قضية حقوق المرأة؛ التدمير باسم التحرير
صفحة 1 من اصل 1
قضية حقوق المرأة؛ التدمير باسم التحرير
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد...
فالمتابع لمسيرة البشرية عبر القرون المتطاولة؛ يلاحظ أن المرأة كان لها دور كبير وأثر خطير في مجريات الأحداث خلال فترات من الزمان، وكانت سبباً مباشراً في زوال إمبراطوريات وممالك عظيمة عندما تم إخراج المرأة عن الدور الذي خلقت له وأصبحت سلعة رخيصة لإشباع الشهوات الجنسية البهيمية للرجال وتفنن المتفننون من شياطين الإنس في إثارة الرغبات الجنسية لدى الشعوب وخاصة في أوساط الشباب الذين هم ثروة الأمم ومستقبلها.
ونتيجة الغرق في الشهوات؛ لم تستطع الأجيال التي عاصرت تلك الحقب الإبقاء على تلك الحضارات والممالك، وبالتبعية؛ فشلت الأجيال اللاحقة في استعادتها، بل ازدادت غرقاً في تلك الأوحال، في غياب الدين الذي يعصم الناس من الزلل، ويرشِّد أخلاقهم ويهذِّب سلوكهم، فكان ما وصلنا إليه وتعاني البشرية من ويلاته عقوبة من رب السماوات والأرض للغارقين في حمأة الجاهلية وأوحال الرذيلة.
والكل يعلم الحال الذي وصلت إليه الحضارة الغربية الحديثة نتيجة الانسلاخ من الدين والاستسلام لأساطين الكفر من اليهود، الذين أوصلوا البشرية إلى مرتبة أحط من مرتبة الحيوان فيما يتعلق بقضية الجنس، مما يهدد بزوال تلك الحضارة، وانقراض أصول وعرقيات للمجتمعات الغربية عن بكرة أبيها.
ولما كان الدين الإسلامي والتراث الإسلامي والأخلاقي للمجتمعات المسلمة قد عصمهم من الوصول إلى هذه الدرجة من الانحطاط بنفس السرعة التي وصل بها إلى المجتمعات الغربية المنحلة، كان لابد من أن يركز الغرب على آخر معقل لدى المسلمين يتحصنون به بعد أن فقدوا الحصون الإقليمية والدولية، ليحميهم من الوبال والدمار الذي تساق إليه البشرية سوقاً.
فكان مكر الليل المتصل بمكر النهار، منذ عدة قرون لإخراج المرأة المسلمة من بيتها بدعوى أنها تمثل نصف المجتمع، فلابد أن تتحضر وتتغير نظرة المجتمعات الشرقية إليها، مع إعطائها مكانتها في الصدارة جنباً إلى جنب مع الرجل، وإعطائها كافة "حقوقها الإنسانية"، خاصة أن قوانين الدول العربية لا تعتبر معاقبة الزوج لزوجته - أو ما يسمونه "العنف المنزلي" - جريمة، وينص القانون الجزائري - كمثال -؛ على أن إطاعة الزوج واجب على كل زوجة، وهذا يتنافي مع مساواتها له!
وهكذا شرعوا في تغيير القوانين والسلوكيات والأفكار والمعتقدات، وتواصوا ألا يتركوا مجتمعاً من المجتمعات المسلمة إلا ويخرجوا نسائه من بيوتهن للدراسة والعمل، ثم للفجور والفاحشة، عن طريق الإعلام والتعليم وقوانين الأحوال الشخصية والقوانين المنظمة للشئون الاجتماعية والسياسية في دساتير الدول المسماة بالإسلامية، مع ترك مرحلة التدرج للحكومات العميلة لتحدد - طبقاً لمشورة الخبراء الأمريكيين والغربيين - الخطوات العملية لسلخ المرأة المسلمة من الأسرة والعائلة والمجتمع، مع ترتيب كل الوسائل والأسباب التي تدفعها للانحراف دفعاً، تحت شعارات "الحقوق السياسية" و "الدفاع عن حقوق المرأة"، من خلال إدماجها في الجمعيات النسائية والأحزاب السياسية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية.
مراحل استدراج المرأة:
ففي البداية تشجيع الأسرة على إخراج البنات للتعلم بشتى وسائل الإغراء، وسط حملات إعلامية مكثفة؛ تصم المسلمين بتعمد تجهيل النساء وهضم حقوقهن... إلخ.
فإذا تعلمت البنت وحصلت على الشهادة؛ صار عاراً على أهلها أن يبقوها في البيت بعد أن أصبحت متعلمة ومثقفة، وتحت ضغط الحاجة المادية والإلحاح من جانب البنت غالباً؛ ما ترضخ الأسرة وتوافق على خروج ابنتهم للعمل، ولا يعلمون - أو يعلمون - أن ابنتهم قد تشربت بالأفكار التحررية واختلطت بالشباب - الفاقد لمقومات الرجولة الحقة - والشابات المنحرفات أخلاقياً خلال سنوات دراستها في الجامعة وما يسمى بالمعاهد العلمية، وأنها جربت جو الحرية المزعومة في التعبير عن الرأي والمساواة والحرية الشخصية... إلخ مما يحسبونه من المكتسبات.
والعجيب أن الدول الإسلامية "المزعومة" - رغم مشاكلها التي لا تعد ولا تحصى على كافة الأصعدة والمستويات - تتناسى كل ذلك وتتواصى فيما بينها على تطبيق قوانين المرأة التي نصت عليها دساتير المنظمات الدولية والمجتمعات الغربية، ولذا نجد اهتماماً كبيراً بتغيير قوانين الأسرة من زواج وطلاق وحضانة وغيرها، والقوانين المنظمة للممارسات السياسية والحقوق العامة للمرأة، وكأن خروج المرأة من بيتها ومشاركتها في الحياة العملية والممارسة السياسية؛ هو الذي سيغير الوضع المأساوي للمسلمين ويعيد لهم مجدهم التليد وعزهم المفقود!
وهنا نتساءل: هل أفلحت الدول الغربية أو الشرقية التي أعطت المرأة كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والمالية - كما يروجون - حتى وصلت إلى الإمامة العظمى ورئاسة الوزارة، وأصبحت وزيرة ومديرة؟!
وأين النساء الحديديات اللاتي حكمن وتولين رئاسة الوزارة في شعوب تدَّعي الديمقراطية - كبريطانيا وألمانيا وكندا وأمريكا والهند وسري لانكا وبنجلاديش وباكستان وغيرها - هل أفلحن في قيادة شعوبهن إلى التقدم والرخاء الاجتماعي والإصلاح الداخلي والخارجي، أم ذهبن مع الريح رغم الضجة المفتعلة التي صاحبتهن، وخانهن سداد الرأي والشجاعة في المواطن التي تحتاج للشدة والحزم، وانطبق عليهن قول الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [سورة الزخرف: 18].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) [رواه النسائي: ح5293]؟!
التأثير الاقتصادي لخروج المرأة للعمل:
ولو قسنا الأمور بمقاييس الربح والخسارة في خروج المرأة من بيتها للعمل أو لممارسة حقوقها السياسية، فمن المستفيد ومن الخاسر في هذه المعادلة؟ وهل ساهم خروج المرأة من بيتها للعمل - أو لغيره - في حل الأزمات الطاحنة التي تواجهها شعوب الأرض قاطبة - وأهمها مشكلتا البطالة وانخفاض مستوى الدخل للغالبية العظمى من السكان - أم أنها زادت الأمور تعقيداً والأزمة استفحالاً؟
لقد نتج عن خروج المرأة للعمل والانخراط في الحياة السياسية آثار سلبية خطيرة جداً على المجتمع بوجه عام والأسرة بوجه خاص.
فالبطالة وصلت إلى معدلات قياسية في جميع أنحاء العالم بلا استثناء، سواء البطالة الظاهرة أو المقنَّعة، والجميع يعاني من شدة الأزمة الاقتصادية - اللهم إلا المنتفعين من تلك الأزمات والأثرياء، وهم قلة قليلة في كل دولة -
ومن ناحية أخرى كان هناك زيادة متتالية في نسبة التضخم، وارتفاع الأسعار ارتفاعاً حاداً بينما لا تزال الرواتب والأجور كما هي أو زادت زيادة محدودة.
والذي زاد الطين بلة في دول العالم المتخلف - وتندرج فيه الغالبية العظمى من الدول الإسلامية -؛ هو وجود الفساد الإداري على أعلى المستويات، وانتشار ظاهرة المحسوبية - أي تفضيل القرابة أو الواسطة عند من بيده سلطة التعيين على الكفاءة والخبرة والجنس للمتقدم للوظيفة - بالإضافة إلى تفضيل المدراء لتوظيف النساء لهوى النفوس والتباهي بعدد أمينات السر والموظفات اللاتي عندهم، ولأن المرأة مشاكلها - غالباً - قليلة ومحدودة ولا تطمح لمنافسة رئيسها في العمل، بعكس الشباب الذين لديهم طموحات وآراء قد تكون مغايرة لآراء رئيسهم المباشر.
وبعملية حسابية بسيطة؛ نستطيع تبين مدى تأثير عمل النساء على زيادة نسبة البطالة والتضخم، فلو فرض أن عدد الوظائف المتاحة في الدولة كانت عامرة بنسبة 100%، ثم صدر قرار بزيادة عدد العاملين بنسبة 50% من النساء، فإنه نظراً لضعف الاقتصاد ومحدودية مصادر الدخل وطبيعة الوظائف المتوفرة ومعظمها إدارية ومكتبية لا تنتج شيئاً؛ فالحكومة أمام أربع خيارات وكلها تؤدي إلى زيادة نسبة البطالة والتضخم:
فإما أن تستغني عن نصف القوة العاملة من الذكور وتعويضهم بالإناث، وبالتالي تتضرر أسر الرجال الذين تم تسريحهم.
وإما أن توزع الأموال المتوفرة لديها على 150%، وبالتالي ينقص راتب كل واحد بمقدار الثلث، ويصبح لا قيمة له نتيجة الارتفاع المتوالي في الأسعار.
وإما أن ترفع الأسعار بنفس النسبة التي زادت بها الأجور والحوافز وتكاليف الإنتاج والمباني الحكومية والمنشآت الإدارية ولوازم العمالة الإضافية والمواصلات... إلخ.
وإما أن تسحب العملة الورقية "على المكشوف" بدون رصيد لها، وهي كارثة في المنظور البعيد، أو تستدين من البنوك العالمية الربوية وتصبح الدولة - بسكانها الحاضرين والقادمين - عبيداَ لتلك البنوك ورهينة للقروض التي حصلوا عليها، فتتحكم فيهم من ناحية تطبيق القوانين التي تصدرها من خصخصة وغيرها، وبالتالي فقدان عشرات الآلاف من العمال الرجال لوظائفهم ومن ثم زيادة نسبة البطالة... وهكذا!
الآثار الاجتماعية الخطيرة لعمل المرأة:
فهذه هي النتيجة الأولية لتوظيف النساء، وهناك نتائج أخرى في منتهى الخطورة لا تلقي الدول لها بالاً منها:
1) ارتفاع معدل الجريمة وإدمان المخدرات نتيجة البطالة في وسط الشباب وعدم القدرة على الزواج.
2) ضياع المرأة بين وظيفتها كأم وربة بيت ومسؤولة عن رعيتها، ووظيفتها خارج البيت في المصنع أو المكتب أو المعمل، فتضيع صحتها، ويهرم شكلها بسرعة، وتصاب بالأمراض النفسية والعصبية، وتفقد أولادها وزوجها ونفسها، وليتها توفر لهم المقابل المادي لكل هذه التضحيات، ولكن المتبقي من راتبها لا يوازي إحدى هذه التضحيات بعد اقتطاع أجرة المواصلات الشهرية والملابس التي تشتريها وأدوات الزينة، ومصاريف الحضانة التي ترمي فيها أطفالها الرضع أو الذين لم يبلغوا سن التعليم الإلزامي، فيموتون ويمرضون - صحياً ونفسياً - فلا يشعرون بأدنى عاطفة أو احترام لأمهم وأبيهم، بالإضافة إلى أجرة الخادمة التي تنظف لها البيت وتعد لها وللأسرة الطعام والملبس ومكان الدراسة والنوم نيابة عنها.
3) ضياع الأسرة بضياع قوامة الرجل، حيث لم يعد هو العائل الوحيد للأسرة بعد أن صارت زوجته تشارك في نفقات البيت بنفس ما يشارك به وربما زادت عنه، وبالتالي يصير لها صوت مسموع ورأي لا يمكن تجاهله في كل القضايا التي تهم الأسرة، خاصة بعد أن فقدت حياءها نتيجة الاختلاط بالرجال وتعودت على الجدال ورفع الصوت في حضرتهم، وهذا من أهم أسباب حالات وقوع الطلاق.
بالإضافة إلى أن فقدان الحياء من أكبر مسببات الوقوع في الفاحشة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [رواه البخاري: ح5655].
ونتيجة لهذا التداخل بين سلطات الرجل وامرأته؛ يختل نظام الأسرة كله، لأن المركب التي لها ربانان لابد أن تغرق بعد انقسام الولاء في داخل الأسرة لمن يدفع للأولاد!
والمصيبة تكون أعظم إن كانت المرأة في درجة وظيفية أعلى من درجة زوجها، أو إذا كان راتبها أعلى من راتبه، ولنا أن نتخيل كيف يكون الوضع في البيت إن كانت المرأة مديرة أو وزيرة أو نائبة في المجلس النيابي أو المحلي، وزوجها إنسان عادي بسيط أو لم يصل إلى هذه المرتبة السياسية أو الإدارية!
4) زيادة عدد حالات الطلاق وكذلك عدم الإقدام على الزواج من قبل النساء العاملات، لشعورهن أنهن يستطعن الاستغناء عن الرجال، طالما أن الواحدة منهن لديها راتب فهي في غنى عنه مالياً، ولا تحتاج لحمايته طالما أن والدها لازال على قيد الحياة، فيفضلن الاستقلالية والهروب من تحمل المسؤولية والاقتداء بالنساء الكافرات والخارجات عن السنة الربانية في هذه الناحية، رغم أن علماء الاجتماع في المجتمعات الكافرة؛ يطالبون بعودة المرأة إلى البيت وأحضان الأسرة وإرضاع أطفالها وتربيتهم فيه بدلاً من الحضانات.
ولو بقيت المرأة في بيتها ولم تنافس الشباب في الوظائف فسوف تقل نسبة البطالة وترتفع الأجور ويتم توفير المصاريف التي تنفقها المرأة العاملة مما ذكرناه سابقاً، ويقل الفساد في المجتمع نتيجة صون المرأة في البيت بعيداً عن المهيجات والمؤثرات الخارجية لكلا الجنسين، وقدرة أكبر عدد من الشباب على الزواج وبالتالي تقل نسبة العنوسة في المجتمع، ويتربى النشء تربية صالحة
على يد أمه وليس على يد الخادمات الجاهلات غير المسلمات، ويرتاح الرجل نفسياً ومادياً فيزيد عطاؤه ويعظم إنتاجه.
وعلى هذا؛ فخروج المرأة للعمل وممارسة حقوقها السياسية لم يفد إلا مرضى القلوب وأساطين نشر الفاحشة والرذيلة، والهادفين لتدمير كيان الأسرة المسلمة لتحقيق أهداف الصهيونية العالمية من إضعاف للأمم ليسهل السيطرة عليها، وبالطبع أصحاب محال بيع الملابس ولوازم الزينة للنساء.
إن الذين يطالبون - زوراً وبهتاناً - بإعطاء المرأة كامل حقوقها السياسية والمالية والاجتماعية؛ إنما فقدوا رجولتهم ودينهم وشرفهم، وقصدهم هو اصطياد النساء وإيقاعهن في شباك الرجال الذين لا خلاق لهم، وهدم كيان الأسرة التي تشكل اللبنة الأساسية في تركيبة المجتمع المسلم.
همسات في آذان هؤلاء:
فيا أيتها المرأة المسلمة...
تنبهي لما يراد لك من المكائد، وإياك أن تنصاعي وراء الدعوات الهدامة تحت مسمى "تحصيل العلم" أو "الترقية في الوظيفة" أو "قيادة الحركات النسائية" و "ممارسة الحقوق السياسية للمرأة"، على حساب الزواج أو إهمال رعاياكن من الزوج والأبناء.
واعتبرن بمن سبقكن في الحصول على أعلى الدرجات العلمية أو الوظيفية ثم تعالى صراخهن: "خذوا شهاداتنا ودرجاتنا وأعطونا طفلاً أو أعطونا زوجاً"! ولكن بعد فوات الأوان!
ولا تلجأن إلى المحاكم وتقبلن الأحكام الوضعية الكفرية لمعاقبة أحد من الرجال على ما أباحه الله له من تعدد الزوجات والطلاق وغيرهما فتخسرن الدنيا والآخرة!
ويا أيها الرجال...
لا تتخلوا عن رجولتكم وقوامتكم ورعيتكم الذين استرعاكم الله إياهم، وإياكم والانصياع للدعوات التحررية المزعومة، أو الانشغال في توافه الأمور والتخلي عن تربية بناتكم على وجه الخصوص لأنهن هن المستهدفات من هذا الهجوم الكاسح على قيمنا وأخلاقنا، واتقوا الله في نسائكم فالعدل والمساواة مطلوب بينهن، فلا تميلوا كل الميل فتذروا إحداهن كالمعلقة، وتسيئوا إلى الإسلام وحكمته البالغة.
ويا أيها المسلمون...
انهضوا وانتفضوا على حكوماتكم التي تسوقكم إلى الهلاك من خلال تطبيق جميع الأنظمة والقوانين الكفرية والإباحية، وارفضوا التشريعات التي تخالف دينكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فالفلاح كل الفلاح في اتباع الشرع الحنيف في كل شئون حياتنا، والضياع كل الضياع في الابتداع والانبطاح للأنظمة المبدلة للشرع الحنيف، الصادة عن أسباب سعادة المسلم في دنياه وآخرته.
والله من وراء القصد.
بقلم؛ محمد سالم عبد الحليم
مجلة؛ طلائع خراسان، العدد الرابع
26/شوال/1426 هـ
وبعد...
فالمتابع لمسيرة البشرية عبر القرون المتطاولة؛ يلاحظ أن المرأة كان لها دور كبير وأثر خطير في مجريات الأحداث خلال فترات من الزمان، وكانت سبباً مباشراً في زوال إمبراطوريات وممالك عظيمة عندما تم إخراج المرأة عن الدور الذي خلقت له وأصبحت سلعة رخيصة لإشباع الشهوات الجنسية البهيمية للرجال وتفنن المتفننون من شياطين الإنس في إثارة الرغبات الجنسية لدى الشعوب وخاصة في أوساط الشباب الذين هم ثروة الأمم ومستقبلها.
ونتيجة الغرق في الشهوات؛ لم تستطع الأجيال التي عاصرت تلك الحقب الإبقاء على تلك الحضارات والممالك، وبالتبعية؛ فشلت الأجيال اللاحقة في استعادتها، بل ازدادت غرقاً في تلك الأوحال، في غياب الدين الذي يعصم الناس من الزلل، ويرشِّد أخلاقهم ويهذِّب سلوكهم، فكان ما وصلنا إليه وتعاني البشرية من ويلاته عقوبة من رب السماوات والأرض للغارقين في حمأة الجاهلية وأوحال الرذيلة.
والكل يعلم الحال الذي وصلت إليه الحضارة الغربية الحديثة نتيجة الانسلاخ من الدين والاستسلام لأساطين الكفر من اليهود، الذين أوصلوا البشرية إلى مرتبة أحط من مرتبة الحيوان فيما يتعلق بقضية الجنس، مما يهدد بزوال تلك الحضارة، وانقراض أصول وعرقيات للمجتمعات الغربية عن بكرة أبيها.
ولما كان الدين الإسلامي والتراث الإسلامي والأخلاقي للمجتمعات المسلمة قد عصمهم من الوصول إلى هذه الدرجة من الانحطاط بنفس السرعة التي وصل بها إلى المجتمعات الغربية المنحلة، كان لابد من أن يركز الغرب على آخر معقل لدى المسلمين يتحصنون به بعد أن فقدوا الحصون الإقليمية والدولية، ليحميهم من الوبال والدمار الذي تساق إليه البشرية سوقاً.
فكان مكر الليل المتصل بمكر النهار، منذ عدة قرون لإخراج المرأة المسلمة من بيتها بدعوى أنها تمثل نصف المجتمع، فلابد أن تتحضر وتتغير نظرة المجتمعات الشرقية إليها، مع إعطائها مكانتها في الصدارة جنباً إلى جنب مع الرجل، وإعطائها كافة "حقوقها الإنسانية"، خاصة أن قوانين الدول العربية لا تعتبر معاقبة الزوج لزوجته - أو ما يسمونه "العنف المنزلي" - جريمة، وينص القانون الجزائري - كمثال -؛ على أن إطاعة الزوج واجب على كل زوجة، وهذا يتنافي مع مساواتها له!
وهكذا شرعوا في تغيير القوانين والسلوكيات والأفكار والمعتقدات، وتواصوا ألا يتركوا مجتمعاً من المجتمعات المسلمة إلا ويخرجوا نسائه من بيوتهن للدراسة والعمل، ثم للفجور والفاحشة، عن طريق الإعلام والتعليم وقوانين الأحوال الشخصية والقوانين المنظمة للشئون الاجتماعية والسياسية في دساتير الدول المسماة بالإسلامية، مع ترك مرحلة التدرج للحكومات العميلة لتحدد - طبقاً لمشورة الخبراء الأمريكيين والغربيين - الخطوات العملية لسلخ المرأة المسلمة من الأسرة والعائلة والمجتمع، مع ترتيب كل الوسائل والأسباب التي تدفعها للانحراف دفعاً، تحت شعارات "الحقوق السياسية" و "الدفاع عن حقوق المرأة"، من خلال إدماجها في الجمعيات النسائية والأحزاب السياسية والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية.
مراحل استدراج المرأة:
ففي البداية تشجيع الأسرة على إخراج البنات للتعلم بشتى وسائل الإغراء، وسط حملات إعلامية مكثفة؛ تصم المسلمين بتعمد تجهيل النساء وهضم حقوقهن... إلخ.
فإذا تعلمت البنت وحصلت على الشهادة؛ صار عاراً على أهلها أن يبقوها في البيت بعد أن أصبحت متعلمة ومثقفة، وتحت ضغط الحاجة المادية والإلحاح من جانب البنت غالباً؛ ما ترضخ الأسرة وتوافق على خروج ابنتهم للعمل، ولا يعلمون - أو يعلمون - أن ابنتهم قد تشربت بالأفكار التحررية واختلطت بالشباب - الفاقد لمقومات الرجولة الحقة - والشابات المنحرفات أخلاقياً خلال سنوات دراستها في الجامعة وما يسمى بالمعاهد العلمية، وأنها جربت جو الحرية المزعومة في التعبير عن الرأي والمساواة والحرية الشخصية... إلخ مما يحسبونه من المكتسبات.
والعجيب أن الدول الإسلامية "المزعومة" - رغم مشاكلها التي لا تعد ولا تحصى على كافة الأصعدة والمستويات - تتناسى كل ذلك وتتواصى فيما بينها على تطبيق قوانين المرأة التي نصت عليها دساتير المنظمات الدولية والمجتمعات الغربية، ولذا نجد اهتماماً كبيراً بتغيير قوانين الأسرة من زواج وطلاق وحضانة وغيرها، والقوانين المنظمة للممارسات السياسية والحقوق العامة للمرأة، وكأن خروج المرأة من بيتها ومشاركتها في الحياة العملية والممارسة السياسية؛ هو الذي سيغير الوضع المأساوي للمسلمين ويعيد لهم مجدهم التليد وعزهم المفقود!
وهنا نتساءل: هل أفلحت الدول الغربية أو الشرقية التي أعطت المرأة كافة الحقوق السياسية والاقتصادية والمالية - كما يروجون - حتى وصلت إلى الإمامة العظمى ورئاسة الوزارة، وأصبحت وزيرة ومديرة؟!
وأين النساء الحديديات اللاتي حكمن وتولين رئاسة الوزارة في شعوب تدَّعي الديمقراطية - كبريطانيا وألمانيا وكندا وأمريكا والهند وسري لانكا وبنجلاديش وباكستان وغيرها - هل أفلحن في قيادة شعوبهن إلى التقدم والرخاء الاجتماعي والإصلاح الداخلي والخارجي، أم ذهبن مع الريح رغم الضجة المفتعلة التي صاحبتهن، وخانهن سداد الرأي والشجاعة في المواطن التي تحتاج للشدة والحزم، وانطبق عليهن قول الله تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [سورة الزخرف: 18].
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) [رواه النسائي: ح5293]؟!
التأثير الاقتصادي لخروج المرأة للعمل:
ولو قسنا الأمور بمقاييس الربح والخسارة في خروج المرأة من بيتها للعمل أو لممارسة حقوقها السياسية، فمن المستفيد ومن الخاسر في هذه المعادلة؟ وهل ساهم خروج المرأة من بيتها للعمل - أو لغيره - في حل الأزمات الطاحنة التي تواجهها شعوب الأرض قاطبة - وأهمها مشكلتا البطالة وانخفاض مستوى الدخل للغالبية العظمى من السكان - أم أنها زادت الأمور تعقيداً والأزمة استفحالاً؟
لقد نتج عن خروج المرأة للعمل والانخراط في الحياة السياسية آثار سلبية خطيرة جداً على المجتمع بوجه عام والأسرة بوجه خاص.
فالبطالة وصلت إلى معدلات قياسية في جميع أنحاء العالم بلا استثناء، سواء البطالة الظاهرة أو المقنَّعة، والجميع يعاني من شدة الأزمة الاقتصادية - اللهم إلا المنتفعين من تلك الأزمات والأثرياء، وهم قلة قليلة في كل دولة -
ومن ناحية أخرى كان هناك زيادة متتالية في نسبة التضخم، وارتفاع الأسعار ارتفاعاً حاداً بينما لا تزال الرواتب والأجور كما هي أو زادت زيادة محدودة.
والذي زاد الطين بلة في دول العالم المتخلف - وتندرج فيه الغالبية العظمى من الدول الإسلامية -؛ هو وجود الفساد الإداري على أعلى المستويات، وانتشار ظاهرة المحسوبية - أي تفضيل القرابة أو الواسطة عند من بيده سلطة التعيين على الكفاءة والخبرة والجنس للمتقدم للوظيفة - بالإضافة إلى تفضيل المدراء لتوظيف النساء لهوى النفوس والتباهي بعدد أمينات السر والموظفات اللاتي عندهم، ولأن المرأة مشاكلها - غالباً - قليلة ومحدودة ولا تطمح لمنافسة رئيسها في العمل، بعكس الشباب الذين لديهم طموحات وآراء قد تكون مغايرة لآراء رئيسهم المباشر.
وبعملية حسابية بسيطة؛ نستطيع تبين مدى تأثير عمل النساء على زيادة نسبة البطالة والتضخم، فلو فرض أن عدد الوظائف المتاحة في الدولة كانت عامرة بنسبة 100%، ثم صدر قرار بزيادة عدد العاملين بنسبة 50% من النساء، فإنه نظراً لضعف الاقتصاد ومحدودية مصادر الدخل وطبيعة الوظائف المتوفرة ومعظمها إدارية ومكتبية لا تنتج شيئاً؛ فالحكومة أمام أربع خيارات وكلها تؤدي إلى زيادة نسبة البطالة والتضخم:
فإما أن تستغني عن نصف القوة العاملة من الذكور وتعويضهم بالإناث، وبالتالي تتضرر أسر الرجال الذين تم تسريحهم.
وإما أن توزع الأموال المتوفرة لديها على 150%، وبالتالي ينقص راتب كل واحد بمقدار الثلث، ويصبح لا قيمة له نتيجة الارتفاع المتوالي في الأسعار.
وإما أن ترفع الأسعار بنفس النسبة التي زادت بها الأجور والحوافز وتكاليف الإنتاج والمباني الحكومية والمنشآت الإدارية ولوازم العمالة الإضافية والمواصلات... إلخ.
وإما أن تسحب العملة الورقية "على المكشوف" بدون رصيد لها، وهي كارثة في المنظور البعيد، أو تستدين من البنوك العالمية الربوية وتصبح الدولة - بسكانها الحاضرين والقادمين - عبيداَ لتلك البنوك ورهينة للقروض التي حصلوا عليها، فتتحكم فيهم من ناحية تطبيق القوانين التي تصدرها من خصخصة وغيرها، وبالتالي فقدان عشرات الآلاف من العمال الرجال لوظائفهم ومن ثم زيادة نسبة البطالة... وهكذا!
الآثار الاجتماعية الخطيرة لعمل المرأة:
فهذه هي النتيجة الأولية لتوظيف النساء، وهناك نتائج أخرى في منتهى الخطورة لا تلقي الدول لها بالاً منها:
1) ارتفاع معدل الجريمة وإدمان المخدرات نتيجة البطالة في وسط الشباب وعدم القدرة على الزواج.
2) ضياع المرأة بين وظيفتها كأم وربة بيت ومسؤولة عن رعيتها، ووظيفتها خارج البيت في المصنع أو المكتب أو المعمل، فتضيع صحتها، ويهرم شكلها بسرعة، وتصاب بالأمراض النفسية والعصبية، وتفقد أولادها وزوجها ونفسها، وليتها توفر لهم المقابل المادي لكل هذه التضحيات، ولكن المتبقي من راتبها لا يوازي إحدى هذه التضحيات بعد اقتطاع أجرة المواصلات الشهرية والملابس التي تشتريها وأدوات الزينة، ومصاريف الحضانة التي ترمي فيها أطفالها الرضع أو الذين لم يبلغوا سن التعليم الإلزامي، فيموتون ويمرضون - صحياً ونفسياً - فلا يشعرون بأدنى عاطفة أو احترام لأمهم وأبيهم، بالإضافة إلى أجرة الخادمة التي تنظف لها البيت وتعد لها وللأسرة الطعام والملبس ومكان الدراسة والنوم نيابة عنها.
3) ضياع الأسرة بضياع قوامة الرجل، حيث لم يعد هو العائل الوحيد للأسرة بعد أن صارت زوجته تشارك في نفقات البيت بنفس ما يشارك به وربما زادت عنه، وبالتالي يصير لها صوت مسموع ورأي لا يمكن تجاهله في كل القضايا التي تهم الأسرة، خاصة بعد أن فقدت حياءها نتيجة الاختلاط بالرجال وتعودت على الجدال ورفع الصوت في حضرتهم، وهذا من أهم أسباب حالات وقوع الطلاق.
بالإضافة إلى أن فقدان الحياء من أكبر مسببات الوقوع في الفاحشة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت) [رواه البخاري: ح5655].
ونتيجة لهذا التداخل بين سلطات الرجل وامرأته؛ يختل نظام الأسرة كله، لأن المركب التي لها ربانان لابد أن تغرق بعد انقسام الولاء في داخل الأسرة لمن يدفع للأولاد!
والمصيبة تكون أعظم إن كانت المرأة في درجة وظيفية أعلى من درجة زوجها، أو إذا كان راتبها أعلى من راتبه، ولنا أن نتخيل كيف يكون الوضع في البيت إن كانت المرأة مديرة أو وزيرة أو نائبة في المجلس النيابي أو المحلي، وزوجها إنسان عادي بسيط أو لم يصل إلى هذه المرتبة السياسية أو الإدارية!
4) زيادة عدد حالات الطلاق وكذلك عدم الإقدام على الزواج من قبل النساء العاملات، لشعورهن أنهن يستطعن الاستغناء عن الرجال، طالما أن الواحدة منهن لديها راتب فهي في غنى عنه مالياً، ولا تحتاج لحمايته طالما أن والدها لازال على قيد الحياة، فيفضلن الاستقلالية والهروب من تحمل المسؤولية والاقتداء بالنساء الكافرات والخارجات عن السنة الربانية في هذه الناحية، رغم أن علماء الاجتماع في المجتمعات الكافرة؛ يطالبون بعودة المرأة إلى البيت وأحضان الأسرة وإرضاع أطفالها وتربيتهم فيه بدلاً من الحضانات.
ولو بقيت المرأة في بيتها ولم تنافس الشباب في الوظائف فسوف تقل نسبة البطالة وترتفع الأجور ويتم توفير المصاريف التي تنفقها المرأة العاملة مما ذكرناه سابقاً، ويقل الفساد في المجتمع نتيجة صون المرأة في البيت بعيداً عن المهيجات والمؤثرات الخارجية لكلا الجنسين، وقدرة أكبر عدد من الشباب على الزواج وبالتالي تقل نسبة العنوسة في المجتمع، ويتربى النشء تربية صالحة
على يد أمه وليس على يد الخادمات الجاهلات غير المسلمات، ويرتاح الرجل نفسياً ومادياً فيزيد عطاؤه ويعظم إنتاجه.
وعلى هذا؛ فخروج المرأة للعمل وممارسة حقوقها السياسية لم يفد إلا مرضى القلوب وأساطين نشر الفاحشة والرذيلة، والهادفين لتدمير كيان الأسرة المسلمة لتحقيق أهداف الصهيونية العالمية من إضعاف للأمم ليسهل السيطرة عليها، وبالطبع أصحاب محال بيع الملابس ولوازم الزينة للنساء.
إن الذين يطالبون - زوراً وبهتاناً - بإعطاء المرأة كامل حقوقها السياسية والمالية والاجتماعية؛ إنما فقدوا رجولتهم ودينهم وشرفهم، وقصدهم هو اصطياد النساء وإيقاعهن في شباك الرجال الذين لا خلاق لهم، وهدم كيان الأسرة التي تشكل اللبنة الأساسية في تركيبة المجتمع المسلم.
همسات في آذان هؤلاء:
فيا أيتها المرأة المسلمة...
تنبهي لما يراد لك من المكائد، وإياك أن تنصاعي وراء الدعوات الهدامة تحت مسمى "تحصيل العلم" أو "الترقية في الوظيفة" أو "قيادة الحركات النسائية" و "ممارسة الحقوق السياسية للمرأة"، على حساب الزواج أو إهمال رعاياكن من الزوج والأبناء.
واعتبرن بمن سبقكن في الحصول على أعلى الدرجات العلمية أو الوظيفية ثم تعالى صراخهن: "خذوا شهاداتنا ودرجاتنا وأعطونا طفلاً أو أعطونا زوجاً"! ولكن بعد فوات الأوان!
ولا تلجأن إلى المحاكم وتقبلن الأحكام الوضعية الكفرية لمعاقبة أحد من الرجال على ما أباحه الله له من تعدد الزوجات والطلاق وغيرهما فتخسرن الدنيا والآخرة!
ويا أيها الرجال...
لا تتخلوا عن رجولتكم وقوامتكم ورعيتكم الذين استرعاكم الله إياهم، وإياكم والانصياع للدعوات التحررية المزعومة، أو الانشغال في توافه الأمور والتخلي عن تربية بناتكم على وجه الخصوص لأنهن هن المستهدفات من هذا الهجوم الكاسح على قيمنا وأخلاقنا، واتقوا الله في نسائكم فالعدل والمساواة مطلوب بينهن، فلا تميلوا كل الميل فتذروا إحداهن كالمعلقة، وتسيئوا إلى الإسلام وحكمته البالغة.
ويا أيها المسلمون...
انهضوا وانتفضوا على حكوماتكم التي تسوقكم إلى الهلاك من خلال تطبيق جميع الأنظمة والقوانين الكفرية والإباحية، وارفضوا التشريعات التي تخالف دينكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، فالفلاح كل الفلاح في اتباع الشرع الحنيف في كل شئون حياتنا، والضياع كل الضياع في الابتداع والانبطاح للأنظمة المبدلة للشرع الحنيف، الصادة عن أسباب سعادة المسلم في دنياه وآخرته.
والله من وراء القصد.
بقلم؛ محمد سالم عبد الحليم
مجلة؛ طلائع خراسان، العدد الرابع
26/شوال/1426 هـ
الانصاري- المساهمات : 30
تاريخ التسجيل : 03/11/2007
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى