لكن الوطنية فوق كل شيء..!
هل رأيتم كيف غدت المساجد في ظل السلفية الجديدة ؟ وكيف أنحصر دورها في أداء الصلوات الخمس فقط ، ألستم معي في أننا أمام تأصيل جديد للعلمانية ..!؟ إنها العلمانية السلفية …! ألا ترون أن شيخ الإسلام الخاص لهذه الفئة السلفية المزعومة هو الإمام العلامة أنور السادات..!؟ وهم علي آثاره مقتدون ..! فلا سياسة بالدين ولا دين بالسياسة ..!
معاشر النبلاء ..
في السابق قال المفكر مالك بن نبي أن الدعاة بدخولهم إلي المعارك الانتخابية قد دخلوا إلي معارك الأوثان ، لكن واقع الحال يقول أن بعض دعاة هذا العصر لم يقتصر تقهقرهم ونكوصهم عن المنهج الحق بدخولهم إلي تلك المعارك الوثنية فحسب ولكنهم تجاوزا الـقــنطرة وشبوا عن الطوق فصاروا هم دعاة الأوثان وحماة الوثنية ..!) أهـ وهو مقال للكاتب الكويتي محمد المليفي فك الله أسره..
هل كنا نحلم قبل عشر سنين أن نسمع مثل هذا الكلام من دهاقنة الدعوة هناك فضلا عن أن نسمعه من شاب كويتي حديث السن ؟؟ وهل كنا نحلم أن نرى بعد ملحمة التحرير !! - التي صبغت الخطاب الكويتي كله بالعرفان للأمريكان !!- من الشباب الكويتي من يقوم بما قام به البطلان المجاهدان في جزيرة فيلكا ..
عند هذه السطور وقبل أن أختم هذه الكلمات جاءتني مكالمة من أحبة أفاضل من الجزيرة يتكلمون بذات الشجون ويستبشرون بعين البشائر التي أستبشر بها ويذكرون لي توجه الشباب المنقطع النظير إلى هذا المنهاج حتى إن بعضهم ليتعلق بأهدابه وكتاباته قبل أن يلتحي ويلتزم بظواهر الدين وسمت المتدينين الشيء الذي أثار عجب الناس !! شباب صغار لم يدرسوا في المعاهد الشرعية ولا أطالوا الجلوس في المجالس العلمية تبصروا بالطريق وصاروا من أنصار التوحيد والجهاد في أيام قلائل معدادات !! بينما دهاقنة الدعوة والتنظير ما زالوا يرسفون في قيود المصالح المزعومة والمفاسد المظنونة التي قتلوا بها الحمية وخنثوا بها الدين !!
إن ذلك كله وغيره من بركات الغزوة المباركة في نيويورك وواشنطن ونحوها من الأعمال الجهادية الفاضحة ؛ إنها بركات المدافعة والجهاد والقتال الذي إذا ما ذكر ؛ رأيت الذين في قلوبهم مرض ينظرون إليك نظر المغشي عليه من الموت ..
أيها المنهزمون لن تفلحوا في تحريف ديننا وإلغاء ثوابته ..
ففي ديننا سورة كاملة إسمها سورة القتال .
يقول الرب تبارك وتعالى فيها :
( وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ) (سورة القتال:21)
فماذا تراكم فاعلون بسورة كاملة من سور القران ؟؟
وأنى وكيف لكم أن تغيروا محكما ؟ أو تمحوا من أذهاننا علما وجبلا وطودا راسيا هذا شأنه ؟؟
نعم لقد فضحت هذه الأحداث العظام أناسا وأحيت ورفعت آخرين .. وآذنت بفتح صفحة جديدة من تاريخ أمة الإسلام فمن شاء فليلحق بالقافلة ..
ومن شاء فليقعد مع القاعدين ..
( فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ )
أبو محمد المقدسي
شعبان 1423هـ
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى